نشرت : المصدر الشروق الجزائرية الثلاثاء 20 يناير 2015 09:00 تشهد المستشفيات الجزائرية هذه الأيام حالة طوارئ غير مسبوقة، لتوافد عدد كبير من المصابين بأنفلونزا حادة، وما أثار مخاوف المواطنين هو تناقل وسائل الإعلام ثلاث وفيات في ولاية تيزي وزو بسبب أنفلونزا الخنازير، وتسجيل 10 وفيات بالأنفلونزا الموسمية في أقل من أسبوع، ما دفع المختصين إلى دعوة كل مواطن يصاب بالزكام إلى التوجه العاجل للمستشفيات، مؤكدين أن الجزائر تشهد نوعا جديدا وخطيرا من الأنفلونزا الحادة المسببة للوفاة.. تتسبب في الوفاة السريع وسريعة العدوى أطباء: يحذرون من نوع غريب وخطير من الأنفلونزا..! حذر أطباء من تسجيل نوع غريب وخطير من الأنفلونزا الموسمية، تتميز بتدمير الجهاز المناعي للمصاب وسرعة العدوى، وهذا ما شهدته مصالح الاستعجالات في مختلف ولايات الوطن، أين استقبلت حالات لمصابين من مختلف الأعمار تلقفتهم الوفاة في مدة قصيرة بعد إصابتهم بأنفلونزا حادة. وحسب الطبيب المشرف على حالة الشاب الذي فقد حياته أمس بمستشفى مفتاح "30 سنة" أكد في تصريح للشروق اليومي أن المصلحة الاستشفائية لم تستطع تحديد نوع الأنفلونزا، خاصة وأن الأعراض كانت تشير إلى أنفلونزا من نوع آخر أكثر خطورة... ومن جهتهم، استغرب الطاقم الطبي الذي استقبل سيدة "57 سنة" بمستشفى مصطفى بن بولعيد بالبليدة للوفاة السريعة للمريضة بعد إصابتها بأنفلونزا حادة فقدت على إثرها الحياة في مدة لم تتجاوز 24 ساعة. وبمستشفى تيزي وزو توفيت ثلاث نساء بعد إصابتهن بأنفلونزا حادة، تضارب الأطباء حول مصدرها، فمنهم من أكد أنها تتعلق بأنفلونزا الخنازير وهو ما تناقلته وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية، في حين قال آخرون أنها تتعلق بالأنفلونزا الموسمية، وأمام تضارب وتخوف الأطباء حول نوعية الأنفلونزا التي تجتاح الجزائر هذه الأيام، أعلنت وزارة الصحة حالة الطوارئ بولاية تيزي وزو للتحقيق في طبيعة الحالات المسجلة.
مرضى لا يفرقون بين نزلات البرد والأنفلونزا يجهل عامة الناس أن هناك فرقا شاسعا بين نزلات البرد والأنفلونزا، كما أن العديد من المواطنين يخلطون بين الزكام العادي والفيروس الذي يصيب المريض، نظرا إلى التشابه في الأعراض، وهو ما يؤدى إلى إهمالها والتعرض لمضاعفات خطيرة قد تؤدي إلى الوفاة في أحيان كثيرة مثل ما تم تسجيله مؤخرا في تيزي وزو. فالأنفلونزا الموسمية ليست من أنواع الفيروسات البسيطة، حيث يجمع كافة الأطباء أن هذه الأخيرة قد تؤدي إلى الهلاك لا سيما لدى الأطفال الصغار أو ناقصي المناعة وكبار السن في حالة حدوث مضاعفات أو إهمال المرض. وأوضح في هذا الشأن الدكتور سعيد الحلاق، رئيس قسم التوليد بمستشفى القبة، ومختص في طب الأطفال، أن الأنفلونزا مرض تنفسى يؤثر على أجهزة الجسم كافة وعلى الجهاز التنفسي العلوي بشكل خاص وقد ينزل إلى الجهاز التنفسي الأسفل وهنا تكمل الخطورة حسبه في حالة الهبوط إلى الرئتين مرورا بالقصبة والقصيبات والرغامة المعروفة بالقصبة الكبرى التي تكون المجاري الهوائية السفلى، فالزكام العادي أو نزلات البرد تقتصر على الجهاز التنفسي العلوي فقط تشمل الأنف وتوابعه ولا يمكن لها أن تنزل إلى الرغامة والقصبة الهوائية عكس الأنفلونزا الذي يعتبر فيروسه "الإيموفيلس الإنفلونزي" الأخطر على الإطلاق ويمس بدرجة أكبر فئات الأطفال صغار السن، كالرضع وناقصي المناعة وكذا كبار السن وذوي الأمراض المزمنة ومرضى الكلى والقلب والسكر.
يعالجون بالأعشاب ويقتنون الأدوية دون زيارة الطبيب الجزائريون يعتبرون الأنفلونزا مرضا بسيطا..! يجهل أغلبية الجزائريين خطورة الانفلونزا، خاصة عندما تعالج بصفة طبيعية، حيث أكد أطباء أن الخطأ في تشخيص نوع الأنفلونزا يؤدي في حالات كثيرة إلى الموت.. قامت الشروق باستطلاع لمعرفة كيفية تعامل الجزائريين مع الأنفلونزا، حيث أكد طالب جامعي سنة ثانية حقوق أنه في فترة الامتحانات أصيب بزكام خفيف، ولأنه تعذر عليه الذهاب إلى الطبيب حتى لا يتخلف عن اجتياز الامتحانات، نصحه زميله بتناول "قريباكس" المضادة للزكام ومشروب الليمون، خاصة وأن صحته تدهورت بعد إصابته بالتهاب القصبات الهوائية، وبعد أيام من الإصابة تعقدت حالته أكثر ما دفعه الى زيارة الطبيب الذي وصف له بعض الأدوية.. وقصت خالتي فتيحة علينا قضية وفاة جارتها عجوز مسنة تجاوزت الثمانين من العمر مرضت بالزكام فرفضت الذهاب إلى الطبيب وبقيت في المنزل تحتسي المشاريب الساخنة "مختلف أنواع التيزانات" إلى أن تدهورت صحتها وأصيبت بالتهاب حاد في الرئتين كان سببا في وفاتها. أما حنان، أم ماكثة في البيت، فقد تحدثت عن استهزائها في أخذ ابنها البالغ 5 سنوات إلى الطبيب ما كاد يودي بحياته، موضحة أنه قبل سنتين أصيب ابنها بزكام فبقيت في المنزل تقدم له الوصفات الشعبية التي نصحتها بها والدتها، وبعد 10 أيام بدأت أعراض أخرى تظهر على ابنها، فالحمى لم تنخفض رغم إعطائه الدواء المناسب بالإضافة إلى إصابته بضيق شديد في التنفس، الأمر الذي استدعى أخذه إلى المستشفى، حيث بقي ماكثا فيها تحت الرقابة الطبية حوالي شهر، وقد أصيب بالربو الذي إلى يومنا مازال يعالج منه. وفاة شاب بالزكام الموسمي الحاد بمستشفي مفتاح سجل مستشفى مفتاح الجامعي حالة وفاة لشاب يبلغ من العمر 30 سنة بعد إصابته بالزكام الموسمي الحاد، الذي أدى إلى وفاته مباشرة بعد يومين من دخوله إلى المستشفي، حيث أوضح الدكتور المختص في أمراض التنفس الذي وقف على حالته ل"الشروق" أن الشاب دخل المستشفي ليلة الجمعة في حالة صحية متدهورة، ما ألزم المصلحة الإستشفائية التى شككت في حالته وضعه في جناح عازل، وأضاف الطبيب أن المريض تم عزله خوفا من انتقال العدوى، خاصة وأن نوعية الزكام لم تحدد إن كانت أنفلونزا موسمية أو معدية. وأضاف الطبيب أن الحالة كانت ستحول إلى مستشفى القطار يوم السبت، غير أن تدهور وضعية الشاب الذي فقد القدرة على التنفس عجلت بوفاته، مشيرا أن المصلحة الاستشفائية لم تستطع تحديد نوع الانفلونزا، خاصة وأن أعراضا كانت تشير الى أنلفونزا من نوع آخر أكثر خطورة. من جهة أخرى، شدد الدكتور على أهمية التشخيص المبكر لحالات الانفلونزا بكل أنواعها قبل أن تتأزم حالة المرض بعد وصولهم إلى المستشفى.
دعا المصابين إلى سرعة العلاج.. بقاط: هذه أعراض الإنفلونزا القاتلة حذر رئيس المجلس الوطني لعمادة الأطباء الجزائريين، محمد بقاط بركاني، المسنين والمصابين بأمراض مزمنة من خطورة الأنفلونزا الموسمية ودعاهم إلى ضرورة الخضوع للاستشارة الطبية بمجرد ظهور الأعراض تفاديا لأي مشاكل أو تعقيدات صحية على الحالة المصابة، وأردف بركاني أن التغير المناخي الذي تعيشه الجزائر في هذه السنة غير من طبيعة الفيروس وزاد من خطورته زيادة على عدم اهتمام المواطنين والتزامهم باللقاح الموسمي في الآجال والمواقيت المحددة نظرا لاعتدال المناخ وهو ما شجعهم على تأخير اللقاح إلى غاية أواخر شهر نوفمبر وديسمبر، وأفاد رئيس عمادة الأطباء أن أعراض الأنفلونزا غير العادية والتي تشكل خطرا على الصحة العامة بإمكان المواطنين التعرف عليها، فعلى الرغم من تشابهها مع الأنفلونزا العادية، إلا أن أعراضها تكون أكثر حدة من خلال ارتفاع درجة الحرارة عن المعدل العادي ومعاناة من ضعف عام وشلل في العضلات مع السعال مما ينبئ بخطورة الوضعية الصحية وضرورة التوجه إلى مختص لتناول العلاج المناسب .
دعا إلى فتح تحقيق في حالات الوفاة... خياطي: اللقاحات المتوفرة لا تكفي جميع الجزائريين أكد رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث "فورام"، ورئيس مصلحة طب الأطفال بمستشفى الحراش البروفيسور مصطفى خياطي، أن حالات الوفيات المسجلة بأنفلونزا الخنازير هي حالات عارضة ويستحيل أن تكون وباء، داعيا الدولة للتكفل الصحي الجيد بعائلات المصابين والقرية التي ظهر فيها الوباء، مع مباشرة تحريات بيداغوجية للتعرف على مصدر الفيروس حتى لا يتكرر ظهوره، مضيفا أن الأنفلونزا الموسمية بلغت أوجها في هذه الفترة والتي تشهد تسجيل العديد من الحالات. ووصف المختص حالات أنفلونزا الخنازير المسجلة بغير الخطيرة لكون موسم الأنفلونزا يوشك على الانتهاء بحلول شهر فيفري، وأضاف محدثنا أن لقاح الأنفلونزا بقلل من مخاطر الزكام، غير أن عدده قليل، فحوالي 100 ألف إلى 150 ألف مواطن يتم تلقيحهم مما يزيد من مخاطر وتعقيد المرض لدى غير الملقحين، وبالنسبة لهذه السنة فالمختص يرى أن فيروس الأنفلونزا العادية تمكن من محاصرة الأنواع النادرة، وعن أعراض الإصابة بأنفلونزا الخنازير، أوضح خياطي أنها تشبه إلى حد كبير الإصابة بالأنفلونزا العادية، غير أن الخطر فيه يحدث على مستوى الرئتين فيحطمهما ويمس الأعصاب أيضا مما يفقد المريض وعيه ويدخله في حالة غيبوبة ويؤدي به إلى الموت، وأشار خياطي أن الدواء متوفر وقد اقتنته الجزائر ب50 مليون دولار خلال تولي بركات الوزارة، واستطرد المختص بأن الأنفلونزا تزداد تعقيدا وخطورة بالنسبة للمصابين بأمراض مزمنة كالسكري وضغط الدم والذين يعانون مشاكل في المناعة، غير أن الشفاء منه ممكن بالالتزام بتناول الأدوية المحددة وفقا لوصفة الطبيب، ووجه المختص نصائح للمواطنين بتفادي الجلوس في الأماكن المزدحمة والمغلقة، وفي حال الإصابة بالمرض عدم التوجه إلى العمل.
أكد وفاة نصف مليون كل عام.. إلياس مرابط: فيروس الأنفلونزا يتغير كل سنتين وهو قاتل أكد رئيس نقابة مستخدمي الصحة العمومية الدكتور إلياس مرابط أن أن فيروس الأنفلونزا تتغير تركيبته الجينية كل سنتين، مما يستدعي تصنيع لقاحات جديدة ضد الانفلونزا، وأضاف أن منظمة الصحة العالمية تسجل سنويا حوالي نصف مليون حالة وفاة في العالم بسبب الأنفلونزا العادية، حيث غالبية الحالات تكون في البلدان الفقيرة والمتخلفة التي لا تملك موارد للعلاج. وأشار إلى أنه رغم الوعي الصحي في بلدان متطورة مثل أمريكا وفرنسا، غير أن هناك ارتفاعا سنويا لعدد المصابين، وأوضح أن تدهور الحالات ليس له علاقة بالتشخيص الخاطئ أو المتأخر للمصابين، كون السبب يكمن في الظروف المناخية، واعتبر المتحدث أن موجة الأنفلونزا مفتعلة من طرف الشركات الكبرى لتسويق اللقاحات التي تعد بالأصابع، وهي سياسة اقتصادية وتجارية تستعين بها هذه الأخيرة، حتى ترفع من نسبة انتاجها وبالتالي تجني أموالا طائلة، مذكرا بالخسارة الفادحة التي تكبدتها الجزائر سنة 2010 عندما استوردت لقاحات بقيمة 80 مليون دولار لم تستعملها في الوقت الذي لم تستجيب روسيا وبلدان أخرى للضجة الإعلامية ولم تستورد تلك اللقاحات.
الرئيس السابق لنقابة الصيادلة بلعميري مسعود: لا يمكن للصيدلي منح أدوية الأنفلونزا دون وصفة طبية أفاد بلعميري مسعود، صيدلي، في تصريح ل"الشروق"، أن بيع الدواء الخاص بالأنفلونزا يخضع لشروط خاصة وتقييم للحالة المصابة بالتحري واستفسار المريض عن الأعراض التي يعاني منها، فإذا كان يعاني من أعراض خفيفة كالحمى وسيلان الأنف فيتم منحه الدواء المناسب لحالته، أما في حال وجود أعراض أخرى كالتعب والحرارة المرتفعة جدا أو إصابة طفل صغير أو شيخ بالأنفلونزا فهذا يقتضي توجيهه إلى طبيب عام حتى يتمكن من فحص حالته الصحية بدقة وتحديد طبيعة الأنفلونزا والعلاج المناسب لها، وأردف محدثنا بأن اللقاح الخاص بالأنفلونزا يخفف كثيرا من أعراضها ويمكن الخضوع للتلقيح منذ بداية الشتاء إلى غاية شهر ماي ما لم يصب الشخص الراغب في التلقيح بأنفلونزا حادة جدا. وأشار محدثنا بأنه في بداية توزيع اللقاح استفاد من دفعتين، غير أنه كان بحاجة إلى حوالي 15 أو 20 وحدة إضافية، لكنه لم يتمكن من تأمينها، لأن اللقاح هذه السنة كان أقل مقارنة بالأعوام الماضية، أين تعرضت كميات كبيرة منه للتلف.