أصدر الكاتب رشيد حمودي كتابا بعنوان "الطاهر جاووت : الموهبة الموقفة"سجل فيه المراحل الرئيسية من مشوار جاووت كشاعر وكاتب وصحفي والذي لم يتردد عن اتخاذ موقف في الوقت الذي كان فيه الوطن يمر بعد اكتوبر 1988 باوقات كانت الاحلك منذ الاستقلال. و كتب حمودي "الكاتب كان رجل مبدأ وكان يدافع ببسالة عن أفكاره. وكان يعتبر أن الرهان كان يفوق المواقف السياسية لفئة أو فئة أخرى لان مستقبل البلاد كان يواجه إيديولوجية استبدادية كاتمة للحريات (... ) فعلى المفكر اتخاذ موقف واختيار عبارات النقاش". و نشر جاووت أشعاره الأولى في الصحافة وهو لا يزال في ثانوية عقبة بباب الوادي (العاصمة) ثم بدا في سبتمبر 1975 مشوارا طويلا في الصحافة الثقافية بيوميتي المجاهد و"الجزائر أحداث" قبل أن يقتحم عالم الصحافة السياسية انطلاقا من 1989. و في بداية مشواره كان طاهر الكاتب يختبأ وراء طاهر الصحفي. "و كان يرى نفسه على انه روائيا أكثر منه صحفيا لأنه كان منجذبا بمغامرة التأليف أكثر منه بمتابعة الأحداث اليومية (... ) وكانت الصحافة بالنسبة له وسيلة لإقامة علاقات والبقاء دوما في عالم التأليف الرائع ". و بعد أكتوبر 1988 شهدت بلدنا انفتاحا سياسيا وإعلاميا كرسه دستور فيفري 1989 قبل الوقوع في أزمة هي الآن تمس عدة دول من المغرب والمشرق العربيين تعرف باسم "الربيع العربي" تميزت باعتلاء الأحزاب الإسلاموية سدة الحكم ولكن بصفة تثير الجدل أكثر فأكثر. و أشار الكاتب الذي يعد صحفيا أيضا إلى أن "جاووت لا طالما كان بعيدا عن المقال السياسي حيث كان التعبير مقيدا ولكنه كان يبدو أمام الرهانات على انه يكتشف من جديد وبدهشة متعة حرية التعبير". و أضاف قائلا "و مع تكريس حرية التعبير تدريجيا كان جاووت يعبر صراحة عن أفكاره داعيا إلى إعادة ترسيخ العقل والتسامح والمنطق من جديد في مجتمع منهار. الأزمة بالنسبة له ثقافية أكثر منها سياسية. وحملت العديد من المقالات التي نشرت طوال سنة 1989 هذه الملاحظة ما بين السطور". و بدأ مؤلف "الحراس" الكتابة عن الأحداث السياسية بالأسبوعية العمومية "الجزائر أحداث" التي أسست في 24 نوفمبر1965 والتي أصبحت عنوانا مرجعيا في فترة الثمانينات قبل أن تختفي تماما في فيفري 1996. لكن التزامه كان أقوى ضمن أسبوعية "القطيعة" التي أطلقت في 13 جانفي 1993 والتي كان مدير تحريرها حيث كان يدين بوضوح الإسلام السياسي ومظاهره الإيديولوجية في وسائل الإعلام والمدرسة منتقدا دون هوادة عمل الحكومة. و أشار حمودي الذي كان يعمل أيضا بأسبوعية "القطيعة" أن "جاووت أصبح رغما عنه رمزا (... ) في سياق تسوده القطبية لم يعد حينها الصحفي الشغوف بتقديم أعمال أدبية فحسب والذي ينحصر في الحدود الضيقة للأحداث الثقافية بل كانت له مواقف واضحة". و لخص أخر عنوان نشره في أخبار السياسة بأسبوعية "القطيعة" (20-25 ماي 1993) "عائلة تتقدم وعائلة تتأخر" جوهر تحليله الذي يضع "الإسلاميين الحاملين لمشروع من العصور الوسطى في كفة وأولئك الذين يدعون إلى جزائر جمهورية حديثة في كفة أخرى". و أوضح حمودي أن "منتقديه كانوا يعيبون عليه في هذه الرؤية الاحتقارية الواضحة إلى درجة لا تتحمل معاني كثيرة". و فارق طاهر جاووت الحياة متأثرا بجروحه بعد مضي أسبوع على تعرضه لاعتداء إرهابي في 26 ماي 1993. ودفن بالقرية مسقط رأسه بأزفون بولاية تيزي وزو. و لم تتحمل أسبوعية "القطيعة" التي كانت تضم صحفيين موهوبين أمثال سعيد مقبال وعبد القادر جمعي ومعاشو بليدي ونجيب اسطنبولي وخديجة زغلول وجمال مكناشي وندير سبع وعيسى خلادي وعبد الكريم جعاد وأرزقي آيت العربي وجوهر موساوي ومالك بليل وأرزقي مترف مواصلة المشوار بعد رحيله.