بقلم : مراد السوداني**الأمين العام للاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين ثمة حزن غير رحيم ينخلُّ أرواحنا ونحن نتجرع مرارة المعاينة و(الفرجة) لأسرى الحرية في باستيلات النقيض الصهيوني . هؤلاء الذين ما زالوا يجهرون بفلسطين ومنحوها أرواحهم لتبقى عزيزة كريمة مهما تعاظم الوهم والغبشُ والالتباس ، وطغى السديم وهيمن زمن الرمل وتكاثر الرمليون . يظل الشهداء الأحياء ، السادة الأسرى قنطرة المواجهة الأشدّ وهم يواجهون بإرادتهم الراسخة وثباتهم المكين استراتيجيات النقيض الصهيوني الذي يريد تحويلهم إلى أرقام صمّاء ، وتغييبهم في ظلمات بعضها فوق بعض ، عَزْلاً وحصاراً وجوعاً ناقعاً ، وما زادهم ذلك إلّا ثباتاً وإصراراً على الحياة ، والانحياز لقيم الحرية الحمراء صُعُداً نحو تحرير فلسطين ، كلّ فلسطين . ها هي كلمات الأسير الفذّ ، والحرُّ الجماعي كمال أبو وعر تخترق الأسلاك الشائكة ، وتدق القلوب والأرواح المتمردة والمعافاة ، لتعلن بضوئها الساطع مواجهة الظلمة والظالمين الغزاة ، وتعلن بيان خروجها على الصمت والموت والتغييب ، وتدعونا جميعاً في الوطن والشتات ومعنا أحرار العالم ، لنرفع الصوت ونهزّ فضاء السكون لفضح العدو وأدواته . ها هو الأسير الجسور يجدّد باسم كل أسرى الحرية النداء فيما يشبه وصية جارحة ذابحة . فيقول : "إن أقسى أنواع الموت هو هذا الموت الذي لا صوت له ، لا أحد يسمعه يظل مدفوناً خلف الجدران يندثر في الصدى والنسيان ، فلا تكونوا أيها الناس مشاركين في هذا الصمت ، حنجرتي مخنوقة وكفن الموت يتكلم ، من يصغي ويحرك أوتار حنجرتي ويسمعني الآن .اكتب بحبرك عني وعبّر فأنت حرّ ، أما أنا أتجرّع المرّ". أيها الناس : هذه الكلمات المحمولة على التضحية والبذل والفداء والحزن والتعب والمرض والمواجهة الحاسمة مع السجّان الصهيوني وجلاوزة القمع والموت اليومي .. هذه الكلمات إعلان واضح وجليّ لنخوض موحدين معركة أبطالنا الأسرى في كل فضاء وساحة ومساحة ، لنعيد للعدالة المفقودة في الزمان الأخير بصرها وبصيرتها لإطلاق سراح أسرانا وكشف وجه الاحتلال الصهيوني البغيض الذي يسعى لاستهداف قلاع الأسرى وتحويلها إلى معازل منسية ومدافن للأحياء .قال المعري:"أراني في الثلاثة من سجوني". لكن كمال أبو وعر يقول : سجوني خمسة بكل سوء:اعتقال يزيد عن ثمانية عشر عاما.على قيد مرض السنوات منذ سنوات.قيد الكورونا بعدوى من السجان الاحتلالي.قيد الجسد المنهك والمثقل.قيد الخوف الناهش من اللحاق بموكب ثمانية شهداء أسرى قضوا منذ العام الفائت في باستيلات العدو بتقصد الإهمال. سجون خمسة وإرادة لا تنكسر.روح متمردة تكسر نصال الحصار والموت .. فطوبى للحر المتماسك ولرفاقه الأشداء. أيها الناس : إن الشهيد الحيّ ، والمناضل المكين كمال أبو وعرحمل في رسالته صوت كل الأسرى والمؤبدات الذين نهبت الزنازين أعمارهم وصمت العالم النذل عن معاناتهم ، ما يجعل من قضيتهم قضية كل حرّ يؤمن بالعدالة والحرية المشتهاة بما يليق بالأبطال وصنّاع المجد وأرّاخي الحكاية الفلسطينية التي يشكل السادة الشهداء والشهداء الأحياء فصلها الأطول والأجمل ، ودونهم يبقى كتاب البطولة مجتزأ وناقصاً . إن الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين يجدّد الوعد والعهد لأسرانا في سجون العدو الصهيوني أن يجعل قضيتهم رأس القضايا، وعلى سلم الاهتمام، حتى يدرك العالم ثقل المعاناة، وما يلاقيه أسرى الحرية من شظف وويلات في مدافن العزل والظلمة والموت اليومي. ثمة ظلمة راسخة ووجع مقيم ، وثمة حلم وأمل بأغصان الضوء التي تمحو الظلمة وحتماً ستفضح الظالمين الغزاة ، وتكون الحرية ، حصيدها النصر المبين بما هو جدير بفلسطين وأهلها المرابطين الصابرين وننتصر . أيها الصوت الحر حد السماء.. أنت نداء الفعل الذي يظل أنت المدى الممتد عنادا ومدادا وجسارة أنت الصوت الذي يرج الصمت والموت أنت الحر في زمن باهت وستبقى ورفاقك الميامين جمرة النزال وأيقونة العطاء حتى النصر والاستقلال والتحرير.