يُجدّد منتخبنا الوطني العهد مع تصفيات كأس العالم 2014 في جولتها الثانية، عندما يحلّ ضيفا في أرض محايدة على منتخب مالي، لحساب الجولة الثانية من التصفيات العالمية. حيث ستتوجه الأنظار سهرة اليوم بداية من الساعة الثامنة إلى ملعب 4 أوت بالعاصمة "واڤادوڤو" البوركينابية، أين سيكون الصراع على أشدّه بين زملاء سفيان فغولي و"سيدو كايتا"، ويسعى كلّ طرف إلى الظفر بالنقاط الثلاث. فالجزائر ستسعى من أجل تأكيد انطلاقتها القوية بعد فوزها في الجولة الأولى على منتخب مالي، ومالي ستسعى إلى التدارك والعودة إلى الواجهة بعد الخسارة المفاجئة التي منيت بها في الجولة الماضية أمام منتخب البنين، ما يجعلنا نتنبّأ مسبقا بأن نحضر مباراة في القمة. انطلاقة جيّدة، تحضيرات في المستوى، معنويات مرتفعة ولا عُذر لنا وتبدو حظوظ المنتخبين متباينة في لقاء اليوم، كيف لا ومنتخبنا منشي بفترة زاهية لم يعشها منذ مدّة زمنية. إذ أن المدرب الوطني الجديد "وحيد حليلوزيتش" جعل منتخبنا في ظرف وجيز يدور مثلما تدور عقارب الساعة، ولن نعود للوراء لنتحدّث عن نتائجه الجيدة التي حققها عقب تعيينه مدربا، بل نفضّل أن نتحدّث عما فعله المنتخب معه مؤخرا، حيث فاز بثلاثية نظيفة على منتخب النيجر في لقاء ودّي جعل الجميع يطمئن على أحواله منتخبنا، قبل أن يأتي التأكيد في الجولة الأولى من تصفيات كأس العالم 2014، بعدما نجح زملاء فغولي في الإطاحة بمنتخب رواندا برباعية نظيفة، حقق من خلالها منتخبنا انطلاقة جيدة، ورفع بها لاعبونا المعنويات مع بداية التصفيات الجديدة، وسمحت لهم بالتحضير في أفضل الظروف على مدار الأسبوع المنقضي. وبالتالي فلا عذر لدينا سهرة اليوم إن لم نطح بالمنافس. منافس مُحبط، تحضيراته مشتّتة، بلده في حرب... هو في متناولنا نعم، لا عذر لنا إن لم نفز على مالي هذه السهرة، لأن الأمر يتعلق بمنافس محبط المعنويات بعد خسارته المفاجئة أمام منتخب البنين في الجولة الأولي من التصفيات، منتخب تبدو تحضيراته مشتتة والدليل ما عشناه من لامبالاة وإهمال داخل معسكر هذا المنتخب في "باريس" مؤخّرا يوم واجه منتخب كوت ديفوار وديا، دون أن نغفل أمرا مهمّا وهو الإحباط النفسي الذي يعيشه لاعبوه جرّاء شبه الحرب الأهلية التي نشبت في بلادهم، وحالة الانفلات الأمني التي تعيشها مالي، وكلّ هذه العوامل في صالح منتخبنا الذي عليه الفوز بالنقاط الثلاث. الملعب المُحايد في صالحنا وسعدان أطاح بنجوم مالي في أنغولا وهناك عامل آخر يبدو في صالحنا، ألا وهو عامل اللعب في بلد وملعب محايدين، إذ أن المباراة ستلعب في العاصمة البوركينابية "واڤادوڤو"، وهو ما يجعل منتخبنا يتفادى كلّ الضغوطات التي كانت ستمارس عليه في باماكو، لكنه الآن سيلعب في ظروف مريحة، حتى وإن كان أنصار المنتخب المالي مرشّحين للحضور بأعداد لا بأس بها بالنظر إلى تواجد الماليين بكثرة في بوركينافاسو. ومن الصدف أن آخر مباراة جمعت منتخبنا بمنتخب مالي كانت في ملعب محايد، وحدث ذلك في عهد المدرب سعدان خلال نهائيات كأس إفريقيا 2010 بأنغولا عندما تمكن منتخبنا من الإطاحة بزملاء "كانوتي، كايتا، سيسوكو، ديارا، ديالو" بفضل هدف حليش، الذي قاد منتخبنا فيما بعد إلى الدور ربع النهائي. ولم تتكرّر التجربة اليوم بملعب محايد وأمام نفس المنتخب الذي لم يعد يملك النجوم التي فزنا عليها من قبل، ما عدا "سيدو كايتا" الذي أجّل اعتزاله إلى إشعار آخر. لا يهمّ من يلعب، بل المهم أن نفوز ورغم أن ملامح التشكيلة التي ينوي البوسني الاعتماد عليها اتضحت بالجزائر خلال آخر حصة تدريبية خاضها المنتخب، إلا أن أهمية المباراة لا تمكن فيمن يلعب سواء فضّل البوسني إقحام بوڤرة في المحور وتحويل بوزيد ظهيرا أيمن على حساب حشود، أو اختار سليماني على جبور كرأس حربة، أو أبقى على سوداني في كرسي الاحتياط مفضلا عليه بودبوز من الجهة اليسرى، بل المهمّ أن يحقق منتخبنا النقاط الثلاث ويصل برصيده إلى النقطة السادسة التي تجعله رائدا للمجموعة في جولتين منذ انطلاق التصفيات. سابع خرجة ل "حليلوزيتش" والبحث عن سادس فوز له ويعلّق كثيرون آمالا كبيرة على المدرب الوطني "وحيد حليلوزيتش" الذي ظهرت لمسته على مردود المنتخب الوطني سريعا، حيث صارت له نزعة هجومية مكنته من توقيع 13 هدفا في ستّ مباريات، ومن تحقيق 5 انتصارات على التوالي، وها هو اليوم مقبل على خوض تحدّ سابع له مع المنتخب، سيبحث من خلاله عن تحقيق سادس انتصار له مدربا ل "الخضر"، ولا غرابة إن تحقق ذلك مع مدرب حوّل من منتخبنا المنهك القوى في ظرف أقلّ من سنة، إلى ماكنة تسجّل أهدافا وتحقق انتصارات. هذا هو الاختبار الذي بحثت عنه يا "حليلوزيتش" ورغم ما تعيشه مالي اليوم من مشاكل، ورغم معاناة هذا المنتخب الذي كانت انطلاقته سيّئة في التصفيات الحالية، ورغم اضطراب تحضيراته بسبب الحرب التي يعيشها البلد، إلا أننا يمكن اعتبار اختبار مواجهة مالي الاختبار الأصعب الذي يخوضه "حليلوزيتش" حتى الآن، بل إنه الاختبار الأهمّ الذي بحث عنه منذ فترة، وظلّ يؤكد لنا في تصريحاته دوما:"أنا أبحث عن الاختبار الحقيقي الذي يمكنني من خلاله أن أحكم على جاهزية منتخبي لتحقيق الأهداف المرجوّة". ومن كلّ المنتخبات التي واجهها الرجل حتى الآن "تانزانيا، إفريقيا الوسطى، تونس ( بتعداد منقوص)، غامبيا، النيجر، رواندا، يمكن القول إن منتخب مالي أفضلهم بما أنه صاحب المركز الثالث في نهائيات كأس إفريقيا الأخيرة، ولذلك فلننتظر ما إذا كان البوسني قادرا على تجاوز هذا الاختبار أم لا. النقاط الثلاث تساوي الريادة وإزاحة مالي ولا تكمن أهمية النقاط في مواصلة سلسلة النتائج الإيجابية التي يحققها منتخبنا منذ عام فحسب، بل أن أهميتها تمكن في البقاء على رأس الريادة مهما كانت نتيجة رواندا والبنين، لأن الفارق العريض الذي حققناه أمام رواندا يسمح لنا بذلك، كما أن الفوز بالنقاط الثلاث يساوي إزاحة منتخب مالي من الطريق، لا نقول نهائيا وإنما بنسبة كبيرة، لأن الفوز على مالي في عقر دارها (مالي هي من يستقبل) وتعميق الفارق عنها إلى ستّ نقاط يعدّ ضربة قوية يوجّهها المنتخب الوطني لمنافسه رقم واحد في التصفيات الحالية، وإن تحقق ذلك فإن التنافس سيتحوّل للجهة المقابلة أمام منتخب البنين صاحب المفاجأة في الجولة الأولى.