نصر الله رمز للزعامة العربية ...وأردوغان الأنسب لرئاسة الجامعة العربية *أنا رجل مسكون بالسياسة منذ أن خرجت من فلسطين *لا يهم إن شنقوني أو عذبوني أو قتلوني المهم أن أقول ما أريد * إن كنت قد تعافيت فقد عافاني المسرح *لا رسالة للزعماء العرب... ومرحبا بزعماء جدد شباب *نحن لسنا بحاجة لعلبة سردين أو تونة.. نحن بحاجة إلى وقفة عربية *الهم السياسي سيظل يسكنني إلى أن أعود إلى بلدي أو يعود أحد أحفادي * منذ أن بدأت أفهم القضية الفلسطينية وهي تلبسني وألبسها قال بأنه لا يهمه إن شنقوه أو قتلوه أو عذبوه.. المهم أن يعبر عن قضيته، فهو رجل مسكون بالسياسة منذ أن خرج من فلسطين، وعاش حافي القدمين، أدماه الشوك والحجارة...إنه هو من لا يحب أن يساوم على هو... سألناه عن غزة، فقال لنا بأنها ليست بحاجة إلى علبة سردين أو علبة تونة وزجاجة حليب، وإنما هي بحاجة إلى وقفة عربية شجاعة تفك هذا الحصار... نادى بأن يقف القادة العرب وقفت حسن نصر الله، الذي يصرح ويفعل، واصفا إياه بنموذج الزعماء العرب. نفى عن نفسه بأنه لم يدع إلى إنشاء مسرح إسلامي، وإنما قال بأننا بحاجة إلى شرح الحالة الإسلامية للغرب. أعجب كثيرا بشخصية أردوغان، وأكد على أنه لو رشح نفسه للجامعة العربية لحضي بأعلى الأصوات... لم يرد أن يوجه رسالة إلى زعمائنا العرب، واكتفى بالمطالبة بزعماء جدد شباب، يغيرون معالم الخريطة السياسية على مساحة الوطن العربي.. قال بأنه إن تعافى فقد عافاه المسرح، الذي أعطاه كل ما يملكه من جوارحه وإمكانياته، فبينه وبين هذا الأخير علاقة عاشق ومعشوق... إنه الممثل السوري المعروف بابن الرومية، وصاحب دار إنتاج فني، إنه أبو القاسم عبد الرحمان. من خلال زيارتك الثانية لمهرجان المسرح المحترف، هلا قدمت لنا مقارنة سريعة لإيقاع طبعتي المهرجان لسنتي 2009/2010؟ أنا في المرة السابقة، كنت مشاركا في عرض مسرحي اسمه "بيان شخصي"، وهو مانودراما من تأليفي وإخراج الفنان جهاد سعد، كان وقتنا مشغولا وممتلئ، وذلك لتقديم عرضنا في أجمل صورة، لأنه كان العرض الأول لهذه المسرحية..أما هذا العام، في الحقيقة فقد كان لدينا متسع من الوقت، كوني كنت مكرما بأن أشاهد كل العروض التي قدمت على خشبة المسرح، شاهدت عدة أعمال لعدة جهات، والتي تسمونها المسرح الجهوي، ونحن نسميها مسرح المحافظات، ما أثلج صدري حقيقة، وأنا هنا أحاول أن أكون أنا، لأنني أنا لا يمكن أن أساوم على أنا.....العروض التي شاهدتها وضعتني أمام جيل شباب من الفنانين المبدعين المتحدين والمحترفين قولا واحدا. وما لاحظته على الممثلين الجزائريين الجهويين، أن هناك شحنة من الخلق والإبداع، تكمن داخل كل واحد منهم، وبالتالي قدم شحنته هذه في عرضه الذي شارك به على أكمل وجه، وهذا يبشر بموسم جيد لموسمنا الحصادي الذي زرعه من هم قبلنا في نفوس هؤلاء الممثلين. شاهدت مخرجين متميزين أيضا، حاولوا جاهدين أن يقدموا أفضل شكل مسرحي على الركح، وجاء اجتهادهم في محله وفي مكانه، فقدموا لنا نموذجا جميلا عن حالات الإبداع الإخراجي، التي تكمن وراء هؤلاء الممثلين المبدعين، أضف إلى ذلك السينوغرافيا في المسرح الجزائري، الذي أدهشني إلى حد بعيد، لأنه أصبح هناك تقليد مسرحي مهم في الجزائر، وأضيف أن ذلك مرجعه عدم وجود التلفاز الذي يحرق الفنانين بمحرقته الرهيبة، الكل هنا يهتم بالمسرح، ويناضل من أجل المسرح، ويتوارى لتقديم الأفضل. من خلال كلامك، هل يمكن أن نخلص إلى أن الممثل الجزائري استطاع أن يفك شفرة الجسد المسرحي، ليكون أداة تعبيرية حقيقية، تخدم مقولة النص ورؤية المخرج المسرحي؟ أنا لا أقول إننا أمام ممثل سوبرمان، الممثلون العرب بالمطلق لهم هم واحد واجتهاد واحد، ولكن هناك من هم متميزون، أكثرهم جزائريون، وهذا الكلام ليس للاستهلاك المحلي ولا للاستهلاك العربي..الممثلون الجزائريون معنيون بالحراك الدرامي، وبالتالي هم يصعدون معرفتهم العلمية والأكاديمية، حتى إن لم يكونوا أكاديميين في توظيف هذه المقولة باتجاه عرض مسرحي له. بما أنك تحدثت عن مسرحية البيان الشخصي، ألا تعتقد بأن المسرح السوري والمسرح العربي عموما بحاجة إلى كثير من الجرأة، خصوصا فيما يتعلق بالقضايا السياسية، وأن يفعلوا مثلما فعلتم في بيانكم الشخصي؟ أنا لا يهمني ماذا يريد الوطن العربي، هل يريد جرعة من الشجاعة أم لا يريد، أم يريد مسرحا قويا.. أنا في "بيان شخصي" أردت أن أقول همي الفني كفنان، وهمي السياسي كإنسان مسته السياسة، لأني رجل مسكون بالسياسة، منذ أن خرجت من فلسطين وعمري ستة سنوات، وعشت حافي القدمين، أدماني الشوك والحجارة، وبالتالي مازلت مسكونا بهذا الهم السياسي، وسيظل يسكنني إلى أن أعود إلى بلدي، أو يعود إليه أحد أحفادي.. لذلك فالمسألة كلها إذا قدمت عملا جريئا، ويأتي نظام ما، ويقول لي أنت تجدف..وأنت تخطيت الخط الأحمر..فعلينا أن نوقفك..أنا الآن في السبعين من عمري، ولم يعد يعنيني إن شنقوني أو قتلوني أو عذبوني. سألت يوما رجلا فلسطينيا عن سفن فك الحصار عن غزة، فأجابني بأنها مبادرة جيدة، ولكن ما تحتاجه غزة فعلا، هو تنازل فتحاوي ولين حماسي..فما تعليقك على هذا؟ أنا مع هذا القول، ولكنني أحب أن أضيف إليها أن غزة يا ابنتي ليست بحاجة إلى علبة سردين وعلبة تونة وزجاجة حليب، وهذا ما صرحت به أكثر من مرة.. فغزة بحاجة إلى وقفة عربية شجاعة تفك هذا الحصار، أنظري إلى السفن التي تذهب الآن مبحرة إلى غزة، متحدية الاحتلال الإسرائيلي...أنظري إلى حسن نصر الله وتصريحاته النارية، هذا الرجل الذي يصرح ويفعل...! من هو حسن نصر الله بنظرك؟ حسن نصر الله يعني نموذجا للزعامة العربية، أنا أتمنى أن يكون زعماؤنا في الوطن العربي يمتلكون الحس الثوري الوطني والعربي، وأضيف إلى حسن نصر الله "أردوغان"، فلو رشح نفسه للجامعة العربية لحضي بأعلى الأصوات، لأنه ضرب نموذجا في الوطنية اليعروبية ......معذرة زعماءنا العرب.... حب فلسطين يسري دما في شرايينك، فأين هي من أعمالك؟ فلسطين هي كل أعمالي، فلسطين منذ أن بدأت أفهم معنى القضية وهي تلبسي وألبسها، كل عمل من أعمالي لاسيما المسرحية هي لفلسطين، ومن أجل فلسطين، وسأمضي حياتي على هذه الشاكلة حتى في أعمالي الدرامية التلفزيونية، أحاول جاهدا أن أوظف ما أستطيع توظيفه في القضية الفلسطينية، هذه مهمتي، وهذه رسالتي التي أحاول أن أبعث بها إلى العالم. ماذا تحضر من أعمال ومسلسلات لشهر رمضان الكريم؟ هناك عدد من الأعمال...على سبيل المثال، هناك عمل أبو خليل القباني، مسلسل سوري من إخراج إناس حفي، وهي ابنة المخرج الكبير، هيثم حفي، أجسد فيه شخصية سعيد القاسمي صديق أبو خليل القباني، أيام العثمانيين، كان الرجل المسرحي الأول في سوريا، وقدم عدة نماذج مسرحية، لاحقه العثمانيون فهرب إلى مصر، وقام هناك بتقديم عروض مسرحية، شاركه يعقوب بن خلوع، ومارون النقاش، وشكل ما يسمى بالمسرح المصري، هذا الرجل هو التاريخ، وهو أبو الفنون لدينا في سوريا، كما أن هناك قاعة مسرحية باسم أبو خليل القباني. ألا ترى بأن هذا العمل لو جسد مسرحية لكان أجمل وأحسن؟ لقد قدم مسرحية من طرف المسرح القومي منذ فترة، وكان عملا جميلا، ويمكن أن يكون أجمل في مسلسل، لأنه بذلك يمر بأدق التفاصيل. إلى جانب مسلسل أبو خليل القباني، هناك عمل آخر "واد السياح" مسلسل اجتماعي يحكي عن البيئة السورية الحمصية بالتحديد، وهو من إخراج محمد بدرخان، السوري المعروف، وأنا أجسد فيه شخصية رجل قاس كثيرا، لديه ابنان، أحدهما سيء، والآخر جيد، ولكن الأب صعب الميراث إلى أن يصحوا إلى ذاته. هناك أيضا "أنا القدس"، من تأليف وإخراج باسل الخطيب، وأجسد فيه شخصية، عز الدين القسام، المواطن السوري الجبلاوي، الذي ذهب إلى فلسطين بعد أن طارده العثمانيون، وتابع نضاله في فلسطين دفاعا عن القدس والمقدسات وفلسطين. هناك أيضا فيلم تلفزيوني آخر "عمر المختار"، وأنا أجسد فيه شخصية عمر المختار. بالإضافة إلى فيلم "خيزران"، والمأخوذ من قصة لقسام الكلفاني، وقد انتهيت قبل قدومي إلى الجزائر من حارس الياقون. لماذا لم تصلنا سينما سورية رغم رواج الدراما التلفزيونية الخاصة بها؟ اسألي الجزائريين....الأفلام موجودة، ولدينا إنتاج لا بأس به، هذا بالإضافة للأفلام التلفزيونية التي تتراوح مدتها بين ساعة وساعة ونصف، فالأمر إذن راجع للقائمين على الثقافة هنا بالجزائر، وعليك أن تسأليهم.... أعلم أنك لم تدعو لتأسيس مسرح إسلامي، وإنما قلت بأننا بحاجة لشرح الإسلام للغرب، فهل يمكننا إذن مجابهة الإسلاموفوبيا بتوظيف مبادئنا الإسلامية في مسرحياتنا العربية؟ أولا.. جيد لأنك قلت بأنني نفيت عن نفسي هذه التهمة، وأتمنى أن لا تلتصق بي... أنا ناديت بمسرح يشرح المشكلة الإسلامية للغرب، الذين يعتقدون بأن كل مسلم إرهابي، فنحن لسنا كذلك، لأن ديننا لم يأمرنا بذلك. فديننا الإسلامي دين تسامح، يدعو إلى الحب والشفافية، ولا يتعدى هذه الرسالة، ولا يصب رسالة إرهابية. ويستوقفني في الموضوع أننا بحاجة إلى شرح الحالة الإسلامية للغرب، ولم أناد للمسرح الإسلامي. هل سيفضي بنا الأمر إلى إنشاء أكاديمية مسرحية تستقطب الطاقات العربية كافة للمحافظة والنهوض بالدين الإسلامي؟ المأساة ليست بحاجة إلى الأكاديميات، فكم من أكاديمية أخفقت أمام المشروع الوطني، لأن هذا المشروع لا يمكن أن نعلمه بالملعقة للمتلقي، هذا ينشأ معه ويبنى معه سنة بعد سنة... فالأسرة هي المجتمع الأول الذي يمكن أن يبنيه، والمجتمع بعد ذلك يبني هذا المواطن، والوطن بعد ذلك يبني هذه الأمة، وبالتالي يكون هناك أناس شغوفين بالحراك الوطني، ويقدمون جل ما يتمناه الفرد. ماذا أضفت أنت للمشروع، وماذا أضاف هو لك؟ أنا وجدني المسرح كما وجدته، المشكلة أنني لا أريد أن أتحدث إنشاء... أخشى أن أفهم بأنني رجل إنشاء.. أنا يا ابنتي إذا كنت قد تعافيت فقد عافاني المسرح، والمسرح أعطيته كل ما أملك من جوارحي ومن إنسانيتي ومن موهبتي، العلاقة بيني وبين المسرح علاقة أبوية، أخوية، حبية، عاشق ومعشوق، هكذا العلاقة بيني وبين المسرح..وليس هذا فحسب، بل وإنما الذي بيني وبين الفن يشبه رسالة، يجب أن أشارك في تقديمها للمجتمع. هل هناك أسماء جزائرية سواء فنية أو ثقافية أو سياسية حاضرة أعجبت بها، وهي الآن حاضرة في ذهنك؟ محمد بن قطاف، واحد من أعلام الحركة المسرحية في الوطن العربي وليس الجزائرية فقط، هناك أسماء جزائرية أخرى لا تحضرني الآن، ولعلها موجودة شئت أم أبيت، وهي أرقام صعبة في المعادلة المسرحية العربية. ماذا تقول عن الجزائر؟ الجزائر... شعرت وأنا أكرم بالجزائر أنني أكرم في سوريا أو في فلسطين، تحديدا في القدس وفي المدينة التي تهود من قبل اليهود، الذين يحاولون أن يغيروا أو يطمسوا معالمها العربية والإسلامية والمسيحية، شعرت وكأنني في ذلك المكان الذي يعتكف إليه العالم للصلاة والغفران إلى رب العالمين في القدس الشريف. رسالة تريد أن توجهها للقادة العرب؟ لا رسالة... لأنني مهما تحدثت سيظل الوضع كما هو عليه، أملنا في زعامات جديدة أخرى شابة، تغير معالم هذه الخريطة السياسية على مساحة الوطن العربي، وجيل الشباب فيه أمل في تغيير الواقع الراكد الفاسد...ونحن بحاجة إلى زعامة، لا أريد أن أقول ثورية، وإنما منتمية إلى أمتها وإلى شعبها. كلمة أخيرة: أريد أن يكون هناك تعاون مسرحي بين كل البلدان العربية، فعندما يكون هناك تعاون ومشاركة من قبل أكثر من عنصر في أكثر من بلد عربي، أعتقد أننا سنكون أمام لقاح جديد، يمكن أن يطور وأن يؤخذ بيده لتقديم مسرح عربي متميز.