كان من المفترض أن يمثل العقدان الماضيان بداية الانتقال من «القرن الأميركي» إلى «القرن الصيني» كما يتضح من ازدهار الناتج المحلي الإجمالي للدولة الأكثر اكتظاظاً بالسكان، والسيطرة على التصنيع والتجارة العالمية، ومؤخراً استعداد التكنولوجيا المتقدمة لتجاوز كل شيء تقريباً في الغرب. لكن توزيع أموال العالم يقول غير ذلك، إذ إن القوة الطاغية للصين تنعكس على القيمة السوقية لأكبر عشر شركات في العالم، سبع منها أميركية تمثل أكثر من 78 في المائة من حقوق المساهمين في المجموعة، وفقاً للبيانات التي جمعتها وكالة أنباء «بلومبرغ». بصرف النظر عن صعودها القصير مع أربع من تلك الشركات، أو 42 في المائة من ال10 الأوائل في عام 2008 خلال ما كان أسوأ ركود اقتصادي في الولاياتالمتحدة منذ «الكساد الكبير»، لا تزال الصين في حالة ركود. يتجنّب المستثمرون الوقود الأحفوري (الصين هي الملوث الأول بنسبة 30 في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، أي ضعف الكمية التي تنتجها الولاياتالمتحدة)، حيث يسرع التهديد الوجودي لتغير المناخ من تفضيل الأنواع الأقل انبعاثاً. باستثناء شركة «أرامكو السعودية»، التي تم طرحها للاكتتاب العام في ديسمبر (كانون الأول) 2019 كأكبر شركة في العالم، فإن غالبية الشركات المتبقية من ال10 الأوائل أمازون، ومقرها سياتل، وألفابيت في «ماونتن فيو» بكاليفورنيا، و«مينلو بارك» وفيسبوك ومقرهما كاليفورنيا، و«تسلا إنك» و«بالو ألتو» في كاليفورنيا، و«أوماها»، و«بيركشاير هاثواي إنك» و«شينزن»، و«تنسينت هولدنغز» في الصين، و«هيسنشو» التي تنتج أشباه الموصلات في تايوان، فإن هذه الشركات كلها تعمل في مجال التكنولوجيا والاتصالات وكل ما يشغل بال المستهلك بشكل مباشر. تعد الصين أكثر بقليل من 4 في المائة من الشركات الأكثر قيمة، وأقل من 6 في المائة من ثقلها التكنولوجي. وتعد «بيركشاير هاثاواي» هي الوحيدة المتبقية من صناعة القرن العشرين في مجموعة النخبة، وفقاً للبيانات التي جمعتها «بلومبرغ»» عن الطاقة النظيفة أو البديلة. ويعمل ثاني أكبر اقتصاد الآن على تقييد أقوى شركاته، بما في ذلك التجارة الإلكترونية ومقرها مدينة هانغتشو، بما في ذلك شركة «علي بابا هولدينغ ليمتيد»، والشبكات الاجتماعية وأنظمة السداد المالي وغيرها. أيضاً انخفض مؤشر ناسداك غولدن دراغون الصيني، الذي يضم 98 شركة صينية كبرى يتم تداولها علناً في الولاياتالمتحدة، بواقع 14 في المائة منذ 22 يوليو (تموز)، وهو ما يمثل خسائر قدرها 120 مليار دولار وأزاح مجموعة «علي بابا» عن ال10 الأوائل، وفقاً لبيانات جمعتها «بلومبرغ». حتى قبل الحملة الحكومية، عندما أصبحت «أرامكو» السعودية الشركة الأولى قبل 20 شهراً، مثلت كل من آبل ومايكروسوفت وأمازون وألفابيت وفيسبوك وفيزا إنك ومقرها سان فرانسيسكو 71 في المائة من قيم الأسهم الأكثر، مثلت التكنولوجيا فيها أكثر من 75 في المائة. كانت الصين تمثل 12 في المائة فقط في تلك المرحلة، وهو تحسن مقارنة بعدم وجودها بين ال10 الأوائل في عام 2016 عندما كانت المجموعة أميركية بالكامل، وفقاً للبيانات التي جمعتها «بلومبرغ». ولا يزال غزو الصين الحديث في مجال التكنولوجيا أقل من وضعه عندما اعتلت 10 شركات صينية الأسواق في عام 2011، عندما شكلت شركة «بتروتشاينا المحدودة» و«البنك الصناعي والتجاري الصيني»، وكلاهما مقره في بكين، نسبة 21 في المائة من حقوق ملكية المجموعة عندما كان الوقود الأحفوري يمثل ما يقرب من 50 في المائة والتكنولوجيا أقل من 30 في المائة. تتفاقم ندرة الأسهم الصينية بين الشركات الأكثر قيمة من خلال الطلب غير المسبوق في سوق الأوراق المالية، حيث جمعت الشركات رقماً قياسياً قدره 1.2 تريليون دولار من خلال العروض العامة الأولية في عام 2020 و909 مليارات دولار العام الجاري، وفقاً لبيانات جمعتها «بلومبرغ». تمثل الصناعات المصنفة على أنها ابتكار وتقنية 80 في المائة من ال10 الأوائل، وهو أكثر بواقع 30 في المائة عن عام 2011، عندما كانت قيمة «آبل» أقل من أربعة أضعاف مبيعاتها السنوية، مقارنة بأكثر من سبعة أضعاف إيراداتها اليوم. كما تم تداول أسهم «تسلا» التي تم طرحها للاكتتاب العام بعد أن تضاعفت مبيعاتها 17 مرة مقارنة بعام 2010، وفقاً لبيانات «بلومبرغ». لا أحد يجسد هذا الاتجاه أكثر من كاثي وود، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «أرك أنفستمينت مانيجمنت» الذي يعد أفضل منتقي الأسهم على مدار السنوات الخمس الماضية بين 419 صندوقاً مشتركاً للأسهم أو الصناديق المتداولة في البورصة ومقرها الولاياتالمتحدة بحد أدنى 5 مليارات دولار، وفقاً لبيانات «بلومبرغ». وها قد باعت مؤسسة «أرك إنوفيشن إي تي إف»، التي تعد أكبر صناديقها المتاجرة بالعملات، غالبية ممتلكاتها الصينية بنهاية يونيو (حزيران) وباعت الباقي الشهر الماضي. الشرق الأوسط بالاتفاق مع «بلومبرغ»