الاعتقاد السائد في الماضي أن السرطان هو نتيجة خطأ ورائي. أما الآن، وبعد الزيادة الكبيرة في المعرفة الطبية، فإننا نفهم المزيد عما يحدث في الخلايا عندما تتحول إلى خلايا سرطانية. فالواضح أن خطأ ما في آلية التحكم يجعل بعض الخلايا تخرج عن التقيد بقيود النمو الطبيعي في المناطق المتواجدة فيها من الجسم. والسؤال الآن هو هل هذه التغيير في آلية التحكم يورثه الأهل للأولاد نتيجة خطأ وراثي؟ أم أنه نتج عن شيء ما حدث أثناء حياة الفرد؟ فإذا كان الخطأ منقولا من الأهل إلى الأولاد، فإننا في هذه الحالة نلوم الوراثة، أما إذا كان ناتجا عن تعطل آلية التحكم خلال حياة الفرد، فإننا نلقي اللوم على العوامل البيئية. وتشير التقديرات إلى أن 80% على الأقل من جميع حالات السرطان يلعب فيها العامل البيئي دورا ما. إذ يحدث هذا العامل التغييرات التي تسبب تحول الخلايا الطبيعية إلى سرطانية. وهذا الفهم للتأثير الهائل للعوامل البيئية هو تطور مشجع لأنه يشير إلى أن الاهتمام يجب أن يتركز على تحديد العوامل التي تعرض للإصابة بالسرطان كي يتم تجنبها. فبعض الأشخاص معرضون من الأساس أكثر من غيرهم لهذه العوامل البيئية المعاكسة. فقد يدخن شخصان العدد ذاته من السجائر يوميا، ويتنشقان الدخان بنفس الكيفية. ولكن قد يصيب أحدهما السرطان بعد عشرين سنة في حين قد لا يتعرض الآخر للإصابة بهذا الداء أبدا. أما العوامل التي تسهم في ظهور السرطان فهي معقدة. فبعض أنواع السرطان قد تنتج عن مجموعة عوامل بيئية تعمل معا مقوية ومساندة لبعضها البعض.