أكد المشاركون في اليوم الدراسي الذي نظمته الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل »ندى« حول »وضعية الأطفال أثناء النزاعات العائلية« أنه من المهم إبعاد الطفل قدر الإمكان عن أية خلافات تنشأ بين الزوجين نظرا للانعكاسات الخطيرة التي تترتب عليها ويدفع الطفل ثمنها جسديا ونفسيا، وأبرز المتدخلون أن أكبر المشاكل التي يعاني منها الطفل بشكل عام سواء النفسية أو الاجتماعية والاقتصادية كالعقد والأمراض النفسية والاضطرابات والقلق والمخاوف والهواجس والانحرافات سببها المباشر هو الخلافات والنزاعات العائلية التي تنشأ ما بين الأب والأم أمام الطفل الذي يجد نفسه طرفا فيها حتى دون أن يريد ذلك، وفي أحيان كثيرة يتم إشراكه بالقوة في هذه المشاكل التي قد تصل أحيانا إلى الطلاق، الذي يجر بدوره جملة من المشاكل وقد تستمر على حالها فيبقى الطفل يتعرض إلى كافة تلك الضغوط التي تؤثر دون شك على نمو شخصيته. وأكد السيد عبد الرحمان عرعار رئيس الشبكة في مداخلته أن تحول العائلة الجزائرية من العائلة الكبيرة إلى الأسرة الصغيرة ساهم في تفاقم حدة المشاكل والنزاعات بين الزوجين التي يعتبر الأبناء ضحاياها الرئيسيين، لأن ذلك ساهم في غياب عددٍ ممن كانوا يلعبون في السابق دور الوسيط ككبار العائلة والنصحاء الذين كانوا يتدخلون لفك هذه الخلافات حرصا على استمرار العلاقة وحماية الأطفال من مخاطر الانفصال، وهي الأطراف التي صارت غائبة حاليا ولم تعد الأسرة بذلك تجد من يساعدها على حل مشاكلها. وعرجت ممثلة الوزارة المنتدبة المكلفة بالأسرة وقضايا المرأة للحديث عن الجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة لأجل النهوض بوضعية الطفل والأسرة عموما في الجزائر، وكذا البرامج المعتمدة في سبيل تحقيق الأهداف المرجوة لأجل بناء أسر سليمة تضمن قيام مجتمع صالح وبناء، بالإضافة إلى اعتماد مخطط الاتصال لحماية الطفل وتأهيل ومرافقة الأسرة لأجل تنمية الثقافة القانونية لدى أفرادها ولدى كافة العاملين والمهتمين بمجال الطفولة. وبالنسبة للنقطة الأساسية في الموضوع وهي وضعية الطفل أثناء النزاعات العائلية، فقد أكدت الأستاذة شيخة مليكة وهي محامية أنه لا يوجد في واقع الأمر قانون صريح يضمن الحماية للطفل أثناء وجود خلاف أو نزاع بين والديه أي قبل حدوث الطلاق بصفة نهائية، كما أن الملاحظ هو أن هنالك الكثير من الآباء والأمهات يتخذون من أطفالهم ورقة ضغط على الطرف الآخر، مطالبة بضرورة إيجاد قانون يحمي الطفل من هذه النزاعات ويبقيه بعيدا عن كل الخلافات الناشئة بين أبويه إلى أن يتم حلها، وكذا عدم تصعيد حدة الخلافات الزوجية أمام الأبناء وتجنب الإهانات اللفظية والجسدية التي تُحدث شروخاً عميقة في نفسية الطفل وعدم لعب دور الضحية من طرف الأم أو الأب لأجل استعطاف الطفل وجلبه إلى ناحية أي منهما، بالإضافة إلى زيارة طبيب نفساني للطفل الذي يعاني والداه من حالة نزاع أو وضع هذا الأخير مثلما هو معمول به في الكثير من الدول الغربية تحت وصاية قاضي الأحداث أثناء النزاع إلى غاية حل كافة المشاكل بين والديه، نظرا لما لذلك من انعكاسات كبيرة على نفسية الطفل قد تؤدي به في المستقبل إلى تكوين شخصية غير سوية ومنحرفة، فالتفكك الأسري يؤدي حسب المختصة النفسانية السيدة بلميهوب كلثوم إلى مناخ من اللاأمن يشعر به الطفل وبالتالي ينمو نموا نفسيا مضطربا فيكون مرتعا خصبا للاضطرابات النفسية والانحرافات الاجتماعية، مركزة على أهمية الاتصال ومعالجة المشاكل من خلال الحوار وكذا الإنصات والثقة والتفاهم وتصحيح المفاهيم الخاطئة.