صغار وكبار.. بسطاء وإطارات.. كل هؤلاء لم يسلموا من السب والشتم أو حتى الضرب والجرح العمدي المفضي أحيانا إلى عاهة مستديمة لأسباب أقل ما يقال عنها تافهة تصدر بينهم بحكم الجيرة.. وسواء كانوا ضحايا أم متهمين، فإنهم يجرون إلى المحاكم دون رغبة في ذلك. * يؤكد الأستاذ عمار خبابة، محامي لدى المحكمة العليا "للشروق اليومي" أن ظاهرة الخلافات بين الجيران في تزايد ملحوظ، حيث قدّر بأن 60 بالمائة من القضايا في محاكم الجنح تتعلق بالسب والشتم أو الضرب والجرح العمدي، منها 20 بالمائة شجارات بين الجيران. ولاتساع رقعة الظاهرة - يضيف المتحدث - ومساسها بالنظام العام، أصبحت مصالح الأمن تتدخل لفض النزاع بين الأطراف أو لإحالتها على المحاكم، وهنا يجد البعض حرجا حتى ولو كانوا الضحايا. * وعن أسباب هذه الخلافات، يقول الأستاذ عمار خبابة، إن أزمة السكن واكتظاظ العمارات بساكنيها خلق نوعا من الضغط النفسي وتسبب في إزعاجات متكررة بين الجيران عن قصد أو دون قصد غالبا ما تكون وراء شجارات عنيفة لا يحمد عقباها. * ويشير خبابة إلى أن عقاب المعتدين على جيرانهم يختلف حسب الجنحة المرتكبة التي تصل إلى جناية في حالات نادرة. وفيما يخص الجانب الأخلاقي للظاهرة، قال المتحدث، إن غياب الأسرة التقليدية وتحرر المرأة، وكذا انتشار الطلاق والإهمال العائلي فتح المجال واسعا للتصرفات اللاأخلاقية بين الجيران المؤدية إلى التعدي على حرمة الغير، إذ تحولت حسبه بعض شقق العمارات لممارسة الفساد والدعارة، إضافة إلى ذلك تناول شريحة واسعة من أبناء الأحياء المؤثرات العقلية، كل هذا كفيل لأن يفسد العلاقة الجوارية بين الجزائريين. * سيدة، أدانتها محكمة الحراش ب18شهرا حبسا نافذا وطعنت في الحكم مرة ثانية، قالت للشروق اليومي إن الخلاف بين جيرانها كان بسبب ثوب كانت تعلقه على حبل الغسيل، سقط في حديقتهم، ولكن العواقب كانت أكبر، لأنها تفاجأت بمتابعتها قضائيا، الأمر الذي اثّر على ابنها، وهو طالب بالجامعة، وجعله يترك دراسته بسبب الحكم الذي صدر ضد أمه. * وفي ذات المحكمة، التمست النيابة لشيخ مصاب بإعاقة على مستوى رجله، ولزوجته المريضة بداء السكري، شهرين حبسا نافذا وغرامة مالية عن جنحة الضرب والجرح العمدي ضد جارتهما التي يعمل زوجها في الصحراء. وتعود حيثيات القضية عندما نشب شجار بين الجارتين بسبب ماء الغسيل، فصعدت العجوز إلى جارتها لتتشاجر معها وتطور الخلاف إلى تدخل الشيخ وكسره باب الجارة بحضور زوجها الذي رفع دعوى قضية. * العجوز المتهمة ذرفت دموعها متوسلة للضحية بأن تتركها في حالها، وقالت أمام هيئة المحكمة أن حالة صحتها وصحة زوجها لا يحتملان مثل هذه المشاكل. * قضية أخرى تتعلق بمنظفة بحي جامعي، تورّطت في شجار حاد بين شقيقتين تقطنان معها في نفس العمارة، والخلاف بينهما قديم، ولكنهن تشاجرن في المرة الأخيرة حتى أدخلت أحداهن إلى العناية المركزة تحت تأثير طعنة خنجر. محكمة الحراش أدانتهما ب18 شهرا حبسا نافذا.