يرى الفنان الشكيلي محمد جوا أن العلاج بالفن هو إحدى الطرق العلمية التي تقوم على استخدام تقنيات إبداعية مثل الرسم والتلوين واستخدام الرموز والأشكال الفنية لمساعدة الناس على التعبير عن أنفسهم فنياً، وتزويدهم بفهمٍ أعمق لأنفسهم وشخصياتهم، مشيرا أنه يعتمد على الاعتقاد بأنّ التعبير عن الذات من خلال الإبداع الفني له قيمة علاجية، حيث يتم تدريب المعالجين بالفن على فهم الأدوار التي يمكن أن يلعبها اختيار اللون والملمس والشكل الخاص بالعمل الفني في العملية العلاجية وكيف يمكن لهذه الأدوات المساعدة أن تكشف عن أفكار الفرد ومشاعره وتصرفاته النفسية. قال الفنان محمد جوا لم يعد الرسم فنا فقط وإنما صار جزءا من العلاج حيث يعتمد في علاج الكثير من الحالات المرضية النفسية والمساعدة في علاج أمراض أخرى، لكنه قد يتخذ أحيانا شكل المثير حيث يثير انتباه المتلقي إلى أن الرسم بإمكانه أن يكون أداة للعلاج، من هذه الفكرة، يقول لفنان استوحي آخر أعماله التي يعرضها في رواق محمد تمام بالجزائر العاصمة إلى غاية 20 من شهر أكتوبر الجاري، حيث يؤكد من خلالها أن الفن التشكيلي قادر على معالجة الأنفس العليلة وقادر على تطبيب الأرواح المتألمة. وبحسبه بتوجيه من معالج فني معتمد، يمكن للعملاء فكّ شيفرة الرسومات والرموز والتي ينبغي أن تؤدي إلى فهمٍ أفضل لمشاعرهم وسلوكهم حتى يتمكنوا من المضيّ قدماً لحلّ المشكلات الأعمق التي تواجههم، والرسم يضيف الفنان كان أيضا علاجا للإنسان منذ القدم، فقد كانت تنتاب الإنسان بعض المخاوف من الحيوانات فكان يرسمها على الجدران، ثم أصبح الرسم وسيلة من وسائل تخزين الثقافة والكتابة، وتدريجيًّا أصبح الرسم نوعًا من أنواع الإبداع والعلاج الحاضر، فكلما تخيَّل الإنسان شيئًا في المستقبل وقام برسمه، حاول بعد ذلك أن يحققه. كما يرى محمد جوا أن الفنان لا يلزمه سوى دعامة بيضاء وألوان ليعبر بها عما يجول في نفسه، غير أنه يؤكد أن الفنان يجب أن يبحث كثيرا، وأن تكون له لمسته الفنية الخاصة التي يستطيع الفنانون الآخرون والنقاد وغيرهم قراءتها ومعرفتها. وعن موضوع معرضه يقول الفنان إن الرسم منظم للحياة، ولا بد من إعطائه قيمته في المجتمع، فهو علاج بامتياز للنفس الإنسانية، ضاربا المثل في هذا السياق بلوحته المتاهة التي يقول إنها تعبر عن كيفية التخلص من المشاكل والهموم من خلال الفن بما يحمله من أحاسيس وطاقة إيجابية، فالفن له دور هام في توازن الإنسان النفسي، مشيرا أنه استعانة بأعماله المعروضة تقنيات ومواد متنوعة كالزيت والأكريليك والكولاج، على القماش والورق، تجسد اللمسة الإبداعية لهذا الفنان ونظرته الجمالية إلى الحياة. واستلهم الفنان، أولاً وقبل كل شيء، حياته اليومية وحياة من حوله، من الطبيعة (بكل بهائها وتنوعها) ومن الأحلام، يصورها باعتماد الفن التجريدي الذي يسمح له بالفعل بطرح مقاربة فنية جديدة تمامًا، تنطوي على تغيير في الرموز الكلاسيكية للتصوير. ويقول جوا إن التجريد هو من اختاره وليس هو من اختار التجريد، وأنه ومن خلال التعبير التجريدي يستطيع أن يعبر عن نفسه وأحاسيسه ومشاعره، مضيفا بأنه يرسم في عالم من اللاوعي ومن خلاله تخرج مكبوتاته من تلقاء نفسها، ويقول الفنان أنه من خلال التجريد أيضا يحب أن يترك للمشاهد حرية تأويل اللوحات المعروضة وتفسيرها، كل وفقا لحالته النفسية والشعورية وثقافته أيضا، غير أنه يتطلع دائما إلى التقنيات الجديدة في الرسم. للإشارة، محمد جوا، فنان تشكيلي من مواليد 1974 بحجوط بولاية تيبازة، درس التشكيل في بداياته على يد الفنان الراحل سيد أحمد إسطمبولي، أحد أعمدة الفن التشكيلي في الجزائر، ليتخرج بعدها من المدرستين الوطنيتين للفنون الجميلة لكل من مستغانم ووهران. وشارك جوا في عدة صالونات ومعارض فردية وجماعية للفن التشكيلي بكل من الجزائر العاصمة وتيبازة، كما أنشأ العديد من الجداريات الفنية بعدة فضاءات بالولايتين، إضافة إلى تنشيطه لورشات خاصة بالرسم والفن التشكيلي، والفنان مصنف ضمن قاموس الفنانين الموهوبين الجزائريين، وعرض اسمه في كتب الفن الجزائري، وهو ملهم طلاب الفن من خلال قراءاته الفنية السيميولوجية المميزة، ولا يزال محمد جوا يطور أداءه باستمرار ويعمل دون هوادة في البحث والتنقيب من أجل ترقية فنونه وإعطائها طابعا خاصا بها، بهدف الترويج للفن الجزائري والعمل على تطويره والتعريف به وطنيا ودوليا.