نظمت وزارة المجاهدين وذوي الحقوق الثلاثاء ندوة بمناسبة الذكرى ال90 لتأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، تطرق من خلالها أساتذة إلى مسار الجمعية والدور الذي لعبته إبان الحقبة الاستعمارية في حماية هوية الشخصية الوطنية وعقيدة الجزائريين. وتم خلال الندوة، التي حضرها شرفيا وزير الشؤون الدينية والأوقاف، يوسف بلمهدي، والمجاهدة والوزيرة السابقة، زهور ونيسي، استحضار الإرث التاريخي المجيد لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، التي أسست يوم 5 ماي 1931 بنادي الترقي بالجزائر العاصمة، وكان رئيسها العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس. كما تم استحضار رواد الجمعية، سيما عبد الحميد بن باديس والشيخ البشير الابراهيمي والعربي التبسي والطيب العقبي، الذين، كما أجمع المشاركون، "وضعوا على عاتقهم مسؤولية الدفاع عن مكونات الهوية الوطنية وعن حرية الشعب الجزائري الذي كان يواجه سياسة الفقر والتجهيل الاستعمارية، وكذا مسؤولية حماية عقيدته". وتم التنويه بنشاط الجمعية من خلال النوادي الفكرية الاصلاحية التي كانت تنظمها داخل الوطن وخارجه, حيث أصبحت تشكل "المشكاة التي تنير عقول الجزائريين حول مسألة الهوية والحرية والعقيدة". وفي هذا الشأن، قال الأمين العام لوزارة المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، أن جمعية العلماء المسلمين "أنشئت في فترة عصيبة من تاريخ الجزائر المعاصر وهي فترة الاستعمار الفرنسي الذي استعبد الإنسان واستغل الخيرات واستباح المقدسات وحرم الشعب الجزائري من أبسط حقوقه وقفز به إلى هامش الحضارة والتاريخ وفرض عليه معاناة التجهيل والفقر". وأضاف المتدخل أن الجمعية "ساهمت خلال مسيرتها في إعداد رواد الفعل التحرري وزودت ثورة التحرير المجيدة بأبطال وقادة مازالت مآثرهم ماثلة أمامنا في الذاكرة الوطنية"، مشيرا إلى أن "الجمعية التي كانت ولازالت مدرسة وطنية أصيلة تتعلم فيها الاجيال القيم الوطنية الخالصة، قد ساهمت في اعداد اجيال وفق النهج النوفمبري, وكانت دوما صوتا جهيرا وأذانا بالحق عاليا". أما الاستاذ والمفكر عمار طالبي فقد تطرق إلى منهج الشيخ بن باديس "الفكري الذكي" والاستراتيجية الثقافية التي رصدها باستعمال النوادي الثقافية والمدارس والمساجد وبإنشاء جرائد بهدف ترسيخ الهوية الوطنية، مؤكدا أنها "كانت استراتيجية ناجحة". ومن جهته، تحدث الاستاذ مولود عويمر، وهو رئيس تحرير مجلة "التبيان" التي تصدرها حاليا جمعية العلماء المسلمين الجزائريين, عن أعمال ورصيد والتجربة الاصلاحية الفكرية للجمعية وظروف نشأتها. وأوضح بأن "جمعية العلماء المسلمين الجزائريين لم تؤسس بطريقة ارتجالية أو بتسرع، ولا كرد فعل على الاحتلال الفرنسي الذي كان يحتفل بالذكرى المئوية لتواجده على التراب الجزائري، بل هي تتويج لجهود سابقة".