يعتمد المنتخب الأرجنتيني على حضور جماهيره المكثف، سعياً لتجاوز عقبة المنتخب الكرواتي خلال المواجهة التي ستجمع الفريقين على استاد لوسيل، في نصف نهائي مونديال قطر 2022، ومن ثم تحقيق حلم التتويج باللقب الغائب عن خزانة منتخب التانغو منذ مونديال المكسيك 1986. وحسب تقديرات السفارة الأرجنتينية في قطر، خطط بين 35 و40 ألف أرجنتيني لحضور كأس العالم ومساندة منتخب بلادهم في مساعيه صوب إحراز اللقب الأول منذ 1986 والثالث في تاريخ التانغو، ما جعل جمهور "السيليستي" الأكبر في العاصمة القطرية إلى جانب مشجعي المكسيك والسعودية والآن المغرب. وتلقى ميسي ورفاقه الدعم طوال البطولة من الحماس القادم من المدرجات واستفادوا من ميزة الشعور كأنهم يلعبون على أرضهم تقريباً، ووحده المنتخب المغربي يتفوّق عليهم من ناحية الدعم الجماهيري في العاصمة القطرية من بين المنتخبات الأربعة الموجودة في نصف النهائي. ومنذ بداية نهائيات النسخة الثانية والعشرين، كان الجمهور الأرجنتيني العلامة الفارقة في الدوحة، وهو ما أشاد به قائد التانغو ليونيل ميسي، بقوله بعد الفوز على هولندا في ربع النهائي بركلات الترجيح: "نستفيد في هذه اللحظات من الأشخاص الموجودين هنا وفي الأرجنتين، حيث يشعر الجميع بنشوة الانتصار". وفي الأرجنتين، نقلت وسائل الإعلام المحلية الكثير من القصص لمشجعين ادَّخروا لمدة أربعة أعوام من أجل تحمل تكاليف الرحلة إلى قطر، وقاموا بتغيير ال"بيسو" إلى الدولار حتى لا يفقدوا قيمة ما ادَّخروه بسبب التضخم الذي بلغت نسبته 76. 6% منذ مطلع العام الحالي. وبحلم المنتخب الأرجنتيني بإحراز لقب طال انتظاره منذ 1986، حيث ينشد الأرجنتينيون في المدرجات "موتشاتوس" بمعنى "أيها الأولاد"، ثم يكملون هتافهم بالقول: "اليوم، بدأنا نؤمن مرة أخرى. نريد أن نفوز بالثالثة، نريد أن نكون أبطالاً للعالم". ويعول رفاق ميسي على الاستمرار في الحصول على دعم الجماهير لهم من أجل تخطي كرواتيا، الثلاثاء، ومن بعدها الفائز من مواجهة الأربعاء بين فرنسا حاملة اللقب والمغرب الذي يُمني النفس بمواصلة الحلم بعدما بات أول منتخب عربي وأفريقي يصل إلى نصف النهائي. وتصطدم أحلام المنتخب الكرواتي "الشجّاع" بقيادة نجمه المخضرم لوكا مودريتش، بطموحات النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي وفرصته الأخيرة لمنح بلاده لقبها الأول منذ 1986، حين يتواجهاناليوم الثلاثاء على ملعب لوسيل في نصف نهائي مونديال 2022. عندما دخلت كرواتيا نهائيات النسخة الثانية والعشرين كانت خارج الحسابات، لا سيما أن معظم نجومها الذين قادوها لنهائي عام 2018 تقدموا في العمر، وعلى رأسهم القائد مودريتش (37 عاماً). لكن رجال المدرب زلاتكوداليتش خالفوا التوقعات، وقادوا بلادهم إلى نصف النهائي الثالث في 6 مشاركات، بعدما أداروا مباراتي ثمن وربع النهائي بروح قتالية عالية سمحت لهم بتعويض تخلفهم أمام اليابان ثم أمام البرازيل في الوقت الإضافي، قبل أن يحسموا الأمور بركلات الترجيح بفضل الحارس المتألق دومينيك ليفاكوفيتش. وبعد مشوار "هادئ" إلى حد كبير في دور المجموعات حيث تأهل رجال داليتش في المركز الثاني ضمن منافسات المجموعة السادسة خلف المغرب بتعادلين وانتصار، جاء دور ليفاكوفيتش ليفرض نفسه بطلاً في الدور ثمن النهائي حين مزق قلوب اليابانيين في ركلات الترجيح. لاعبو داليتش عرفوا بعد ذلك كيفية التعامل مع البرازيل في نصف النهائي، والضغط الذي يسببه زملاء نيمار في تلك المواجهة، لتنجح كرواتيا في جر "سيليساو" إلى ركلات الترجيح، مانحين حارس دينامو زغرب فرصة جديدة للعب دور البطل، فكان على الموعد منذ الركلة الترجيحية الأولى التي نفذها نجم ريال مدريد الإسباني رودريغو. والسؤال الذي يطرح نفسه، يوم الثلاثاء، هل سينضم ميسي إلى صديقه العزيز وزميله في باريس سان جيرمان نيمار؟ بالتأكيد المهمة الكرواتية لن تكون سهلة بالتأكيد، إذ إن ذهاب فريق المدرب ليونيل سكالوني إلى ركلات الترجيح قد لا يثمر؛ لأن أبطال العالم (لمرتين) يملكون في صفوفهم حارس لا يقل براعة، هو إيميليانو مارتينيز الذي كان بطل التأهل إلى دور الأربعة بصده ركلتين ترجيحيتين للمنتخب الهولندي. . . سيناريو 2018 في الذاكرة ويعود الطرفان بالذاكرة إلى مونديال 2018 حين تواجها في دور المجموعات، ووقتها حققت كرواتيا فوزاً يبدو بعيد المنال تماماً في النسخة الحالية، إذ اكتسحت العملاق الأمريكي الجنوبي بثلاثية نظيفة سجلها أنتيريبيتشو مودريتش وإيفان راكيتيتش. في تلك النسخة، تصدرت كرواتيا المجموعة برصيد 9 نقاط كاملة واضطر ميسي ورفاقه إلى الانتظار حتى الجولة الختامية لحسم تأهلهم بالفوز على نيجيريا 2-1. وفي هذه النسخة، انتظر الأرجنتينيون أيضاً حتى الجولة الأخيرة لحسم التأهل بعد السقوط الصادم افتتاحاً أمام السعودية 1-2، قبل أن يكمل التانغو مشواره بنجاح في مونديال قطر 2022. وعندما وصلت كرواتيا إلى نصف النهائي عام 1998، في مشاركتها المونديالية الأولى بعد الاستقلال عن يوغوسلافيا، مرت أيضاً بالأرجنتين لكن النتيجة كانت حينها لصالح "السيليتسي" بهدف سجله إيكتور بينيدا في دور المجموعات. لكن موقعة الثلاثاء في لوسيل تكتسب أهمية أكبر بكثير بالنسبة للمنتخبين؛ لأن بطاقة النهائي على المحك، حيث يسعى ميسي إلى تكرار سيناريو 2014، حين قاد بلاده للمباراة الختامية للمرة الخامسة في تاريخها بعد 1930 و1978 و1986 و1990، على أمل أن ينجح في تعويض ما فاته قبل 8 أعوام حين سقط أمام الألمان 0-1. . . مودريتش يتحدى حلم ميسي رفع لوكا مودريتش لاعب خط وسط وقائد منتخب كرواتيا راية التحدي في وجه ليونيل ميسي ومنتخب الأرجنتين. وقال مودريتش في تصريحات لإحدى المحطات التلفزيونية الإسبانية: "أريد أن ألعب نصف نهائي آخر ضد فريق كبير، هذا ما أريده، والمواجهة المقبلة ليست ضد لاعب واحد فقط". وتابع: "بالطبع ليو ميسي لاعب كبير جدًا، إنه أفضل لاعب في المنتخب الأرجنتيني، وسنواجه الكثير من الصعوبات لإيقافه، لكننا مستعدون وسنقدم كل ما لدينا لإيقافه". وأضاف: "يبحث الجميع أكثر عن البلدان الكبيرة، ولكن نحن دولة صغيرة، ولا أحد يأخذنا في الحسبان، لكن ليس لدينا مشكلة في أن الآخرين هم المرشحون ونحن في الظل". وأردف: "هذا شيء لا يمكننا التحكم فيه، لا يمكننا إلا أن ننافس إلى أقصى حد، ونعطي كل شيء وهذا هو موطن قوتنا سواء في نسخة روسيا حين وصلنا إلى النهائي أو مونديال قطر". وأكمل: "لا أحد يتحدث عنا، لكنني رأيت فريقًا جيدًا وناضجًا للغاية، مع شباب جلبوا طاقة جديدة، منذ كأس الأمم الأوروبية، هناك حقيقة لم أكن أعرفها، أنه في 22 مباراة خسرنا مواجهة واحدة فقط، إنه شيء مثير للإعجاب". وواصل: "لقد لعبنا العديد من المباريات الجيدة وهذا يوضح الكثير عنا أيضًا، كنت واثقًا من أنه يمكننا فعل شيء ما، وبعد أربع سنوات، فإن التواجد في نصف النهائي مرة أخرى يعد شيئًا كبيرًا جدًا". واستطرد: "عندما تأتي تلك اللحظات، نظهر عقلًا قويًا للغاية، وهو أمر ضروري، لدينا إيمان بأن كل شيء سينتهي على ما يرام، رغم أنه ليس من السهل الوصول إلى هذه اللحظة". مودريتش واصل حديثه: "نرغب في إنهاء (المباريات) في وقت مبكر، وليس الذهاب إلى ركلات الترجيح مثلما حدث ضد اليابانوالبرازيل، لكننا على استعداد لبذل كل ما في وسعنا للفوز". وأعرب مودريتش عن شعوره بالمفاجأة بعد خروج إسبانيا من ثمن النهائي أمام المغرب، قائلا: "كنتُ أتوقع أن تصل اسبانيا إلى نصف النهائي أو حتى النهائي لأن لديهم مدرب كبير ولديهم فريق رائع لكن في كرة القدم اليوم من الصعب الفوز لأن كل الفرق صارت تقدم مستوى كبير".