أحمد راشدي : فوتيه ناهض الاستعمار ووثق الثورة الجزائرية أشاد مجموعة من الخبراء السينما الجزائرية المشاركين في منتدى الذاكرة الذي تنظمه جمعية مشعل الشهيد بالدور الكبير الذي لعبه السينمائي الملتزم روني فوتي، في دعم الثورة التحريرية، ونضالات الشعب الجزائري من أجل التحرير. وأجمع المتدخلون أن اسم روني فوتي "اقترن بتاريخ الجزائر ونضالها" إذ يعتبرونه من الذين "دونوا لتاريخ الجزائر المجيد"، وأن اسمه اقترنا بميلاد السينما الجزائرية وكان من "الرجال الاستثنائيتين الذين صوبوا كاميراتهم لنقل المحطات الهامة في تاريخ الكفاح الجزائري". وأضاف المشاركون في هذا المنتدى الذي احتضنته أمس جريدة المجاهد، والتي يندرج تنظيمه في إطار الاحتفالات الخاصة بالذكرى الستين للثورة التحريرية، أن روني لم يكن مساندا للقضية الجزائرية فحسب بل كان مساندا أيضا لجميع الشعوب المستضعفة كما كان أيضا مؤرخا للإنسانية ويبحث دائما على العدالة الاجتماعية. وفي مداخلة له، قال المخرج السينمائي أحمد راشدي "إن روني هو مؤرخ للإنسانية ومن الرجال الذين كرسوا حياتهم إلى قضايا الشعوب المناضلة بإمكاناته الخاصة التي كان يحرم منها عائلته ويوفرها لكاميراته التي خدم بها القضايا العاجلة"، بدايته مع النضال كانت بعدما أوكلت له مهمة من طرف السلطات الفرنسية في سنة 1950، بتسجيل فيلم وثائقي حول ما تقوم به فرنسا لتعليم ألأفارقة لكن بوصوله إلى إفريقيا، اكتشف المخرج الجرائم اللإنسانية التي كانت تمارسها السلطات الفرنسية على هؤلاء الشعوب من تقتيل واضطهاد، وهنا تحولت فكرته يقول المتحدث من إنجاز وثائقي يخدم مصالح السلطات الفرنسية إلى فيلم يفضح جرائمها ويعريها أمام الرأي العام، وهذا ما لم تتحمله السلطات، فرفعت ضده دعوات قضائية ليسجن على إثرها لما يزيد عن 25 شهرا بتهمة "الخيانة"، لكن هذا حسب المتحدث لم يثبط من عزيمته فبقى يساند كل الشعوب المستضعفة بما فيها الجزائر. ويشير المتحدث إلى أن دخوله إلى الجزائر كان بدعوة تلقاها من الشهيد عبان رمضان الذي أيقن رفقة مناضلين آخرين بعد عقد مؤتمر الصومام أن الثورة الجزائرية بحاجة إلى استراتيجية جديدة أخرى غير الإذاعة، لتسمع صوتها إلى الرأي العام العالمي وهنا جاء التفكير في تأسيس مدرسة تكوينية في مجال السمعي البصري لصناعة أفلام وثائقية تكشف فضائح سياسة المستعمر الغاشم الذي كان يقدم عبر إعلاناته أن وجوده في الجزائر لخدمة شعبها ليس العكس، ولأن الجزائر آنذاك لم تكن تتوفر لديها الإمكانات المادية والبشرية لخدمة هذه الإستراتجية " السمعي البصري"، وجهت دعوة إلى سينمائي روني لمساعدتها في تكوين مجموعة من السينمائيين الجزائريين حتى يتمكنوا من تصوير ما يحدث في الجزائر، ونقله كما هوخارج الحدود الجزائرية. .. بجاوي يقلد فوتيه اسم الأب الروحي للسينما الجزائرية من جانبه أكد الخبير السينمائي أحمد بجاوي أن بداية السينما الجزائرية كانت على يد روني، وانه ساهمفي تكوين مخرجين جزائريين شباب يعدون اليوم أعمدة الفن السابع على غرار محمد لخضر حمينه واحمد راشدي، وأن أول عمل له في الجزائر كان فيلم "الجزائر أمة" في 1957، إلى جانب بيير آليمون الذي عمل هو الآخر إلى جانب جيش جبهة التحرير الوطني في 1958 وقدم فيلمه الوثائقي "جيش التحرير الوطني في القتال" ليسجن في 1958 ويحكم عليه ب 10 سنوات، لكن الفيلم الذي أزعج السلطات الاستعمارية يقول المتحدث هو فيلم "ساقية سيدي يوسف" الذي تعاون على انجازه آل من بيير آليمون وروني فوتي بطلب من فرنس فانون وعبان رمضان لفائدة مصالح السينما التابعة لجبهة التحرير الوطني ، وهو الفيلم الذي استعرض فيه الجريمة لتي اقترفها الاستعمار الفرنسي في حق سكان قرية ساقية سيدي يوسف الواقعة على الحدود الجزائرية التونسية وهو ما مثل شهادة حية علي وحشية الاستعمار وتسبب في إثارة الرأي العام العالمي ضد فرنسا، بعدها جاء فيلم "الجزائر تلتهب" وهوفيلم من 23 دقيقة بمعيار 16 مليمتر، صور بطريقة غير شرعية بشوارع العاصمة خلال سنتي 1956 و1957. وتم تحميضه في ألمانيا الشرقية وعرض بالقاهرة، لكن بعد مقتل عبان رمضان يقول الدكتور احمد بجاوي فقد روني فوتي الحماية التي كان يتمتع بها ليلقى عليه القبض وبقى سنتين في السجن قبل أن يهرب منه، وقد سعت الحكومة الجزائرية المؤقتة يضيف المتحدث تدعيم أجهزتها بمصلحة خاصة بالسينما بعد إدراكها لأهمية الصورة والسينما كأداة فعالة للتأثير وإقناع الرأي العام بشرعية القضية الجزائرية لتعتبر بذلك أول هيئة من هذا النوع في تاريخ الحركات التحررية والتنظيمات الثورية. من جهته، تحدث الباحث مراد وزناجي عن العلاقة الموجودة بين السينما والتاريخ وقال إنها علاقة متبادلة، وحسبه أن السينما تشكل ذاكرة سمعية وبصرية لحقبة تاريخية مثلما ساهم التاريخ في تقديم مواضيع كثيرة ومتعددة للفيلم السينمائي، حيث لجأ بعض من صناع السينما إلى اقتباس أحداث تاريخية وحوّلوها إلى أفلام سينمائية، وبذلك فتحت السينما مجال لمشاهدة أحداث تاريخية، في شكل " أفلام ثورية"، ويتبع مراد وزناجي حديثه بأن الجزائر ناضلت بكفاحيين الأول كان مسلحا، أما الثاني فكان يتجسد في نقل الكفاح الثوري والمسلح ويتمثل في "السينما".