"تمويل الدولة للصناعة السينمائية لا يضمن استمراريتها" أرجع المخرج السينمائي الجزائري لطفي بوشوشي تراجع السينما الجزائرية إلى غياب سياسة اقتصادية سينمائية واضحة المعالم في تسير هذا القطاع، وقال إن ما تقوم به الدولة من تمويل يعد مجرد تقديم عمل لا يضمن الاستمرارية للإنتاج السينمائي. أوضح المخرج لطفي بوشوشي في حديثه ل"الحياة العربية" أن التدعيم الذي تقدمه الدولة للمنتجين السينمائيين لن يجدي نفعا إن لم يكن مقدما وفق إستراتجية مبنية على أسس ومعايير اقتصادية تضمن تحقيق الاستثمار السينمائي والنجاح فيه، قائلا "التطور السينمائي لا يرتبط بعدد الأفلام المنتجة أو كم من فيلم تم تمويله، بل المهم ما هي السياسة التي ننتهجها وما الإستراتجية التي نتبناها في قطاعنا السينمائي، لأنها العامل الوحيد الذي يضمن جودة الأعمال المنتجة، وتضمن البناء المتواصل الذي هو أساس الصناعة السينمائية" مضيفا "أن ما ننتهجه اليوم لا يقدم لنا سينما حقيقية، بل فقد إنتاج للأفلام"، مشيرا إلى أن النجاحات التي تنالها السينما الجزائرية في بعض المحافل العربية والأجنبية لا تعني أن السينما الجزائر على ما يرام، قائلا "إن هذه النجاحات لا تفسر أن السينما الجزائرية تسير في طريقها الصحيح، ولا يجب أن نتوهم انه لدينا سينما حقيقية، لأن هناك إخفاقات لبعض الأفلام وأعطت صورة غير جيدة للإبداع السينمائي في الجزائر وللجزائر ككل" مضيفا "أن الإخفاقات التي تلاحق السينما الجزائرية راجع بالأساس إلى غياب تقاليد سينمائية خاصة بالإنتاج الجزائري". وفيما يتعلق بالصورة الجديدة التي أصبحت تقدم بها الأفلام الثورية حيث لا تظهر الصراع مع المحتل وهي الصورة التي ارتكز عليها في فيلمه الأخير"البئر" المتوج مؤخرا في مهرجان الإسكندرية للسينما، وفيلم "الدخلاء" للمخرج محمد حازورلي، يعلق محدثنا على أنها "رؤية شبابية للثورة الجزائرية"، قائلا "أصبحنا الآن نتعامل مع وجوه فنية جديدة سواء تعلق الأمر بالمخرجين، كتاب سيناريو، وممثلين، وكل واحد منهم له طرحه ونظرته للثورة التحريرية، وبنقاش متواصل وصلنا إلى هذا الطرح والتوجه السينمائي الذي نحاول من خلاله محاكاة هذه التصورات التي صنعها أبناء هذا الجيل الذي لم يعد يتفاعل مع الأفلام الثورية التي تقدس البطل"، مضيفا "صحيح تلك الأفلام استطاعت أن تقدم الكثير للسينما الجزائرية، واستطاعت أيضا أن تؤرخ وتوثق لبطولات قام بها الكثيرين على غرار أحمد زبانة، كريم بلقاسم، العربي بن مهيدي، لالا فاطمة نسومر وغيرها من الشخصيات، لكنها لم تعد صالحة لهذا الجيل ويجب علينا ألا نستمر في ذلك النمط الذي لم يخرج من حكايات المجاهدين"، مؤكدا أن الاستمرارية في ظل الظروف الراهنة وأمام متطلبات الجيل الجديدة تستدعي استحداث طرق جديدة للتأثير على المتلقي من خلال دعوته لتجريب أحاسيس مغايرة، من خلال التلاعب بالأفكار وبالديكور والموسيقى لان المشهد السينمائي هو عمل متكامل من كل العناصر.