ما زالت المعارضة اليمنية متمسكة حتى هذه اللحظة بالخروج المنظم عن طريق مهرجانات، فيما يواجها الحزب الحاكم بمهرجانات في الأماكن نفسها التي تنوي الذهاب للتجمهر فيها. قيود كثيرة أمام الشارع اليمني، بعضها يحاول الحاكم إخافتهم بها، وهو السلاح في يد الشعب، الذي يمكن أن يتسبب بخراب وتضحيات كبيرة، إضافة إلى ورقة الأمن، حيث يمسك أولاد وأشقاء الرئيس وأقاربه بكل مفاصل القوات المسلحة والأمن. أما بالنسبة إلى الأحزاب السياسية فبقدر ما تمثل من قوة للمعارضة إلا أنها أصبحت تمثل حائط صد أمام الشارع البسيط، فآلياتها لم تتغير، بحيث بقيت تنتظر التوافقات في مواسم الانتخابات، وهذا الأمر لم يعد مطلب الشارع حاليًا وفقًا لما يظهر في المهرجانات.. وتحاول المعارضة أن لا تستعجل في إخراج الشارع تلافيًا لعدم قدرتها في السيطرة على الجماهير، وهي المخاوف عينها التي يبثّها النظام الحاكم في اليمن. ويبدو كما لو أن المعارضة بدأت تفقد سيطرتها على جمهورها في الجنوب، وقبلها في صعدة، بسبب عدم الخروج بمكاسب حقيقية، وعدم استناد حواراتها وجدلها مع الحاكم وفقًا إلى ما يعوّل في هذين الصعيدين. في حين ما زال أمام نظام صالح الكثير مما يعتقد أنها عوامل قوة، منها دعم الجيران له، خصوصًا المملكة العربية السعودية، إضافة إلى حلفه القوي مع الولاياتالمتحدة الأميركية، التي تعتبر اليمن شريكًا مهمًا في محاربة القاعدة، وقد رفعت سقف الدعم له خلال هذا العام. إلى هذه اللحظة لا تزال الضبابية سيدة الموقف، في حين تدور حرب ضروس في منطقة ردفان في محافظة الضالع بين قوات حكومية والأهالي الداعمين لما يسمى بالحراك الجنوبي. يقول الكاتب جمال أنعم رئيس لجنة الحريات في نقابة الصحافيين اليمنيين حول هذه التفاصيل لم نجرب أو نختبر بعد إمكانات قيام حركة احتجاجية حقيقة في اليمن، مازلنا نعمل على السطح، اشتغالات قشرية.. والعمل السياسي أصبح عملاً نخبويًا إلى حد ما، عندما بدأ السياسيون الدخول في لعبة التسويات مع الحاكم، وبدأوا ينفصلون نوعًا ما عن الشارع، وما حدث أخيرًا بدا كما إنه محاولة إحماء واستعادة للشارع بعد طول تعطيل. ويرى أنعم أن هناك تخوفات من المعارضة من عدم قدرتها على السيطرة على الجماهير، وأيضًا السلطة تعمل على تخويف الناس من الخروج، وتخويفهم من أنفسهم، لكنه قال إن الخروج الأخير لأنصار المشترك برغم أنه مهرجاني، حدث هناك تخويف للناس ومحاولة الاستفادة مما حصل من فوضى هنا أو هناك، وهذه أسطوانة قديمة ترددها السلطة منذ زمن، من تلويح بالصوملة والعراق وغيرها. وأوضح أن الحاكم دائمًا يخوّف الجميع باللا استقرار، وهناك استجابة لهذه المخاوف، رغم أن الشعب اليمني حاليًا أصبح مهيئًا للخروج بشكل حقيقي لأنه لم يعد لديه ما يخسره. وتساءل جمال أنعم حول أي استقرار يخوفنا الحاكم بفقدانه، ونحن نعيش تحت خط الفقر، نعايش المذلات والمهانات يوميًا، نعايش الجوع، أي استقرار... وقد جعل منا النظام أكبر شعب متسول وأكبر متسلل على الحدود. وتابع الشعب اليمني جاهز للخروج المطلبي، ونحن نتحدث عن خروج مطلبي، وليس فوضويًا.. فقيادات المعارضة عليها الآن أن تكسر حاجز الخوف، وأن ترفع سقف مطالبها، وما تتحدث عنه السلطة حاليًا على أنه تنازل... أنا أرى أنه إهانة، أن يقوم الرئيس باتفاقات مع المعارضة ويلغيها، ثم يتراجع عنها، ويريد من الناس أن يقبلوها كمبادرة.