أرأيت كيف فرج الله للأمة بعد الهجرة وقد عاشت قبلها أحلك الظروف وأصعبها؟ وفي الأحزاب حيث بلغت القلوب الحناجر وظن الناس بعدها الظنون، بعد ذلك كانت مقولة النبي صلى الله عليه وسلم وهي مقولة صدق: "الآن نغزوهم ولا يغزوننا"، وحين مات النبي صلى الله عليه وسلم وضاقت البلاد بأصحاب النبي، وارتد العرب، وأحدق الخطر، ما هي إلا أيام وزال الأمر، وتحول المسلمون إلى فاتحين لبلاد فارس والروم، وصار المرتدون بإذن الله بعد ذلك جنوداً في صفوف المؤمنين، والعبر في التاريخ لا تنتهي، فهل يعي المسلمون اليوم هذه الحقيقة وهم يعيشون أزمة البعد عن دين الله، والإعراض عن شرعه، وانتشار ألوان الفساد، وفي المقابل التآمر في كثير من الدول على الإصلاح والمصلحين وانسداد الأبواب في وجوههم، مما أدى إلى سيطرة اليأس على كثير من المسلمين وأصبحت لغة التشاؤم هي السائدة في مجالس بعض الصالحين، أضف إلى ذلك أن المسلم يشعر أن الأمور بقدر الله، وأنه تبارك وتعالى قد كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض، وأن قدره وقدرته فوق كل ما يريد ويكيد البشر، وأن الأمر قد يكون في ظاهره شرّاً، ثم تكون العاقبة خيراً بإذن الله، أرأيت حادثة الإفك وفيها من الشناعة والبشاعة ما فيها، ومع ذلك هي بنص القرآن: {لا تَحْسَبُوهُ شَراً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}، فخلاصة الأمر.. إن مع العسر يسرًا وعلى المسلمين التفاؤل والصبر والقرب من الله أكثر.