الشروق تدخل مخيمهم وتنقل معاناتهم .. وقلق وتضامن من السكان تحولت مخيمات الأفارقة المنتشرة في العاصمة بشكل عشوائي وسط الأحياء والبنايات السكنية إلى قنبلة موقوتة تهدد أمن وسلامة المواطنين وأطفالهم، وخطرا صحيا يتربص بهم وهو ما جعلهم ينتفضون ضد الخطر الداهم. "الشروق" تجولت في أحد المخيمات في بلدية الدار البيضاء بالعاصمة ورصدت الحياة اليومية داخلها للأفارقة الذين يعيشون في أجواء أقل ما يقال عنها أنها "لا إنسانية" ولا تليق بالبشر. على الخط السريع المحاذي لبلدية الدار البيضاء تقابلك خيم لرعايا أفارقة يمارسون حياتهم اليومية بشكل عادي دون أدنى مبالاة من السكان المقابلين لهم، دخلنا المخيم في حدود الساعة الواحدة بعد الزوال، حيث كان الجميع يستعد لتناول وجبة الإفطار وهي عبارة عن "البوزلوف" الذي تصدق به الجزائريون وقطع من اللحم أيضا يطهيها بعض الرجال في المياه على الجمر وسط روائح كريهة وفوضى عارمة. أوساخ طغت على المساحة في الوقت الذي تجمعت بعض النسوة في شكل جماعات يتجاذبن أطراف الحديث وحولهن أبناءهن يتدافعون حول المارة ويطلبون الصدقات، بينما فضل بعض الرجال غسل ثيابهم في ظروف مزرية فقد بلغ عدد الأفارقة المقيمين في المخيم أزيد من 100 رجل وامرأة زيادة عن الأطفال. اقتربنا من أحد الرعايا بحثا عمن يجيد الحديث باللغة العربية أو الفرنسية، لكن الصدمة كانت كبيرة، وبصعوبة كبيرة راح "إسماعيل محمد" من نيجيريا، يتحدث إلينا عن المخيم فقد قدم من ولاية تمنراست ويعيش بمفرده من الصدقات، ليغادرنا مبديا لنا انشغاله بتحضير الغداء. "إبراهيم علي" 25 سنة، وهو أقدم لاجئ إفريقي في المخيم يقيم في الجزائر منذ 15 سنة، يعمل لحاما، أعجب كثيرا بالجزائر وبالحياة هنا، مضيفا أنه لا يملك وثائق فقد أضاعها في تمنراست وقد عمل في عدة مدن على غرار عين صالح وعنابة قبل أن يستقر به المقام في العاصمة. أما "صالح هارون" من النيجر، فقد هرب من الجفاف والمجاعة إلى الجزائر منذ 8 أشهر بحثا عن العمل، ليحولهم الدرك الوطني إلى جانب الطريق السريع منذ 10 أسابيع، بعد أن مدّهم بالخيم والمال والطعام. وأكد محدثنا أن أكثر ما يحز في نفسه هي التصرفات العنصرية من بعض الشباب الجزائريين رغم أنهم مسلمون مثلهم، مستطردا أنهم يرغبون في تخصيص مراكز إيواء لهم تضمهم جميعا. في حين أكد لنا "عبد الحميد عمر" 30 سنة، من النيجر أيضا، كان برفقة زوجتيه وأبنائه الخمسة، أنه يرغب في العودة إلى وطنه بعد أن يستعيد وثائقه، فرغم أن كل شيء متوفر في الجزائر وحظوا بالمعاملة الطيبة، إلا أنه سيرحل، فقد أنهكه التنقل بين عدة جهات تمنراست ورڤلة عين صالح العاصمة والتي استقر فيها منذ شهر ولا بد له من الرجوع. وقد تسبب تواجد الرعايا الأفارقة بشكل مكثف في محيط سكني في تزايد مخاوف سكان الحي، والذين صرحوا ل"الشروق" عن رعبهم من نزوع الرعايا لاستعمال العنف واعتدائهم على الأطفال أو السيدات أو ارتكابهم لجرائم السرقة مستقبلا، وهو ما دفعهم لملازمة المنازل ومنع أبنائهم من الخروج بمفردهم، مواصلين بأنهم يدخلون في مناوشات يومية وشجارات معهم، ويزداد الخطر من الفيروسات ومخلفات الرعايا الأفارقة التي قد تؤدي لإصابتهم بأمراض خطيرة، خاصة الكوليرا، الإيبولا، السل، وقد عاثوا فسادا في مسجد الحي.
تمثل بؤرا لانتشار الأمراض والطفيليات والأوساخ خياطي: مخيمات الأفارقة تمثل خطرا على الصحة العمومية حذر البروفيسور مصطفى خياطي رئيس مصلحة طب الأطفال بمستشفى "بلفور" من الانتشار العشوائي لمخيمات الأفارقة في مختلف مناطق الوطن، واصفا إياها بالخطر الكبير على الصحة العمومية في الجزائر، خاصة على الأطفال وكبار السن، وأضاف في تصريح ل"الشروق" أن الأفارقة المهاجرين إلى الجزائر والمقدر عددهم بعشرات الآلاف قدموا من بلدان فقيرة وضعيفة تفتقر لشروط المراقبة الصحية ما يجعل أغلبهم يفتقرون إلى اللقاحات الصحية وحاملين لمختلف الأمراض. وأضاف خياطي أن المخيمات التي يجتمع فيها الأفارقة بالآلاف تفتقد لأدنى الشروق الصحية وسط غياب تام للماء والكهرباء والمجاري المائية، ما يجعلها مصدرا لظهور أمراض جديدة في الجزائر، على غرار الأمراض الطفيلية المنتشرة عن طريق البعوض والمخالطة، وقال محدثنا أن الأفارقة باتوا في احتكاك يومي مع الجزائريين ما يسهل من انتشار الأمراض. وطالب رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث بضرورة استئصال هذه المخيمات عن طريق وضع الأفارقة في مراكز جاهزة ومراقبة تتوفر على شروط الكرامة والسلامة توفر لهم المراقبة الصحية وشروط الحياة.
جمعية الجزائر البيضاء تطالب بطرد الأفارقة من العاصمة أكد نائب أول رئيس جمعية الجزائر بيضاء، سلامي عبد الحفيظ في لقاء مع الشروق، خطورة تجول اللاجئين الأفارقة من ماليونيجيرياوالنيجر في الأحياء على المواطنين، لأنهم قد يكونون مصابين بأمراض معدية، خاصة عند مبيتهم في الأرصفة وقضاء حاجاتهم في الشوارع وتحت الأشجار وهو ما يسبب حسب المتحدث روائح كريهة وانتشارا للحشرات الضارة التي من شأنها أن تلوث المحيط والبيئة كما تشوه الوجه الخارجي لبلادنا، وأوضح أن هذا ما يعيق مشروع الجمعية في تحقيق عاصمة نظيفة وبيئة غير ملوثة، وأضاف ذات المتحدث في نفس السياق أن بعض الولايات قامت بطرد هؤلاء اللاجئين تخوفا من إصابة أطفالهم وكبار السن من الشيوخ والعجائز الذين مناعتهم ضعيفة، موضحا أجمع أطباء على أن الجزائريين معرضون للعدوى منهم، واقترح من السلطات الولائية ترحيلهم إلى مراكز توفر لهم مراحيض ومرشات للاستحمام.