مشاكل الجيران في الجزائر نعيش زمن مقاضاة الجيران لأتفه الأسباب، حيث نرى وجه الاختلاف لقيمة الجار بين الحاضر والماضي، إذ تظهر قيمته في الأمثال الشعبية التي قيلت فيه "إشري الجار قبل الدار" و"ما تفتح بابك ما تخوّن جارك"، نعم هكذا كانت تقاليدنا وعاداتنا التي لم تكن يوما تخالف الأخلاق الحميدة في مجتمعنا. وهكذا تختلف قيمة الجار عند المواطن الجزائري بين الماضي والحاضر. وارتفاع الجلسات القضائية التي تفصل في نزاعات ومشاكل الجيران، خير دليل على ذلك. يقتل جاره بسبب نظره إلى شرفة منزله تعود قضية شاب بحسين داي إلى صائفة العام الماضي، حي قتل الضحية من طرف جارف المقابل له بسبب النظر إلى شرفة هذا الأخير، وحسب الحيثيات فإن القاتل لم يتحدث معه أو يحذره من إعادة النظر إلى شرفة منزله، بل راقبه لمدة أسبوع، فوجده فعلا لم يتوقف يوما عن النظر إلى شرفة منزله خاصة عند وجود بناته أو زوجته، فقرر قتله بطلقة نارية من مسدسه المرخص، التي وجهها مباشرة في قلبه الأمر الذي أرداه قتيلا، وانتهت القضية بحبس المتهم.
أب يكسر يد ابن جاره لأنه عاكس ابنته الطالبة الجامعية في قضية مشابهة تقدم شاب إلى محكمة سيدي محمد يتهم فيها جاره الذي ضربه ضربا مبرحا، تسبب من خلاله في كسر يده، طالبا من القاضي تعويضا عن الضرر المادي والمعنوي الذي تعرض له، وعند سؤال المتهم عن الأفعال المتبوع بها، اعترف بحجة أن ابن جاره يعاكس ابنته باستمرار عند توجهها إلى الجامعة، وانتهت المحاكمة بتوقيع الشاب تعهد عدم التحرش بالفتاة مرة أخرى.
يقاضي جاره بسبب نافذة وسيدة تجر جارتها إلى العدالة بسبب الغسيل وترجع قضية عمي السعيد القاطن ببلكور الذي رفع شكوى ضد جاره أحمد بسبب إحداث فتحة في الجدران المقابلة لمنزله وتحويلها إلى نافذة تطل على نافذة مطبخه وقبل ثلاثة أشهر اشتكى به بسبب تمرير قنوات صرف المياه الصحية على منزله، وتقريبا نفس القضية حدثت بإحدى العمارات بالعاصمة، حيث جرّت إحدى الجارات التي تسكن في الطابق الأول جارتها الساكنة في الطابق الثاني إلى العدالة بسبب الغسيل الذي يقطر على غسيلها، وحتى شجارات الأطفال التي تنتهي في كثير من الأحيان إلى إصابة أحدهم بجروح توصلها إلى القضاء.
10 سنوات عداء من أجل قطعة أرض تعود قضية المدعو (س.م) إلى 10 سنوات حيث رفع قضية على جاره (ج.أ) حول ساحة منزل جاره الذي بنا جدارا محاذيا لمستودع قدمته له البلدية، وبعد أشهر قلائل حوله محل لتصليح العجلات ولتوسيع مستودعه، رفع قضية ضد جاره يطلب فيها تلك الساحة التي تنتمي إلى حديقته بحجة أنه كانت ضمن المستودع وجاره استولى عليها ببنائه جدارا، وبسبب مساحة 30 مترا نشب شجار حاد وعداء مستمر إلى يومنا كون العدالة لم تفصل في القضية بعد.
النساء يحطمن الرقم القياسي في الشجارات بين الجيران صرحت محامية للشروق اليومي أن النساء احتلن الصدارة في عدد القضايا التي يرفعنها إلى العدالة ضد الجيران بسبب شجارات بسيطة، ولأسباب تافهة تحدث شجارات بين الجارات تخلق عداوات تدوم لعشرات السنين، وهذا تقول الأستاذة عكس ما نلمسه عند الرجال حيث غالبا ما تنشب شجارات حول قضايا أكثر أهمية مثل الشرف أو قطعة أرض، وإن دخل هؤلاء الرجال في صراعات لا معنى لها، فإننا نجد أن وراء ذلك زوجاتهم اللواتي تحرضنهم على ذلك.
أحاديث الرسول الكريم تثبت قيمة الجار والجيرة شرعا عند سؤالنا إمام بأحد مساجد العاصمة عن حكم الشرع في معاملة الجيران، أجابنا قائلا: "هناك أحاديث كثيرة يوصي بها الرسول صلى الله عليه وسلم معاملة الجار معاملة حسنة، وقصة الجار اليهودي الذي كان يرمي النفايات أمام منزل الرسول عليه الصلاة والسلام خير دليل على ذلك، ففي إحدى المرات لم يجد النبي كيس النفايات أمام باب منزله فسأل عن جاره اليهودي، الذي ثبت أنه مريض... إلى آخر القصة، وحديث القائل "مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه" وهذا كله يثبت قيمة الجار والجيرة شرعا.