اعترفت وزيرة الثقافة مليكة بن دودة، بالتقصير في حق رواد الثقافة والفكر بالجزائر على غرار المفكر الراحل مالك بن نبي، معتبرة أن تهميش فكر مالك بن نبي قد فوّت الكثير على الجزائر بعدما حققت الدول الغربية تكتلاتها في حين كان يُنظّر مالك بن نبي لجهود مماثلة خلال خمسينيات القرن الماضي. قالت وزيرة الثقافة خلال إشرافها على افتتاح أشغال الندوة الوطنية حول فكر مالك بن نبي، بمكتبة الحامة، تحت شعار "في الإصغاء لشاهد على القرن"، وحضرها الوزير الأول عبد العزيز جراد، ووزير الشؤون الدينية ورئيس المجلس الأعلى للغة العربية صالح بلعيد إلى جانب الكاتب والوزيرة السابقة زهور ونيسي إلى جانب عدد من مفكرين وباحثين في فكر الراحل، إن المجتمع الجزائري فقد الكثير من المعالمه التي يتأسس عليها بعد إبعاده عن رموزه الفكرية والثقافية والفنية، مشددة على ضرورة منح رموز الثقافة الجزائرية حقها وربط ذاكرة المجتمع مع من انشغل فكريا بالأمة الجزائرية. واعترفت وزيرة الثقافة بحجم التقصير الذي طال فكر مالك بن نبي حيث قالت "نعترف اليوم بتقصيرنا في حق من فكر في لحظة انتشر فيها العقل العاطفي، رغم أنه لا يمكن أن يحيده إلا من يتنكر للعقل"، بالمقابل أكدت أنه لا يمكن احتكار فكر بن نبي كونه يحمل فكرا عالميا ويقرأه المسلم وغير المسلم. كما انتقدت غرق بعض الأطراف في العتب على رموز الثقافة الوطنية في الأدب والفكر والفن بدل نقاش أفكارهم، متسائلة "ما الذي تبقى من رموزنا، بعد الذي يطال فكرهم وشخوصهم من طرف من يفترض فيهم القيام على نقاشهم فكريا". وعددت الوزيرة من جهة أخرى مناقب المفكر بن نبي قائلة مالك بن نبي صاغ المعنى في لحظة فارقة في تاريخ الجزائر.. اختار طرح أسئلة جذرية، وبلغ الجوهر دون انتظار، وأضافت "مفكرنا يأمل في عقل ينتمي لفضاء التفكير، وأخرج في شروط صعبة، طروحاته، وكانت الثقافة مسألته"، وتابعت الوزيرة مالك بن نبي بيننا، لأنه سعى لتفسير الظواهر الثقافية والحضارية التي تعنينا، واقترح علاجات، وحمل هم مجتمعه". مضيفة: مالك بن نبي كان رؤيويا، عندما رأى العالم وراح يبشر بفكرة التلاقي الفكري، وبعد عقود من الزمن حقق العالم الغربي تكتلاته، وللأسف لم تتحقق تكتلات بن نبي المبنية على المعرفة ". وفي الأخير، أكدت الوزيرة، إن الحديث عن رجل بقامة من يسائل المفاهيم ويعاود تشكيلها أمر صعب، ولكن الاحتفاء به ومنحه مكانته الحقيقية ليس صعبا، بل يحتاج منا إن نعترف بالتقصير، وإن نستعيده من التاريخ ومن الآخرين، كما وعدت بإقامة ندوة وطنيّة سنويّة موضوعها المفكّر الرّاحل مالك بن نبي، وهذا ما يعد رد اعتبار لهذه الشخصية. وتم بالمناسبة تسمية القاعة الحمراء بالمكتبة الوطنية باسم مالك بن نبي، بالإضافة إلى تقديم فيديوهات ورسائل عائلية وشهادات حية حول الراحل. للإشارة، تندرج الندوة الوطنية الأولى حول أعمال المفكر مالك بن نبي في اطار احياء تراث هذا المفكر الذي ترك ارثا معتبرا يساهم في اشعاع الفكر مع الاشارة الى أن هذه الندوات تنظم منذ امس الاثنين و الى غاية 31 من الشهر الجاري عبر كامل ولايات الوطن. يذكر أن مالك بن نبي (1905-1973) هو أحد المفكرين البارزين في العالم الاسلامي خلال القرن ال20، وقد اختص هذا المفكر في مفاهيم "مشاكل الحضارة" و" قضايا الاستعمار" و" الثقافة" و"الفكر الاسلامي" و"شروط النهضة"، وفي حوزته ثلاثين كتابا باللغتين العربية و الفرنسية منها " ظاهرة القرآن" (1946) و" شروط النهضة" (1948) و" فكرة كومنولث اسل امي" (1958) و" مشكل الثقافة" (1959) و" مشكل الأفكار في العالم الاسلامي" (1970) ، و تشكل أفكاره الى غاية اليوم محور دراسات في مختلف جامعات العالم.