البث المباشر يفضح التقييم الحقيقي لأمريكا للعدوان كيري وزير خارجية أمريكا متحمس مع إسرائيل في عدوانها الجديد على غزة وداعم بشكل علني، متجاوزا كل القوانين والمواثيق الدولية في موضوع حقوق الإنسان، ومتجاوزا المنطق الإنساني في قناعته بأن ما تفعله إسرائيل من إبادة جماعية لشعب محاصر هو حماية لها ودفاع عن النفس ومضطرة إليه، لأن الإرهابيين يتمترسون خلف الأهالي، وبغض النظر عن هذا وذاك، فإن عراب العدوان الصهيوني الأخير على غزة كان يراهن على حسم القضية نهائيا في هذه الجولة باجتثاث فصائل المقاومة من غزة وعلى رأسها حماس وإنهاء وجودها فيها وإخضاع غزة للسلطة الفلسطينية في رام الله لإتمام تسوية الملفات العالقة في المفاوضات بين رام الله والصهاينة، وبهذا الإصرار، اتضح أن إسرائيل قدمت وعدا بالحسم نهائيا هذه المرة وأعطيت لها الفرصة والدعم غير المسبوقين للدرجة التي ظهر فيها طابور عربي من اعلاميين ومثقفين يساند هذا العدوان ويبرره ويتهجم على المقاومة ويحملها سبب ما تعيشه غزة، بالإضافة للموقف السلبي لكل الأنظمة العربية الذي زاد من همجية الهجمة ووحشيتها. هذا الدعم كله وهذه الوحشية وبعد 13 يوما من العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطينيفي غزة، فوجئ الجميع بأنه لا هدف تحقق غير مجازر رهيبة للأهالي في غزة وأشلاء قطعتبشكل وحشي لأطفال ونساء وصلت نسبة استهدافهم في هذا العدوان إلى أكثر من 40 فيالمائة من مجمل أكثر من أربعة آلاف بين قتيل وجريح. كل هذا وضع عراب العدوانالإرهابي للكيان الصهيوني في وضع حرج وقنوات العالم كلها تعرض تلك المجازر الهمجيةوصحف العالم تتحدث عنها وعن جدوى العدوان ومسيرات في عواصم أوروبا وقلب امريكابأعداد غير مسبوقة زاد من ورطة كيري الذي لم يخف استياءه من الطريقة الفاشلة لإدارةإسرائيل للعملية العسكرية على غزة في كلمة اعتبرت "زلة لسان" في حوار مع قناةأمريكية، وكان يظن أن البث لم يبدأ بعد، وحينما أخبره الصحفي بأنه على الهواء سارع إلىالقول بأنه يجب الذهاب إلى إسرائيل، لأن جنودا إسرائيليين قتلوا، وهي زلة ثانية كسابقتهافي حوار تلفزيوني مباشر يضاف إلى زلات سابقة. استياء كيري من فشل إسرائيل يعبر عن أن فرصة ثمينة في ظرف استثنائي وبدعم استثنائيضيعتها إسرائيل وضيعت معها كل الجهود والوعود وحتى الخطة التي كانت نتيجتها اجتثاثالمقاومة من غزة، كل هذا ذهب أدراج الرياح ولم تحقق إسرائيل شيئا وظهرت للمجتمعالدولي بوجه أسوأ من سابقتها، بالإضافة إلى أنها وقفت عاجزة عن الدخول إلى غزة بعد أنأظهرت المقاومة الفلسطينية تكتيكا عسكريا مغايرا تماما لكل التوقعات التي كانت السببالمباشر في فشل العدوان الجديد. أما بخصوص الزلة الثانية فإنها تدل للمرة الألف أن أمريكا غير معنية بحقوق الإنسان حينمايتعلق الأمر بمصالحها أو مصالح حلفائها، وأن المجازر الرهيبة التي وقف على بشاعتها كلالعالم لا تعني شيئا لكيري وإدارته بقدر ما يعني مقتل جندي صهيوني مجرم متلبس بقتلالأبرياء الشيء الكبير، بل والخطير، هذا المنطق يزيد في الثقة بأن الرهان على أمريكا فيحل القضية الفلسطينية أو غيرها من القضايا المشابهة كالرهان على اللص المجرم في حفظحقوق الناس.