قدم المخرج سعيد مهداوي أمس بالسينماتيك فيلمه الوثائقي »سينمائيو الحرية«، الذي تطرق فيه الى دور ونشأة الحركة السينمائية الجزائرية إبان الثورة التحريرية، حيث قدم شهادات حية لسينمائيين وإعلاميين ورجال سياسة عاشوا تلك الفترة بكل أحداثها. من أهم الشهادات التي سجلت، شهادة بول وبيار شولي والمخرج الفرنسي الراحل بيار كليمو رفيق درب المخرج روني فوتيي، الذي يعتبر الأب الروحي للسينما والسينمائيين الجزائريين، الذين التحقوا بجبهة القتال إبان الثورة ويمثلون الجيل الأول للحركة السينمائية الجزائرية، وقد تتلمذ على يد هذا المخرج (فوتيي) المرحوم جمال شندرلي، أحمد راشدي، عمار العسكري ولخضر حمينة (هذا الأخير لم يتحدث في الفيلم)، إضافة الى تقديم شهادات حية أخرى لرجال سياسة بارزين، منهم رضا مالك القيادي في جبهة التحرير، وكذا شهادة لمين بشيشي - وزير ثقافة سابق - إضافة الى شهادة الباحث الأكاديمي المعروف أحمد بجاوي، كما قدمت العديد من الشهادات كتلك التي قدمها لمين مرباح، هلال عبد الرزاق، مزياني وتازروت وغيرهم. تضمن الفيلم الوثائقي مقتطفات أفلام سينمائية ثورية انجزت في الخمسينيات منها »الجزائر مشتعلة« لروني فوتيي و»ساقية سيدي يوسف« لبيار كليمون و»جزائرنا« عن مصلحة السينما للحكومة المؤقتة سنة .1960 للإشارة، »سينمائيو الحرية« هو أول الأفلام الوثائقية للمخرج سعيد مهداوي ويتزامن مع تأسيس المخرج لشركة انتاج سمعي بصري. الفيلم مادة تاريخية توثق لتاريخ وظروف نشأة السينما الجزائرية، والتي كانت طيلة فترة الثورة أداة تشهر في وجه المستعمر لتكشف جرائمه بالصوت والصورة، وتنقل بصدق معاناة شعب أعزل ذاق مرارة البطش والتعذيب والجوع طيلة أكثر من قرن. من جهة أخرى، حاول المخرج تسليط الضوء على المواضيع التي عالجتها السينما الجزائرية في تلك الفترة. من أبرز الشهادات المقدمة، تلك التي قدمها الباحث أحمد بجاوي، حيث أعطى لمحة تاريخية عن تاريخ السينما بالجزائر منذ 1895 مع الأخوين »لوميير اللذين صورا الجزائر في القصبة وقسنطينة، ثم صورت بها أحداث فيلم »طرزان الشهير« ثم فيلم »الخروج من مصانع لوميير« الذي صورت فيه بعض معاناة الجزائريين. لقد كانت الجزائر مسرحا ل »سينماتوغراف« السينما العالمية منذ نشأتها أواخر القرن ال ,19 لذلك استقطبت مشاهير السينما العالمية امثال »جاك فيدر« و»جان رنوار« ثم »جوليان دوفيفيه«، و»كريستيان جاك«، مع الإشارة الى أن كل الافلام التي انتجت وصورت بالجزائر صنفت في إيطار »السينما الكولونيالية«. هكذا كانت الثورة بداية لسينما جزائرية خالصة تعبر عن شعب وهوية. على مدار ساعة و8 دقائق حاول المخرج استحضار هذا التاريخ السينمائي. للتذكير، فإن الفيلم انتج سنة 2009 وتم عرضه في الجزائر وخارجها، وقد لاقى نجاحا عند عرضه مثلا في تونس بمناسبة ذكرى أحداث ساقية سيدي يوسف، وذلك لقوة الصور المقدمة الخاصة بتلك المجزرة التي صورها كل من جمال شندرلي وفوتيي.. علما أن تلك الصور أحدثت ضجة في زمن الثورة، خاصة على المستوى العربي والدولي.