يعدّ الفاتح من جوان عيدا عالميا للطفولة، ينادى فيه للدفاع عن حقوق الطفل، وهو فرصة لتسليط الضوء على أهم الانجازات التي قدّمت في هذا المجال مع التركيز على النقائص التي يعيشها الطفل، والوضعيات الصعبة التي يتخبط فيها، وتحوي الجزائر 13 مليون طفل أقل من 18 سنة فهناك أمور خطيرة ظهرت مؤخرا باتت تهدّد الطفولة كالتي تعلقت بالاختطاف والانتحار والانتهاكات الجنسية التي مست هاته الشريحة الحساسة من المجتمع، وللوقف على واقع الطفل في بلادنا جمع الحياة العربية مع رئيس شبكة ندي للدفاع عن حقوق الطفل عبد الرحمان عرعار الحوار التالي: حاورته: أسماء زبار ما هي أبرز المشاكل التي تعاني منها الطفولة في الجزائر؟ عبد الرحمان عرعار: أوّل مشكل هو كيف نمكّن الأطفال من حقوقهم الأساسية، لما نرى طفل يقطع الكلومترات ليتنقل بين البيت والمدرسة وفي مناطق عديدة من الوطن، كيف نقول أنّنا أعطينا للطفولة حقها، والطفل المعاق غير متمدرس يعاني من الإعاقة ولا يملك كرسيا متحرّكا، أين هي حقوق الطفل هنا، وضحايا النزاعات العائلية والأطفال الذين يعانون من الأمراض المزمنة والخطيرة، وليس لهم أي تكفل، فالأطفال يستغلّون في التسوّل والأعمال، فالكثير من أبناء الجزائر يقتلعون الخضر في الحقول ليبيعونها، الكثير من الأطفال يبيعون الخبز في الطرقات السريعة، هي وضعيات مؤسفة ومقلقة تعيشها الطفولة في بلادنا، إضافة إلى الأطفال الموجودين خارج إطار الزواج، أطفال يعانون من المخدرات، أطفال تعرضوا للاغتصاب الجنسي لم يتم التكفل بهم نفسيا لإعادة إدماجهم في المجتمع، كلّ هذه المخاطر تحوم بهاته الشريحة. ما هي أسباب هذا الواقع المعاش؟ ** سبب هذه المشاكل والمخاطر التي تحيط بالأطفال كثيرة أبرزها غياب الأمن، فالطفل في الجزائر أصبح لا يحسّ أنّه آمن وهذا أخطر، هناك الكثير من الشباب يربّون كلابا مفترسة يتجولون بها في الشوارع تلك الكلاب في أي لحظة قد تفترس طفلا ولكن لا أحد يبالي. هناك أطفال مرضى يعانون في صمت ولا يجدون من يتكفّل بهم، لا يوجد في بلادنا مستشفى متخصّص في طب الأطفال، فمن المفروض أن يجد الطفل عند دخوله للمستشفى كلّ التخصصات على غرار الدول المتقدمة، فماذا ينقصنا حتى لا يكون لدينا مستشفى للأطفال؟ إضافة إلى أنّه لا يوجد مساحات كافية مخصّصة للأطفال في الجزائر كأماكن الترفيه ماعدا القرية الإفريقية وميناء سيدي فرج، منذ الاستقلال، يجب على الدّولة الاستثمار، بناء فضاءات الترفيه، مراكز ثقافية، إذ تحتار الأسر الجزائرية أين تأخذ أبناءها أوقات العطل، لهذا نطرح العديد من الأسئلة اليوم، أين دور السينما؟ أين النوادي والقاعات الرياضية؟. ما هي البرامج التي حضّرتها "ندى" بخصوص هذا اليوم؟ ** سطرنا برنامجا مكثفا حول اليوم العالمي للطفولة وهذا على مستوى مناطق عديدة من الوطن، تناولنا فيه قضايا مختلفة منها في شكل مرافعات اجتماعية سياسية نظمت أوّل أمس بالمجلس الشعبي الوطني، تكلّمنا فيه عن المشاكل التي تعاني منها الطفولة في الجزائر، العنف الجسدي، الأطفال المستغلين في الأعمال، التسول، وهذا بمشاركة العديد من المؤسسات المدنية والسياسية قصد تفعيل حماية الطفل، كما ناقشنا قانون جديد يعزّز من هذا الشأن. كما سنتناول موضوع الانتهاكات الجنسية ضدّ الأطفال، وهذا بفتح حوار مباشر مع الأولياء والأطفال أنفسهم قصد تكوينهم لحماية أنفسهم، هذا من جهة ومن جهة أخرى سطّرنا محطات عديدة في المجال بالتعاون مع وزارة التضامن لدعوة عشرين طفلا من ولاية تيبازة لهم وضعيات معيّنة ويعانون من مشاكل أو تعرضوا إلى انتهاكات، سنعمل معهم بمساعدة مختصين وأطباء لإعادة بناء شخصيتهم ودعمهم للاندماج في المجتمع من جديد. أمّا يوم الثلاثاء المقبل فسنكون على موعد مع القضاة ووزارة العدل لنتكلم على كيفية حماية الطفل قانونيا خاصة ضحايا الاعتداءات، وسيتم تسليط الضوء على أهم الوضعيات الصعبة التي عاشها بعض الأطفال. هل يكفي يوم واحد لتسليط الضوء على هاته الشريحة؟ ** أوّل جوان هو عبارة عن محطة يحتفل بها فقط، نتمنى في هذا الاحتفال أن يتمتّع كلّ أطفال الجزائر بحقوقهم، لا نجد طفل في الشارع متشرد، لا نجد طفل متسول، لا نجد طفل يعمل، هنا نحتفل حقيقة بحقوق الأطفال، وذلك برعايتهم ومنحهم حقوقهم الأساسية في العلاج، التمدرس، الأمن الخ من الحقوق التي يجب توفيرها لهم. هل من كلمة أخيرة؟ ** نتمنى أن تكون السنوات المقبلة كافية لإنقاص المشاكل والانتهاكات المرتكبة في حقوق الأطفال، فكلّما زادت المشاكل زادت الانتهاكات، وأملنا أن تكون المصلحة الفضلى للأطفال من أولى الأولويات في المجتمع، وأن يترك المجال للأطفال لقول كلمتهم وإشراكهم في الحوار والرأي، هذا الإشراك من شأنه إنقاص المشاكل التي تعاني منها الطفولة، إضافة إلى معرفة الأطفال بماذا يشعرون ويفكرون وهذا أمر مهم خاصة للأولياء لكن عليهم بإتباع الطريقة المناسبة والسليمة في الحوار معهم. وبمناسبة هذا اليوم نقول لكلّ أطفال العالم يوم سعيد وحياة مليئة بالسعادة والأمن خاصة أطفال الجزائر، ونتمنّى أن نرتقي أكثر بوضعية حقوق الطفل الجزائري بتحسينات أكثر سواء على المستوى السياسي أو الإجرائي فهذا مهم جدّا، ويبقى الكثير والكثير أمام التحديات المستقبلية لكي نمنح الأمل ونحصل على مجتمع منظم، راقي ومتحضر، لكن دون فئة الأطفال لا نستطيع أن نصل، فكلّما حافظنا على أطفالنا ودعمنا حقوقهم، فهذا يعني أنّنا في طريق الصواب. على الوالدين إتباع الطرق المناسبة لتربية الأبناء مختصون اجتماعيون يؤكّدون على ضرورة حماية الطفولة وعدم استغلالها أكّد المختص الاجتماعي محمد طويل، أنّ الطفولة شريحة هامة وأساسية في بناء المجتمعات، ولهذا فمن المهم أن تراعى جوانب عديدة في تكوينها وبناء شخصياتها التي ستصبح أجيال المستقبل. فالطفولة كقاعدة سيكولوجية يحدّدها المختصون النفسانيون أنّها أبو الشخصية فإذا تعرّضت هاته المرحلة إلى أزمات نفسية أو عقد، فأكيد ستكون الشخصية غير سوية في المستقبل. وأضاف المختص في اتصال للحياة العربية، أنّ الأطفال اليوم يعانون من مشاكل عديدة منها قلة الاهتمام من جانب الأسرة والمجتمع، وهنا أكّد المتحدث ضرورة التعاون في تربية الطفل على الأسس السليمة. ففي مجتمعنا هناك الكثير من الأطفال يعيشون حالة من البؤس ويعانون في الكثير من الأحيان الخوف والرعب والحرمان بسبب الظروف السيئة لأسرهم، حيث يستفحل فيها الجهل بمتطلبات الطفولة، ولا تتمتع هاته الأخيرة بالحماية المطلوبة. وأوضح المختص في حديثه عن الطفولة أنّه يجب توفر الظروف المادية والاجتماعية اللازمة لتنشئة الطفل على الأسس السليمة، وهذا ما يدفع إلى تكاثف مختلف جهود القائمين والعاملين في المجال الاهتمام بالشريحة الأساسية لبناء المجتمعات، من تعليم، علاج وكافة المتطلبات الضرورية للعيش الكريم. كما يجب على السلطات تخصيص منحة للأسر الفقيرة لمساعدتهم في تحقيق الاكتفاء لأبنائهم، ومحاربة كلّ من يستغل الطفولة في مجالات خطيرة عليها وعلى صحتها، كالتسوّل، العمل، إضافة إلى محاربة ومعاقبة كلّ من تسبّب في إيذاء طفل خاصة وأنّنا شهدنا في الفترة الأخيرة حالات كارثية ارتكبت في حق الطفولة كالاختطاف والاغتصاب الجنسي. فالطفولة هي تلك الفترة المبكّرة من الحياة الإنسانية التي يعتمد فيها الفرد على والديه اعتمادا كليا في ما يحفظ حياته، وهنا على الوالدين إتباع الطرق المناسبة لتربية الأبناء من خلال التواصل بينهم وفتح الحوار لأنّ الطفل في هذه المرحلة يحتاج إلى والديه أكثر من أي مرحلة أخرى. الأخصائي النفساني مصطفى أحمد بوسعدة ل" الحياة العربية": الحرمان العاطفي ..العنف اللفظي والجسدي والتسرب المدرسي خلقوا أطفال الشوارع قال تعتبر مدير عيادة الأمل للصحة النفسية الأخصائي النفساني الحكيم مصطفى أحمد بوسعدة، أنّ مرحلة الطفولة هي النواة الرئيسية لتكوين شخصية الإنسان، مهما اختلفت الأطر المحيطة به.. لذلك خصّص لها يوما عالميا، مع العلم أنّنا من المفروض أن نهتم ونساهم في النمو السليم لهذه الشريحة يوميا ودوريا ولا يقتصر ذلك على يوم واحد في السنة؟ وأكّد الأخصائي النفساني مصطفى أحمد بوسعدة للحياة العربية، أنّ المشاكل التي تعاني منها الطفولة في الجزائر متعدّدة ومختلفة باختلاف الظروف العائلية والاقتصادية والاجتماعية المحيطة بالطفل، ومن أبرزها الاضطرابات الوجدانية المتعلقة بضعف العلاقة مع الوالدين ما نتج عنه الحرمان العاطفي والحنان خاصة مرحلة 03-06سنوات، اضطرابات سلوكية كانتشار ظاهرة العنف اللفظي والجسدي حتى في أوساط المؤسسات التربوية، ارتفاع ظاهرة التسرّب المدرسي ما أدّى إلى تكوين الطفل في الشارع واستغلاله من طرف أفراد وجماعات لمصالح إجرامية -جنوح الأجداث-، مخاوف مرضية وانطواء لدى بعض الحالات ذوي الظروف العائلية الصعبة، مثل اليتامى وضحايا الطلاق وذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى مشكلة التبول اللاإرادي والاضطرابات الجسمية وظهور أمراض مزمنة سابقة لأوانها. و يتعلّق دور الأولياء أساسا، يضيف أحمد بوسعدة، في وجود الحوار النفسي والعائلي تجاه أولادهم، ما يسمح لهم بالتعرف على وضعيتهم النفسية الحقيقية و الإسراع في العلاج في حالة وجود اضطراب، إذ أنّ الوضعية النفسية المرضية تساهم في النمو غير السوي للجهاز النفسي للطفل، ما تظهر عليه أمراضا نفسية وجسمية مستقبلا. كما أنّ دور الأولياء أيضا يتعلّق بمتابعة الوضعية الدراسية ومختلف النشاطات الثقافية والرياضية لأولادهم، إذ تنمّي القدرات الذهنية والمواهب والرغبات، ما يساعد على تكوين شخصية اجتماعية متوازنة. ومن أهم الحلول التي اقترحها المختص النفسي لحماية الطفولة، ضرورة تضافر الجهود لحماية وترقية هاته الشريحة الأساسية في المجتمع، وهي أمل المستقبل، إذ تقود مشعل النمو والازدهار بتعاقب الأجيال، التركيز على الدور الإعلامي في الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية على هذه الفئة التي تعاني من كثير الاضطرابات النفسية التي تعيق النمو السليم، مع غياب تعريفها وأسبابها لدى الأولياء، ما يتعذر على الكثيرين علاج حالة أولادهم نظرا لعدم معرفة طبيعية الاضطراب، ضرورة وجود أخصائيين نفسانيين في مختلف المؤسسات التربوية من الروضة، الابتدائية، المتوسطة، والثانوية .. لغرض تشخيص الاضطرابات النفسية ومتابعتها في الظرف الملائم، ونشر الثقافة النفسية لدى جميع أطياف المجتمع، ما يساهم في ترقية الأداء السلوكي والمستوى المعرفي للطفل والأسرة معا، من أجل تحقيق مجتمع يتمتع بالصحة النفسية.