فئةٌ موفقة، وجوههم مسفرة، وجباههم مشرقة، وأوقاتهم مباركة، فإن كنت منهم فاحمد الله على فضله، وإن لم تكن من جملتهم فدعواتي لك أن تلحق بركبهم، أتدري من هم؟ إنهم أهل الفجر، قوم يحرصون على أداء هذه الفريضة، ويعتنون بهذه الشعيرة، يستقبل بها أحدهم يومه، ويستفتح بها نهاره، والقائمون بها تشهد لهم الملائكة، و من أداها مع الجماعة فكأنما صلى الليل كله. إنها صلاة الفجر التي سماها الله قرآنا فقال - جل وعز -: (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُود)، المحافظة عليها من أسباب دخول الجنة، والوضوء لها كم فيه من درجة، والمشي إليها كم فيه من حسنة، والوقت بعدها تنزل فيه البركة، قال النبي: - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم بارك لأمتي في بُكورهَ). يا أهل الفجر.. الذين أجابوا داعي الله وهو ينادي (حي على الصلاة، حي على الفلاح)، فسلام على هؤلاء القوم، حين استلهموا (الصلاة خير من النوم)، واستشعروا معاني العبودية، فاستقبلتهم سعادة الأيام تبشرهم وتثبتهم، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((بشر المشائين في الظلم إلى المسجد بالنور التام يوم القيامة). يا أهل الفجر.. لقد فزتم بعظيم الأجر، فلا تغبطوا أهل الشهوات والحظوظ العاجلة فما عندهم -والله- ما يغتبطون عليه، بل بفضله وبرحمته فاغتبطوا، وإياه على إعانتكم فاشكروا، وإليه فتوجهوا، يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله". يا أهل الفجر... هنيئاً لكم أن تتمتعوا بالنظر إلى وجه الله الكريم في الجنة، قال - صلى الله عليه وسلم - : (إنِّكم سترون ربَّكم كمَا ترون هذا القَمرَ لا تُضامونَ في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تُغلبوا على صلاةٍ قبل طلوع الشَّمسِ وقبلَ غروبها فافعلُوا ثم قرأ: " وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ).