التقارير الإعلامية الواردة من العاصمة باريس، تقول أن فرنسا تحضر للتدخل العسكري شمال مالي على قدم وساق، تصريحات مكثفة للمسؤولين الفرنسيين، تصب في خانة التركيز على الخيار العسكري كحل استراتيجي للازمة المالية... وقبل هذا كان الرئيس فرنسوا هولاند في زيارته للجزائر قد أعلن تطابق وجهات النظر الفرنسية الجزائرية بخصوص الموضوع... وفي نفس الوقت مع تصريحه كانت البعثة الفرنسية في الأممالمتحدة تصارع من اجل تمرير مشروع القرار الأممي القاضي بالتدخل العسكري، وفي نفس الوقت كانت السلطات الجزائرية تعمل كخلية النحل من اجل إنجاح اتفاق الشراكة بين حركتي الازواد وأنصار الدين في الجزائر، ولحسن الحظ تم التوقيع وتنفس الصعداء الكثيرون...ما أردت قوله من خلال عرض هذه المواقف بين الجزائر وباريس وأطراف الأزمة في شمال مالي، هو أن التصريحات الفرنسية الهادئة والدبلوماسية تتناقض مع الخطوات العملية لفرنسا، بل الأخطر من ذلك أن المساعي الفرنسية تستهدف في جوهرها المساعي الجزائرية الرامية للحل السلمي التفاوضي... ومن هنا نتساءل للمرة الألف: لماذا هذا الإصرار الفرنسي على إشعال نيران الحرب على حدودنا الجنوبية بعد أن اشعلها ولم يطفيها ساركوزي في حدودنا مع ليبيا؟. الآن وبعد أن تأكدت النوايا الفرنسية، واتضح بصراحة أن هولاند لا يختلف عن ساركوزي أو معه في السياسات الإستراتيجية لفرنسا إلا في الشكل في حين يبقى المضمون نفسه وهو المصالح الفرنسية في رقعة من الرقع. مصالح لا تراعي حقوق الشعوب الأخرى كالشعب المالي الذي يرفض جزء كبير منه الحرب ولا مصالح الجزائر التي ستتحمل تداعيات الحرب بطريقة أو بأخرى...وهنا اعتقد انه لابد من إعادة نظرتنا وتقييمنا للخطاب الفرنسي تفاديا لأي ارتباك فيما هو قادم.