ترى العديد من الأحزاب السياسية والمنظمات الجماهيرية المستقلة وشخصيات سياسية، أن الغموض مازال يكتنف عملية تعديل الدستور رغم أن الوزير الأول عبد المالك سلال قد نصب لجنة الخبراء الخاصة بالتعديل، لكن مؤشرات مسار عملها يبقى غير معروف حسب الملاحظين. ونفى رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان المحامي نور الدين بن يسعد "علمه بمحتوى خارطة الطريق" المتعلقة بالتعديلات الدستورية، وتساءل بن يسعد أمس، "نحو اي نظام سياسي نتجه؟ نظام رئاسي أم شبه رئاسي أم برلماني؟". كما أبدى هذا المناضل من اجل حقوق الإنسان قلقه على استقلالية القضاء. وطالب العديد من الشخصيات السياسية بفتح نقاش عام حول قضية هامة مثل طبيعة النظام السياسي المستقبلي للجزائر، لكن بدون جدوى، و"الظاهر ان مسودة مشروع الدستور جاهزة". إلى ذلك لا تزال أحزاب المعارضة، تطالب بتعديل المادة 74 من الدستور التي تترك الباب مفتوحا لرئيس الجمهورية ليترشح لهذا المنصب بدون تحديد عدد الولايات الرئاسية. وقد عدل بوتفليقة الدستور في 2008 بإلغاء تحديد الولايات الرئاسية باثنتين ليتمكن من الترشح لعهدة ثالثة في 2009، لكنه لم يعلن أن كان سيترشح في 2014 لعهدة رابعة. وبرأي المحلل السياسي رشيد غريم فإنه "حتى وان جاء في التعديل الدستوري تحديد العهدات الرئاسية فان بوتفليقة لن يكون معنيا بها لان القانون لا يطبق بأثر رجعي". ويتفق غريم مع زميله رشيد تلمساني على انه "يتم التحضير لعهدة رابعة"، ودليل ذلك وضع لافتة في ملعب لكرة القدم خلال مباراة رسمية تدعو الرئيس للترشح، كما أن بعض الشخصيات المقربة من السلطة دعته صراحة للترشح. ويعتبر غريم أن احد الرهانات الأساسية هو "إنشاء منصب نائب الرئيس" لشغل منصب الرئيس في حالة شغوره (وفاة الرئيس أو استقالته أو عجزه عن العمل بسبب المرض) وكذلك تغيير منصب الوزير الأول إلى رئيس الحكومة. وبالموازاة، اندفعت قيادات أحزاب سياسية ومنظمات جماهيرية، وراء تزكية الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة ، وقبل أن يبدي الرئيس نيته في الترشح أصلا، وبذلك، رسم "المهرولون"، صورة أخرى لجزائر 2004،في 2014؟؟. وقبل ست سنوات انقضت سنة 2007 على وقع تضاعف وتيرة "الهرولة" وراء تعديل الدستور من اجل عهدة ثالثة للرئيس، بصورة حصرت فيها قيادات أحزاب ومنظمات، أزمة الجزائر، في عدم ترشح بوتفليقة لرئاسيات 2009، وكأنها تخلصت من الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، التي تنخر البلاد، وألحقتها بركب التخلف، رغم أن أدائها تجاه المساهمة في حل هذه الأزمات، لم يكن في مستوى تطلعات المواطنين، وحتى المناضلين، باعتراف الرئيس نفسه، ووزير داخليته نور الدين يزيد زرهوني آنذاك. التزكية المبكرة لترشح الرئيس لعهدة ثالثة، تكررت هذه المرة بإعلان عمارة بن يونس وعمر غول تزكيتهما لترشح الرئيس لعهدة رابعة، فهل هي حالة صحية، أم مرضية، أم حالة سياسية عادية؟، تختلف القراءات، حيال الخانة المناسبة لتصنيف هذه الحالة، مع أن خلفياتها واضحة، وذات علاقة بالدرس الذي تعلمته بعض الأحزاب والمنظمات قبيل رئاسيات 2004، فحزب جبهة التحرير الوطني، الذي مثل مربط الفرس في حلبة الصراع بين أنصار الرئيس بوتفليقة وعلي بن فليس مطلع 2004 ، نفسه الحزب الذي أطلق دعمه للرئيس من اجل الترشح لعهدة ثالثة، وإن كان إعلان أمينه العام السابق عبد العزيز بلخادم وضع الحزب، الذي يرأسه بوتفليقة، في خدمته سنة 2009 أثار استهجان الأحزاب الأخرى، وعلى رأسها طرفي التحالف الرئاسي، التجمع الوطني الديمقراطي وحركة مجتمع السلم، لاستباقه الأمور، إلا أن هذه الدعوة جرت ورائها العديد من الدعوات، صدرت على الخصوص من المنظمات الجماهيرية، وفي مقدمتها أعضاء الأسرة الثورية. لحد الآن لا تزال العديد من الأحزاب والفعاليات المدنية، صامتة، أمام واقع ، لم يجد من يحرك فيه مطالب العهدة الرابعة خارج ما أفاد به عمارة بن يونس وعمر غول، لكن "الطبل" الحقيقي، الدال على رغبة الرئيس في عهدة رابعة، هو بيد لجان المساندة، وتحرك هده اللجان هوا لدلالة على أن السلطة تكون فعلا قد أطلقت صفارتها، وان مجرد تصريح عمر غول وعمارة بن يونس دعمهما لترشح الرئيس لعهدة رابعة، قد تكون صادرة بمحض إرادتهما ولا علاقة لمن يريد ترشح الرئيس لعهدة رابعة بما صرحوا به؟.