مع إقتراب موعد الدخول في مُنافسة كأس العالم بجنوب إفريقيا، يتردّد في محيط المُنتخبات المُشاركة، الكلام الكثير حول النمط التكتيكي المُتوقع أن يدخل به أي فريق في العالم، ومع أن العديد من المُنتخبات ستعمل على مواصلة نسقها في اللعب الذي اشتهرت به، على غرار طريقة الإغلاق الإيطالية. الكُرة الشمولية الهولندية وتبنيها من طرف الإسبان، والاعتماد على الكرات الطويلة والقتال بحرارة من جهة الإنجليز، إلا أنه يتبادر إلى أذهان المُتتبعين من جانب آخر مُعاناة كثيرٍ من المُنتخبات بسبب فُقدانها لنسقها المُعتاد في اللعب لسبب أو لآخر، كما حدث ل“الديوك“ الفرنسية التي ما فتئت تُعاني بعد رحيل زين الدين زيدان، الذي كان يشغل منصب صانع الألعاب الحقيقي، وهو المنصب الذي لم يبق له وجود فعلي في كُرة القدم الحالية. “الخُضر“ يُعانون تكتيكيا على أمل تغيّر الأمور في بلاد “مانديلا” رغم العودة القوية للكرة الجزائرية إلى الساحة الدولية مُمثلة في مُنتخبها الوطني، إلا أن المُلاحظ في أداء أشبال رابح سعدان هو غياب الطريقة التكتيكية الواضحة التي بإمكانها أن تُميز الكُرة الجزائرية الحديثة، وبالرجوع إلى التصفيات السابقة نجد أن الروح القتالية كانت العامل الأول والأخير في التأهل والفوز ببطاقة المونديال، لاسيما أن كثيراً من اللاعبين لم يتعودوا اللعب إلى جانب بعضهم، ما أخفى الانسجام الواضح بينهم، وهو الأمر الذي لا يُحبذ وجوده في المُسابقة العالمية شهر جوان القدم، باعتبار نمطية المُنافسة واعتمادها على الدقة التكتيكية واستغلال الإمكانات المُتوفرة قدر المُستطاع. الإغلاق والمُراقبة الفردية أحسن حل لأجل الوقوف في وجه كابيلو ومع أن مواجهة سلوفينيا مفتوحة على كُل الاحتمالات، يُعتبر المنتخب الإنجليزي المُرشح الأول للفوز باللقاء الذي سيجمعه أمام المُنتخب الوطني، لتوفره على تشكيلة مُدعمة بالكثير من النجوم البارزة في سماء الكرة العالمية حديثاً، ومع اعتماد الإنجليز حتى بوجود المُدرب العريق فابيو كابيلو على طريقتهم المُعتادة (4-4-2) والعمل على الكرات الطويلة بالاعتماد على مُهاجمين ذوي فعالية على غرار روني وكراوش، سيكون الاعتماد على الأسلوب الإيطالي المعروف ب“الكاتيناتشو“ إلى جانب المراقبة الفردية اللصيقة أفضل حل لضمان الندية، إذ لن يكون تركيز اللعب على صانع ألعاب أو وسطا ميدان مُتقدمين (demi-droite+demi gauche) في صالح تشكيلة سعدان، لامتلاك الإنجليز واحداً من أفضل خطوط الوسط العالمية بوجود لاعبين من وزن ستيفن جيرارد وفرانك لامبارد. كابيلو يخاف الطريقة الإسبانية،فهل نملك الإمكانات لتطبيقها! في أحد تصريحاته الأخيرة، أكد مُدرب المُنتخب الإنجليزي وإبن مدرسة “الكاتيناتشو“ الإيطالية كابيلو، أن أسلوب اللعب الإسباني يُعتبر الأفضل حالياً لتميّزه واعتماده على الاحتفاظ بالكرة... وبالرجوع إلى التسلسل المنطقي، نجد أن الأسلوب ذاته هو الذي اعتمده الهولنديون في كأس الأمم الأوروبية 1988 بقيادة فان باستن، إذ يُعرف بالكرة الشمولية التي أصبحت الميزة الأساسية في طريقة لعب برشلونة الإسباني ومنه إلى المُنتخب الأول هناك، وعن إمكاناتنا المُتوفرة، نجد أن تطبيق أسلوب مثل هذا سيعتمد بالدرجة الأولى على الانسجام الكبير بين اللاعبين، بتكريس اللعب على الأجنحة والتمركز الجيّد لوسط الميدان الدفاعي مع المُساهمة الدفاعية في بناء الهجمات، الأمر الذي لا يبدو صعباً بالنظر إلى النوعية المُحترفة التي نتوفر عليها، والتي لا تحتاج إلا لتحضير جيّد على مقاسات عالمية لخلق مثل هذا النوع من الانسجام. الأغبياء فقط هم من يُفكّرون في التسجيل على الإنجليز من الكرات الثابتة هذا ويرجع الحديث على كُل هذه الأساليب إلى صعوبة تبني طريقة لعب جزائرية خاصة، رغم أن الكثير من المُتتبعين يُقرون بمزج الكرة الجزائرية لطريقتي الدفاع الإيطالية والإمتاع البرازيلية، وهما طريقتان مُتناقضتان في بنائهما، لتبقى التربصات القادمة أبرز فرصة لإيجاد الحلول المُمكن أن تعود على تشكيلة سعدان بالنفع أمام مجموعة لا تبدو سهلة على الإطلاق، وإلى جانب ذلك لن يكون الاعتماد على الكرات الثابتة ذا نفع كبير في المُسابقة العالمية المُقبلة، بالنظر إلى قوة مُنافسي “الخُضر“ من الجانب البدني وتفوقهم عل مُستوى الكرات العرضية والثابتة، خاصة المنتخب الإنجليزي الذي يضم لاعبين طوال القامة في الدفاع ووسط الميدان، لذلك فمن الغباء الاعتماد على الكرات الثابتة للتسجيل في مرمى الإنجليز. بوزيد أو بوڤرة الأقرب إلى شغل هذا المنصب ... جهة الظهير الأيمن في المنتخب لا تُبشّر بالخير وشاقوري أضعف الحلول سبق لنا أن أشرنا في أعدادنا السابقة من “الهداف“ إلى أن مكمن قوة منافسنا الأول في المونديال المقبل (المنتخب السلوفيني) تأتي من النجاعة الهجومية الرهيبة لجهته اليسرى، إذ أن 70 بالمائة من أهداف هذا المنتخب جاءت من هذه الجهة خلال مشوار تأهله لكأس العالم المقبلة، ويشبه المنتخب السلوفيني في طريقة لعبه المنتخب الصربي كثيرا، الشيء الذي جعل الكثير من مناصري المنتخب الوطني قلقين بشأن قدرة ظهير “الخضر“ الأيمن المستقبلي في الوقوف في وجه هذه الحملات الهجومية المركزة على جهته، حتى لا تتكرر فضيحة الثلاثية في مدينة بولكوان الجنوب إفريقية. لا مفتاح ولا رحو أقنع سعدان بعد استبعاد رحو نهائيا من قائمة اللاعبين المدعوة إلى تنشيط فعاليات المونديال المقبل، إثر فشل هذا الأخير في تغطية رواقه بالشكل المناسب دفاعيا خلال مقابلتنا الودية أمام صربيا، خاصة أن أغلب الأهداف التي تلقاها منتخبنا الوطني في هذه المواجهة جاءت من جهته، اتجهت أنظار الناخب الوطني رابح سعدان لظهير شبيبة القبائل الأيمن مفتاح ربيع الذي فشل هو الآخر في إقناع سعدان بأحقيته في هذا المنصب خلال مقابلة المنتخب الجزائري للمحليين أمام نظيره الليبي والتي بدا فيها مفتاح تائها على أرض الملعب هجوميا ودفاعيا. شاقوري متذبذب المستوى وهفواته الدفاعية خطيرة بعد التأكد من عدم نجاعة كل من رحو ومفتاح، لم يجد السيد سعدان بدا من إرسال مبعوثه الخاص لمعاينة ظهير منتخب آمال فرنسا السابق شاقوري الذي قيل عنه الكثير من الكلام في الصحافة، شاقوري الذي أصبح مستواه متذبذبا في الآونة الأخيرة وأصبح لا يشارك أساسيا مع ناديه شارل لوروا البلجيكي قد يكون حلا لمشكلة الظهير الأيمن في منتخبنا الوطني لكن الأمر المؤكد هو أنه سيكون أضعف الحلول على الإطلاق، فشاقوري ومثلما هو معروف عنه في بلجيكا يتميز بمساندة هجومية فعالة لفريقه لكنه يبقى متذبذب المستوى فيما يخص التغطية الدفاعية، إذ أعابت عليه الصحافة البلجيكية الرياضية المتخصصة في أكثر من مرة عدم تركيزه في تشتيت الهجمات وتساهله في المراقبة الفردية، جدير بالذكر أن اللاعب الذي لعب لكامل أصناف المنتخب الفرنسي قد غير منصبه ليصبح مدافعا محوريا لمدة غير قصيرة قبل أن يعود مجددا للعب كظهير أيمن. الزج ب مطمور في متاهات التغطية الدفاعية أمر غير محمود العواقب يعد اللعب بمطمور كظهير أيمن متقدم “جوكير“ تكتيكي لمدربنا الوطني، خاصة أن هذا الأمر نجح فعليا في بعض مقابلاتنا السابقة، لكنه سيكون مغامرة غير محمودة العواقب إذا ما تم الاعتماد عليه في المونديال المقبل، لسبب هام جدا وهو نقص الفعالية الدفاعية لمطمور، هذه الأخيرة التي لا يجب أن نعتمد عليها كثيرا في ظل الوزن الثقيل للمنتخبات التي سنواجهها في المونديال والذي سيتطلب منا لا محالة تركيزا وتنظيما دفاعيا محكما. الحل قد يكون بوزيد أو بوڤرة في غياب حلول كثيرة ترى نسبة كبيرة من مناصري المنتخب الوطني أن حل مشكلة الظهير الأيمن لن يخرج عن إطار لاعبين يعدان من كبار مدافعي البطولة الاسكتلندية التي تتميز بالاندفاعات البدنية القوية ولياقة لاعبيها القوية، وهما بوزيد أو بوڤرة، فبوزيد صاحب البنية القوية واللياقة البدنية الكبيرة الذي يلعب بانتظام مع ناديه سيكون حلا فعالا كظهير أيمن في حال ما اعتمد سعدان على حليش وبوڤرة في قلب الدفاع كما سيكون بوڤرة الذي سبق له اللعب كمدافع أيمن ضمن منتخبنا الوطني فعالا جدا هو الآخر في هذا المنصب في حال ما أوكلت مهمة محور الدفاع لبوزيد وبوڤرة. كيف حضّر ممثلا العرب في الدورة السابقة ل المونديال... تونس تربصت في سويسرا، السعودية في هولندا والنمسا.. ومصر أرنب سباق ممتاز يعيش العالم منذ فترة وإلى غاية شهر جويلية على وقع ثاني أكبر حدث رياضي في العالم بعد الأولمبياد، إنه مونديال أكثر الرياضات شعبية على وجه البسيطة، الحدث الذي ينتظره ملايير البشر مرة كل 4 سنوات، وبفخر شديد، يعيش الشعب الجزائري هو الآخر حدث وصول “الخضر“ إلى معترك الكبار، منتظرا من زملاء زياني تشريفه ورفع الراية الوطنية عاليا وسط أكبر الشعوب الكروية، غير أن القدر آثر بلوغ الجزائر المونديال بعد 24 سنة من الغياب دون خصوصية، كانت الانفراد بتمثيل العرب قاطبة من المحيط إلى الخليج، ما يجعل المأمورية أثقل وأكبر لأن العرب وللأسف أخفقوا في مهامهم منذ دورات، آخرهم كان المنتخبان التونسي والسعودي اللذان غادرا من الدور الأول في ألمانيا 2006. تونس واجهت صربيا، تربصت في مرتفعات سويسرا وحضّرت بدورة “أل. جي“ ممثلة عرب إفريقيا الوحيدة في دورة ألمانيا 2006 كانت الشقيقة تونس، والتي عبرت مسار التصفيات بشكل تقريبي مع مسيرة “الخضر“ خلال التصفيات الماضية، فقد وجدت في طريقها منافسا عربيا عنيدا كان المنتخب المغربي، والحسم كان بمباراة شهيرة جرت بملعب رادس بالعاصمة تونس، حسمه رفقاء البرازيلي الأصل دوس سانتوس بهدف دون رد، غير أن المنتخبين مرّرا الأمر دون تجاوزات عكس ما تعرض له المنتخب الوطني، أما بخصوص المرحلة التحضيرية للمنتخب التونسي، فبدأت بكأس أمم إفريقيا مطلع 2006، بطولة خرج منها “نسور قرطاج“ بأربعة مباريات في الأقدام كونهم غادروا البطولة من الدور الثاني وهم حاملو اللقب السابق، ومن غريب الصدف أن تونس استقبلت في أول لقاء إعدادي للمونديال منتخب صربيا، مثلما حدث مع “الخضر“، والغريب أيضا أن رفقاء عصام جمعة انهزموا أيضا على أرضهم، ليأتي الدور على التربص الخارجي التحضيري للمونديال، حين وقع اختيار المدرب الفرنسي روجي لومير على أعالي سويسرا ما بين 20 و27 ماي، ومن ثم آخر المراحل الإعدادية بالمشاركة في دورة “أل. جي“ الودية بتونس، خاض فيها النسور لقاءين أمام روسياالبيضاء وأوروغواي. عانت كثيرا من الإصابات على شاكلة أزمة “الخضر“ الحالية اشتكت تونس من أزمة إصابات كبيرة لدى عناصرها الدولية قبل مونديال ألمانيا الأخير، فآخر شهرين تقريبا سبقا البطولة، كانا كابوسا حقيقيا على الجماهير التونسية التي لم تكن تستفيق من خبر إصابة واحد من أعمدة الفريق حتى تستقبل آخر، غير أن لاعبيه الكبار من أمثال حاتم الطرابلسي، عصام جمعة وحامد النموشي استعادوا عافيتهم في الوقت المناسب، لكن الكابوس أخذ منحنى آخر مع الإصابات بعد أن اضطر المدرب لومير إلى استبدال لاعبين من تعداده خلال كأس العالم هما عصام جمعة ومهدي مرياح، وهي سابقة في تاريخ المشاركات العربية، كما شكلت اللقاءات الودية أزمة أخرى للتونسيين، فقد اعتذرت كل من الكويت، عُمان، العراق وأخيرا نيوزيلندا عن إجراء لقاءات ودية مع تونس في ألمانيا قبل المونديال بأيام قليلة، ما اضطرهم لمواجهة ناد ألماني هاو. السعودية بماراطون من المباريات الودية وتتربص بهولندا ثم النمسا تميز تحضير ممثل العرب الثاني، وواجهة “عرب آسيا“ في مونديال ألمانيا، “السعودية“، بالكثافة الكبيرة جدا، بحيث احتوت الفترة ما بين مطلع سنة 2006 وقبل افتتاح كأس العالم بأيام قليلة على 10 مباريات كاملة، 6 منها أمام منتخبات مونديالية، أنهاها رفقا سامي الجابر بهزيمة أمام المنتخب التركي بألمانيا، وقبلها أمام التشيك، أما الفترة الإعدادية فقد كانت مطولة ومنقسمة إلى فترتين، الأولى كانت في هولندا ابتداء من 23 أفريل 2006 لمدة أسبوعين، خاض خلالها السعوديون لقاءين وديين أمام طوغو وبلجيكا، ومن ثم تربص آخر بأعالي النمسا مدته أسبوع واحد واجهوا فيه المنتخب التشيكي، انتهى بتفوق الأخير بنتيجة هدفين دون رد، وهذا قبل شد الرحال إلى ألمانيا قبل المونديال بأكثر من عشرة أيام. يذكر أن منتخب السعودية أجرى لقاء وديا أخيرا مع ناد ألماني هاو، فاز فيه بنتيجة 15-0 قال عنها البعض في بلد الحرمين إنها سببت غرورا للاعبين. مصر في الموعد أيضا لأجل تدريب إسبانيا على العرب! في نسخة مطابقة لتحضيرات مونديال جنوب إفريقيا 2010، وبالضبط عندما اختار الإيطالي فابيو كابيلو مواجهة مصر لإعداد إنجلترا قبل ملاقاة الجزائر، التقى “الفراعنة“ مع منتخب عالمي آخر كان إسبانيا قبل مونديال ألمانيا، وهذا من أجل تحضيرات الإسبان لمواجهة المنتخبين العربيين تونس والسعودية (في المجموعة نفسها إلى جانب أوكرانيا)، يومها سقطت مصر نتيجة وأداء أمام رفقاء راؤول بثنائية نظيفة كادت تكون أثقل وأكبر لأبطال إفريقيا تلك السنة أيضا، ويشار أيضا إلى أن المدرب حسن شحاتة قال حينها إن إسبانيا ليست بالمنتخب الكبير، وبإمكان السعودية وتونس الإطاحة بها، وأجمل ما في الأمر أن “المعلم“ المصري لم يعد ملاحظته للجزائر بعد هزيمته من إنجلترا.