لم يمر الانتصار الباهر الذي سجله منتخبنا الوطني في أول خرجة رسمية له في مشواره الطويل لبلوغ نهائيات كأس العالم ,2014 دون أن يترك انطباعات إيجابية لدى عشاق الكرة في بلادنا، لأنه جاء في الوقت المناسب ليعطي دفعا قويا لكرتنا لمواصلة صحوتها التي بدأتها ذات يوم في شهر نوفمبر سنة ,2010 بأم درمان السودانية، قبل أن تعود إلى نقطة الصفر بعد سنتين من خلال غيابها عن نهائيات كأس إفريقيا للأمم الأخيرة· وشاءت الصدف أن تكون عودة منتخبنا الوطني إلى واجهة الأحداث بملعب تشاكر بالبليدة، الذي عاش في الماضي لحظات تاريخية أبرزها كان الانتصار الكبير على المنتخب المصري (3 - 1)· اليوم، ومع عودة أجواء المونديال ترك الفوز أمام رواندا أصداء طيبة كيف لا والتشكيلة الوطنية حصدت أولى نقاطها التي قد تعيد لها الطريق للذهاب إلى البرازيل بعد سنتين خاصة بعد بروز بوادر معالم تشكيلة وطنية شهدت تغييرات كثيرة مقارنة بتلك التي دافعت عن الألوان الوطنية في سفرية القاهرة وأم درمان· ولم يقتصر هذا التغيير على اللاعبين الذين طرقوا أبواب المنتخب بل أن الجديد الذي باشر به الخضر يتمثل في قدوم المدرب البوسني حليلوزيتش، الذي تولى المهمة في أعقاب مهزلة مراكش· ولئن كانت النتائج التي حققها هذا البوسني، لحد الآن تعتبر إيجابية كونه حصد فوزه الخامس منذ مجيئه، فإن الإنطباع الأول الذي مكن الخروج به هو أن التشكيلة الوطنية لم تواجه لحد الآن منتخبا من العيار الثقيل الذي يمكن أن نقيس به مدى قوة منتخبنا وجاهزيته للذهاب بعيدا في رحلة البحث عن التأشيرة الإفريقية والعالمية، وفي هذا السياق يبقى السؤال مطروحا حول أهمية نتيجة يوم السبت الماضي أمام رواندا، وفيما إذا كانت تعتبر بمثابة مقياسا موضوعيا لتقييم جاهزية منتخبنا ومردوده في الوقت الحالي· رواندا منافس ضعيف إن الذي شاهد اللقاء الذي فاز به منتخبنا بأربعة أهداف، يكون قد خرج بفكرة بل وقناعة بأن المنافس لم يكن من العيار الثقيل ولم يشكل عقبة أمام منتخبنا، ولم يشكل أي خطورة تذكر طيلة ال 90 دقيقة، ولم تظهر أي مؤشرات تعكس نواياه في التنافس على ورقة التأهل· لقد وقفنا على تشكيلة رواندية مهلهلة في كامل خطوطها، ومفككة إلى درجة أنها لم تستطع الوصول إلى مرمى الحارس مبولحي، سوى في مناسبة أو مناسبتين، حيث لعبت طيلة أطوار اللقاء في الخلف بهدف التقليل من خطورة الخضر والخروج من اللقاء بأقل الأضرار، وهي المهمة التي وفقت فيها إلى حد بعيد، لأن النتيجة العريضة لا تعكس بأي حال من الأحوال الفارق الكبير الذي ميز خرجة المنتخبين، إذ كان بإمكاننا تسجيل أهداف أخرى من كرات سهلة أمام دفاع المنافس، وهو الأمر الذي لم يتحقق، وفي هذا الصدد علينا كذلك التركيز على مرحلة الشك التي مر بها أشبالنا في بداية اللقاء وإلى غاية تسجيل الهدف الأول، بعد ظهور الارتباك حينا، والبحث عن ميكانيزمات اللعب حينا آخر، مما سهل مهمة الخصم في المحافظة على شباكه نظيفة بأقل جهد في الدفاع· مالي منافس عنيد وطموح لعل ما قيل حول لقاء رواندا يحيلنا مباشرة إلى إجراء مقارنة بسيطة مع المنافس القادم لمنتخبنا الوطني ممثلا في منتخب مالي الذي يضم عدة فرديات تملك إمكانات كبيرة وتلعب في أندية أوروبية عريقة، ناهيك عن الطموح الذي يحذو رفاق كايتا في لعب ورقة التأهل، وهو أمر مشروع في ظل توفر الفريق على مقومات المنتخبات القوية· ولئن كانت التغييرات التي طرأت على الطاقم الفني للمنتخب المالي بذهاب المدرب آلان جيراس، قبيل أسابيع من انطلاق تصفيات المونديال، فإن ذلك سوف لن ينقص من قيمة الكرة المالية، وهو ما يجعل خرجة الخضر يوم الأحد القادم جد شائكة، حيث سيكون الموعد اختبارا حقيقيا لمدى جاهزيتنا خاصة ما تعلق بالقاطرة الخلفية التي لعبت لقاء رواندا، في راحة تامة ولم تختبر بالشكل الكامل وهو ما يجعل مهمتها حساسة في لقاء مالي طالما وأن المعطيات ستتغير ودور المدافعين في إيقاف الهجوم المالي القوي، يبدو جوهريا إذا أردنا فعلا العودة بنتيجة إيجابية خاصة وأن كل الظروف ستكون في صالحنا انطلاقا من أن اللقاء سيجري في ملعب محايد، ومرورا بالمعنويات المرتفعة لعناصرنا وانتهاء بعودة بعض العناصر المصابة على منوال المدافع مجيد بوقرة، ومهدي مصطفى، وهو ما سيعطي ربما بعض التوازن للقاطرة الخلفية· وما يمكن الإشارة إليه، هو أن إمكانية المرور إلى الدور القادم من تصفيات المونديال يمر حتما عبر التعامل بجدية مع كل اللقاءات، لأن إهدار نقاط خارج الديار قد يؤثر على الترتيب العام في آخر التصفيات· ويمكن القول أن تحقيق نتيجة إيجابية في سفرية مالي تفتح لنا الطريق نحو آفاق جديدة وتؤكد لنا فعلا بأن بوادر التحسن التي ظهرت على مردودنا لم تكن وليد ضعف المنافسين الذين لعبنا ضدهم وإنما نتاج صحوة حقيقية بلمسة فنية للمدرب حليلوزيتش·