مرسى عطا الله من يتأمل مجريات الأحداث في معظم أرجاء المعمورة يكاد أن يوقن بأن نهاية العالم باتت وشيكة بعد أن أصبح مكانا خطرا تزداد خطورته يوما بعد يوم سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. ولعل أبرز مظاهر الخطر في عالم اليوم في الدول الغنية والفقيرة على حد سواء أن قطاعا كبيرا من البشر لم يعد يحس بالتلاؤم المريح مع الاستقرار ومن ثم يميل إلى الانجذاب نحو دعوات التغيير دون تحسب للمخاطر والعواقب التي تترتب تلقائيا على هز منظومة الاستقرار في أي وطن. إن أحدا لا يستطيع أن ينكر ضخامة وحجم المشكلات في العصر الراهن خصوصا تلك المشاكل المترتبة عن التزايد السكاني الرهيب الذي يلتهم معظم الموارد لحساب تلبية احتياجات البطون من اعتمادات تغذية العقول.. والأخطر من ذلك أن دعاة التغيير خصوصا جماعات التهييج تدق على أوتار الإيحاء بأن من الممكن إحداث التغيير والإصلاح والتحديث في يوم وليلة. وربما يعمد المهيجون الرافضون للاستقرار ويصورونه على أنه جمود يخاصم التطور إلى تغييب كثير من الحقائق التي توشك أن تمثل تحديا هائلا للبشرية كلها في منظور غير بعيد عندما ينضب البترول وتصبح تكلفة إنتاج الطاقة فوق القدرة وفوق الاحتمال ناهيك عن التكلفة الباهظة لتقليل مخاطر التغيرات المناخية التى بدأت بشائرها تلوح في الأفق. ومعنى ذلك أننا إزاء ورطة بشرية وشيكة لا سبيل للخروج منها إلا بتكاتف عالمي لإزالة كل الأسباب المشجعة على معاداة الاستقرار وفي مقدمتها الفقر والظلم والإرهاب والتفاوت الاجتماعي الحاد دولا وأفرادا ومن ثم ضرورة استعادة مكانة العلم والتعليم كأولوية وطنية ليس لتدريس المناهج وإنما لبناء عقول جديدة قادرة على التعامل مع أصعب ورطة بشرية عرفها العالم منذ نشوء الدنيا.