إنّ من مقاصد الشريعة الإسلامية حماية أعراض المسلمين وصيانتها، ولهذا حرّمت الطعن في عرض المسلم، فقد قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ''كلّ المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه'' رواه مسلم، فلا يجوز اتهام المسلم بالفواحش لمجرد الظنون والأوهام، والنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: ''إيّاكم والظن، فإنّ الظن أكذب الحديث ولا تحسّسوا ولا تجسّسوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانًا'' رواه البخاري ومسلم. فالكثير والكثير من النّاس تراهم يطعنون ويشتمون ويسبّون ويهتكون أعراض بعضهم بعضًا، ولا ينتبهون لهذا الأمر الخطير، وقد يجاملون غيرهم، وعادة أن النّاس في مجالسهم يجامل بعضهم بعضًا، فإذا تكلّم واحد، قالوا: صحيح والله، ولو أنّ المتكلّم أثنى ومدح، لقال القائل: نعم صحيح هو كذلك، وإن ذمّ وشتم، قالوا: والله صحيح، دون التحقق من هذا. إنّ تحريم الله تعالى النيل من عرض المسلم أمر معلوم من الدّين بالضرورة في إطار الضروريات الخمس الّتي جاءت من أجلها الشّرائع، ومنها: (حفظ العرض).. فيجب على كلّ مسلم أن يُعظِّم في نفسه حُرمة المسلم: في دينه ودمه وماله ونسبه وعرضه. واعلم أنّ الأصل بناء حال المسلم على السّلامة والستر، لا على الهتك والسب والشتم، لأن اليقين لا يزيله الشك وإنّما يزال بيقين مثله، فاحذر، رحمك الله، ظاهرة التصنيف هذه، واحذر الاتهامات الباطلة واستسهال الرمي بها هنا وهناك، وانفض يدك منها، تطب نفسك وترتاح وتلقى ربّك الحليم المنّان. كما أخرج الإمام أحمد عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''مَن ذبّ عن عرض أخيه بالغيب كان حقًا على الله أن يعتقه من النّار'' إسناده حسن. وروى أبو الشيخ في التوبيخ عن أنس رضي الله عنه مرفوعًا: ''مَن اغتيب عنده أخوه المسلم فلم ينصره وهو يستطيع نصره أدركه إثمه في الدنيا والآخرة''، وأخرج الإمام أحمد عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ''مَن أذل عنده مؤمن فلم ينصره وهو يقدر على أن ينصره أذلّه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة''. فهذا المطلب العظيم غاية غالية، تحصل من خلاله على أجر كثير، وهو ليس بكبير ولا عسير، بل هو هين وميسور وسهل لمَن يسّره الله تعالى له، وهو أن تذبّ عن عرض أخيك المؤمن إذا ذُكِر بما ليس فيه وإذا اغتيب أو نيل منه وهو غائب وأنت حاضر، فمَا عليك إلاّ أن تقول: لا، اتّقوا الله، وتبيّن أن هذا كذب أو افتراء أو حرام أو إثم، وتَذْكُر ما فيه من الخير، وما تعلَم عنه من الصلاح ولا تزكيه على الله تبارك وتعالى.