تعيش ولاية باتنة هذه الأيام على وقع حملة جني فاكهة المشمش الذي يتوقع أن يصل هذه السنة إلى حوالي 440 ألف قنطار بمردود متوسط ب 130 قنطارا للهكتار الواحد، حسب مديرية المصالح الفلاحية. وأهم ما يميز محصول هذه السنة 2012 حسب ما لاحظته وأج بمناطق متفرقة من الولاية مشهورة بإنتاج هذه الفاكهة هو"النوعية الجيدة" للثمرة مقارنة بالموسم الماضي الذي طغى عليه طفيلي "كورنيوم بيجيرنكي" مما أثر سلبا على تسويقه. وبمنطقة "سفيان" التي تشهد هذه الأيام جني أولى ثمار الموسم عبر منتجون عن تفاؤلهم بنجاح الحملة لاسيما وأن المنطقة بدأت تستقطب أول الزبائن الوافدين من بعض ولايات شرق وغرب البلاد. ولم يخف الفلاح "رقاعة أحمد" المعروف ب"بعيطيش" (76 سنة) ابتهاجه وهويجني باكورة محصوله لموسم 2012 بمنطقة "بور رقاعة" ب"سفيان" التي تضم 17 فلاحا من عائلة واحدة تمتلك حوالي 20 ألف شجرة مثمرة أغلبها من المشمش. وأوضح هذا الفلاح أن محصول هذا العام "جاء خاليا من الأمراض والطفيليات" ولم يتعرض لحبات البرد مما يجعل تسويقه سهلا و"وفق الشروط التي يضعها الفلاح ". وبمنطقة السدود غير بعيد عن المكان وقف الفلاح "بلوم السعيد" ببستانه الذي تثاقلت أغصان أشجاره بحبات المشمش النقية من كل شائبة وهو يتأمل محصوله قبل يوم واحد من الجني، مؤكدا أنه يتوقع "سعرا جيدا" للمحصول على خلاف الموسم الماضي وذلك "لنوعية الثمرة وقلة المنتوج نوعا ما" مقارنة بالموسم الفارط الذي عرف وفرة في الإنتاج ونوعية أغلبها تفتقر لمواصفات الزبائن "مما تسبب في كساد كميات كبيرة من المحصول وتلف أخرى وهي على الأشجار". أما بمنطقة "تيفران" التي شهدت في السنوات الأخيرة عملية واسعة لغراسة أشجار المشمش دخل معظمها في الإنتاج فإن أغلب الفلاحين يؤكدون على ضرورة تدعيم السقي والكهرباء لضمان عطاء البساتين التي أصبح "تواجدها مهددا"مثلما يقول الفلاح مقعاش السعيد (73 سنة). ويبدو أن جودة المنتج جعلت أغلب المنتجين الذين التقتهم وأج قبيل انطلاق حملة جني المشمش بأيام بمناطق "سفيان" و"نقاوس" و"أولاد سي سليمان" وحتى "تينيباوين" ينسون المشاكل المعهودة والمتمثلة خاصة في مشكل التسويق والسعر. وعلى غير العادة انطلقت التحضيرات لحملة جني المشمش بولاية باتنة منذ أربعة أشهر حسب ما استفيد من مصالح مديرية الفلاحة من خلال وضع آليات تأطير ومواكبة للعملية منها فتح ورشة لدى غرفة الفلاحة تضم كل المعنيين واقتراح برنامج عملياتي خاص بهم من طرف المشرفين على القطاع. وتم في ذات السياق حسب مدير الفلاحة تنصيب خلية تنسيق دائمة بغرفة الفلاحة تشارك فيها أهم الهيئات لتوفير المعلومة على مستوى الولاية ثم نقلها إلى المعنيين خاصة منهم المتعاملون المشرفون على عمليتي جمع وتحويل المنتج داخل وخارج ولاية باتنة إلى جانب النظر في أي طارئ قد يعرقل سير الحملة. وتقدر المساحات المنتجة لفاكهة المشمش - التي تشكل بولاية باتنة نسبة 25 بالمائة من مساحة الغراسات المثمرة – ب4400 هكتار. كما يعد انتاج هذه الفاكهة مورد رزق رئيسي بالنسبة للفلاحين والشباب بمناطق تواجده محليا ببلديات سفيان ونقاوس وأولاد سي سليمان ورأس العيون وعين التوتة ومعافة وكذا منعة. وكانت هذه الشعبة الهامة محليا موضوع تدخل قوي من طرف الدولة عن طريق الدعم لإنقاذ المساحات التي كانت مهددة بالتلف خلال التسعينيات بمنطقة نقاوس خاصة مع توسيع المساحات المغروسة واستبدال الأشجار الهرمة بأخرى جديدة، حيث قاربت قيمة الدعم لهذه العملية 1 مليون دج وجه أغلبها لتجنيد مياه السقي وتوزيعها. وتأتي منطقة "أولاد سي سليمان" في مقدمة المناطق المنتجة للمشمش بباتنة ب1.200 هكتار ثم نقاوس ب 1000 هكتار وبعدهما رأس العيون ب 300 هكتار لتتوزع المساحة المتبقية على مناطق أخرى من الولاية بدرجات أقل. ولوحظ في السنوات القليلة الماضية إقبال المستثمرين على مجال الصناعة التحويلية لهذه الفواكهة بمناطق الإنتاج بباتنة وخاصة المشمش، حيث ينتظر أن تدخل بعض الوحدات التحويلية مرحلة الاستغلال أثناء هذه الحملة في الوقت الذي يزداد فيه إقبال المحولين من مختلف أنحاء الوطن على منتوج الجهة. أما الوحدات الموجودة محليا فضاعف أغلبها من طاقة استقبال لهذا المنتوج منها من ساعدته الدولة في الموسم السابق لتسخير فضاءات لتخزين المنتوج حسب مسؤولي المصالح الفلاحية الذين أكدوا على وجود إرادة قوية لدى المشرفين على القطاع لفتح آفاق جديدة لخريطة الأشجار المثمرة بصفة عامة والمشمش بصفة خاصة من خلال تنويع الأصناف والأنواع وغرس أخرى جديدة لتفادي بعض الأمراض الطفيلية وتحسين نوعية الفاكهة. ويبقى رهان منتجي المشمش بولاية باتنة بعد أن حققوا تواجدا في السوق المحلية والوطنية "كما ونوعا" أن يرفعوا تحدي التصدير يقول رئيس جمعية "الأمل'' الفلاحية بسفيان رقاعة بلقاسم.