المستثمرون الأجانب على حافة الهاوية بسبب مخاطر غير معروفة، مع تحول عملاق طلب السيارات إلى حالة اختبار لقانون الأمن السيبراني الجديد في الصين. يُطلق الصينيون اسماً مستعاراً على المستثمرين غير المخضرمين في الأسهم، إذ يسمونهم «الثوم المعمر»، وهو محصول صحي يمكن أن يزدهر بعد فترة قصيرة من الزراعة، الذي يستمر في الظهور مراراً وتكراراً – تماماً مثل الهواة الذين يطاردون الأسهم الخاوية وشركات الفحص الخالية من أجل الحصول على عوائد مذهلة. ويبدو أن السوق الأميركية هي المكان المثالي للشركات الصينية لحصاد «الثوم المعمر». هذا بالتأكيد يبدو مثل ما يحدث مع شركة «ديدي» العالمية، عملاق طلب السيارات. بعد أيام فقط من قيام الشركة بالتخلص من أحد أكبر العروض العامة الأميركية هذا العام، محققة بذلك 4.4 مليار دولار، أمرت الجهة الصينية المنظمة للفضاء السيبراني متاجر التطبيقات هناك بإزالة تطبيق «ديدي تشوسينغ»، مشيرة إلى حدوث انتهاكات خطيرة تتعلق بجمع الشركة للبيانات الشخصية واستخداماتها. جاءت هذه الخطوة الأخيرة بعد يومين فقط من قيام الأجهزة التنظيمية بمنع شركات البر الرئيسي الصيني من إضافة مستخدمين جدد، ووضع ممارسات الأمن السيبراني بالشركة قيد المراجعة. وقالت شركة «ديدي»، في بيان، إن المستخدمين الحاليين الذين قاموا بالفعل بتحميل التطبيق لن يتأثروا بتلك الإجراءات. ويعد هذا التحقيق في أعمال شركة «ديدي» هو الأول من نوعه الذي يقوم به مكتب مراقبة الأمن السيبراني في الصين. وهذا يجعل من الشركة اختباراً مهماً لتركيز بكين الجديد على أمن البيانات، تماماً كما حدث مع مجموعة «علي بابا» القابضة المحدودة. ويرجع ذلك إلى حملتها لمكافحة الاحتكار على شركات التقنية العملاقة، وشركة «آنت غروب»، من واقع إعادة تفكير الحكومة في دور شركات الإنترنت في الخدمات المالية. ونحن في منطقة مجهولة حالياً وفقاً للتدابير الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في العام الماضي، يمكن للشركات الخاضعة للتحقيق أن تحصل على النتائج الأولية في غضون 45 يوماً. والسؤال الأول هو لماذا قررت شركة «ديدي» الإعلان عن اسمها الآن، رغم تشديد التدقيق من جانب مختلف الإدارات الحكومية. وفي أبريل (نيسان) الماضي، استدعت هيئة تنظيم مكافحة الاحتكار، بالتعاون مع هيئة مراقبة الفضاء السيبراني، أكثر من 30 شركة إنترنت كبرى، بما فيها شركة «ديدي»، وطلبت منها إجراء عمليات تفتيش ذاتية عن ممارساتها المناهضة للاحتكار، وسياساتها الضريبية، والتزامها بالقوانين والأنظمة ذات الصلة. وبعد شهر، طلبت وزارة النقل من الشركة ضمان العدالة للمسافرين والسائقين، وسط احتجاج اجتماعي على المعاناة المستمرة للعاملين في الأوضاع الاقتصادية العسيرة. وطبقاً لمؤسسة «بيرنستين للأبحاث»، فإن السائقين في مدن المستوى الأول يكسبون نحو 10 آلاف يوان (1.500 دولار أميركي) شهرياً، أي أقل بنسبة 10 في المائة من متوسط الدخل في مثل هذه المواقع. إحدى الإجابات هي أن شركة «ديدي» لم تعد تلك الشركة الناشئة الجديدة. فالشركة التي بدأت كخدمة لاستدعاء سيارات الأجرة في عام 2012 تحولت إلى مؤسسة كبيرة: وشهدت الشركة اندماجاً كبيراً في عام 2015، مع استحواذ ضخم على «أوبر تشاينا» في عام 2016، وست جولات تمويلية كاملة. غير أن توقعات الشركة التجارية لا تتحسن – فالسوق في مدن الطبقة الأولى الأساسية قد أصبحت مشبعة، وصارت هوامش الربح ضئيلة للغاية. وربما كان هذا هو الوقت المناسب للظهور علناً. فضلاً عن ذلك، فإن كبار المستثمرين الأجانب في الصين يحتاجون إلى منفذ للخروج. وتمتلك شركة «سوفت بنك غروب» وشركة «أوبر للتقنيات» حصصاً تبلغ 20.1 في المائة و11.9 في المائة على التوالي. غير أن الإجابة الأكثر بساطة هي، لما لا؟ ففي نهاية المطاف، سمحت السوق الأميركية لشركات الاستحواذ للأغراض الخاصة، أو الشركات الصغيرة التي تبحث عن أهداف الاستحواذ، بجمع أكثر من 100 مليار دولار هذا العام. كما ازدهرت الأسهم الخاوية، رغم تحركات الشركات المتكررة لبيع أسهم جديدة في السباق المحتدم. وارتفعت أسهم شركة «إيه إم سي» الترفيهية القابضة، على سبيل المثال أكثر من 23 مرة هذا العام، رغم أن الشركة باعت أسهماً جديدة في شهري أبريل ويونيو. إذا كانت السوق معدة لهياكل الأسهم الضخمة والشركات الوهمية، لماذا لا تريد الشركات الصينية، التي تطاردها الأجهزة الرقابية الحكومية، اختبار مصيرها في نيويورك؟ وقد حاولت الولاياتالمتحدة جاهدة ردع الشركات الصينية عن الذهاب إلى المجال العام هناك، حتى أنها هددت بإجراءات الشطب من القائمة. ورغم هذا فإنهم يستمرون في جمع رؤوس الأموال الجديدة، ببساطة لأن المستثمرين لديهم شهية لذلك، بصرف النظر عن المخاطر. وتشير الغرامات الأخيرة، بما فيها تلك التي فُرضت على شركة «علي بابا»، إلى أن العقوبة تتراوح بين 2 إلى 3 في المائة من المبيعات السنوية للشركة. يمكن للشركات التقنية الكبيرة أن تدفع فقط وتواصل العمل. لكن مع انتهاكات شركة «ديدي» للأمن السيبراني، فإننا ندخل عالماً مجهولاً، يكون المستثمرون الأميركيون بمفردهم تماماً فيه. الشرق الأوسط بالاتفاق مع "بلومبرغ"