إذا كنا قد إنتقدنا مرارا وتكرارا قرار البعض من لاعبينا الدوليين بالانضمام إلى دوريات الخليج، فإننا فعلنا ذلك إيمانا منا بأن من صنعوا أفراح “الخضر” في السنتين الأخيرتين، ووصلوا حتى تأهيل المنتخب الوطني إلى “المونديال” بعد غياب لمدة 24 سنة كاملة، سيقضون على مسيرتهم احتكاما منا للتجارب السابقة للاعبين الجزائريين في الدوريات الخليجية، خاصة منها القطري، السعودي والإماراتي. حيث كانت هذه الدوريات تقريبا “مقبرة” لهم، وحتى لنجوم عالميين كثيرين حيث قضت على مسيرتهم، وهو الأمر الذي يجعل التخوف كبيرا من أن يكون انضمام زياني، مغني، عنتر يحيى وبوڤرة إلى أندية خليجية مساره الفشل، واعتزال المستوى العالي في سن مبكرة. من بلومي إلى بلحاج... “الخليج كان دائما محطة لأجل كسب المال وفقط ومن بين اللاعبين الجزائريين الأوائل الذين لعبوا في الخليج لخضر بلومي موسم 1988- 1999، حين تقمص ألوان نادي العربي ليتبعه بعد ذلك ماجر موسم 1991- 1992 حين لعب لنادي الريان، وشهدت سنوات التسعينات عزوفا تاما للاعبين الجزائريين عن “الخليج” قبل أن يكسر غازي ذلك الأمر موسم 2001- 2002 لما انضم إلى “بني ياس” الإماراتي وبعده تاسفاوت موسم 2002- 2003 حين انضم إلى الريان. وبعده تنقل لاعبون كثيرون إلى هناك وكان هدفهم الوحيد كسب “الدولارات”، أبرزهم بلماضي (الغرافة ثم الخريطيات) ودريوش وبن عربية (السد ثم النادي القطري)، كركار (لعب في عدة نواد خليجية)، صايب (النصر السعودي)، زافور ومنصوري (السيلية)، مزوار (نادي دبي) دزيري وبلحاج (السد)، مادوني (الغرافة)، منيري وصايفي (الخور)، بن أوناس (الفجيرة الإماراتي)، معيزة وصايبي (أهلي جدة)، بوعلام (النادي العربي)، زياية (إتحاد جدة). ويبقى أغلب اللاعبين المذكورة أسماؤهم عينة عن الفشل الذريع لتجارب الجزائريين في الدوريات الخليجية، إلى غاية نهاية الموسم الفارط مادام أنهم لم يتمكنوا من إعطاء بعد آخر لمسيرتهم الكروية بعد تجربة في النوادي الخليجية. ماجر، بن عربية، تاسفاوت، صايب وصايفي صنعوا الإستثناء وكانت دوريات الخليج محطة للاعبين جزائريين من أجل اعتزال ممارسة كرة القدم، ويتعلق الأمر بكل من رابح ماجر، بن عربية وتاسفاوت الذين لم يلعبوا في أي ناد آخر بعد مشوارهم مع الأندية التي لعبوا فيها بقطر. ويبقى الأمر الإيجابي هو أن ماجر وتاسفاوت التحقا بقطر وهما يبلغان من العمر 33 سنة في وقت ذهب إليها بن عربية وهو يبلغ 35 سنة. اللاعب الآخر الذي تنقل إلى قطر وسنه متقدم هو صايفي الذي أمضى في الموسم ما قبل الفارط ل الخور الذي لعب له قرابة 3 أشهر وهو تعدى 34 سنة. ويبقى الاستثناء في صايب الذي لعب ل النصر السعودي لمدة 6 أشهر من أجل كأس العالم للأندية في سنة 2000 وكان وقتها يبلغ 31 سنة. مادوني، كركار، منيري، صايب وغازي فقط عادوا من الخليج إلى أوروبا والملاحظ على لاعبينا الذين احترفوا في الخليج أن 5 منهم فقط تمكنوا من العودة إلى أوروبا، لكن ثلاثة من هذا الخماسي عادوا إلى للقسم الثاني، ويتعلق الأمر بمادوني الذي انضم إلى “كليرمون فوت” بعد أن كان قد التحق ب “الغرافة” وهو يلعب في “بايرن ليفركوزن” الألماني، وكركار الذي التحق موسم 2003- 2004 ب “السيلية” قادما من “مانشستر سيتي” قبل أن يعود إلى الدرجة الثانية الإنجليزية في الموسم الموالي، حين لعب في “دوندي يونايتد” في تجربة فاشلة أعادته مجددا إلى قطر وتحديدا إلى نادي “الوحدة”، كما أن منيري وبعد أن تقمص ألوان “الخور” عاد إلى “باستيا” الفرنسي في الدرجة الثانية. ويبقى الاستثناء في صايب الذي عاد من “النصر” السعودي إلى “أوكسير” ولو أن تجربته الثانية مع نادي “دبي” الإماراتي في موسم 2002- 2003 أعادته إلى البطولة الوطنية في الموسم الموالي، وتحديدا إلى شبيبة القبائل التي لعب فيها موسما قبل أن يعتزل عالم الكرة المستديرة. وإلى جانب صايب هناك غازي فريد الذي لعب في “باني ياس” الإماراتي موسم 2001- 2002، قبل أن يعود الموسم الموالي إلى “تروا” الفرنسي في الدرجة الأولى. دريوش، زافور، دزيري، معيزة وصايبي فسخوا عقودهم وفرّوا من هناك ولعل أكثر ما يؤكد أن مستوى دوريات الخليج ضعيف ولا يمكن مقارنته تماما بالدوريات الأوروبية، هو أن بعض لاعبينا المحليين تنقلوا إلى الخليج للعب بعد العروض الخيالية التي وصلتهم، قبل أن يفروا بجلدهم بعد سنة أو أقل من اللعب هناك. حيث فسخوا عقودهم في صورة دريوش (العربي القطري)، زافور (السيلية القطري)، معيزة وصايبي (أهلي جدة)، وحتى دزيري فضل العودة إلى إتحاد العاصمة بعد 5 أشهر فقط، لتأكدهم من أن بقاءهم هناك سيعني القضاء على مسيرتهم الكروية، مادام أن كل التجارب السابقة للاعبين الجزائريين في الدوري القطري انتهت إما باعتزال الكرة نهائيا أو التنقل للعب في مستوى أضعف من الذي كانوا فيه، قبل الانضمام إلى هذا الدوري الذي لم يتمكن فيه أي لاعب جزائري من رفع مستواه، أو على الأقل الإبقاء على المستوى الذين كان عليه قبل قدومه إلى قطر. تجربة منيري لم تتجاوز الشهرين وكركار سيلعب موسمه السادس في الخليج ويبقى مدافع الخضر السابق مهدي منيري الجزائري الوحيد الذي قضى أقصر تجربة في الخليج، مادام أن مروره هناك لم يتعد الشهرين حيث لعب لنادي الخور القطري من شهر ماي إلى أوت 2008، قبل أن يغادر هذا النادي ويعود إلى نادي باستيا، كما أن دزيري بدوره لم يعمر طويلا في السد القطري حيث لعب له 5 أشهر فقط (موسم 2006- 2007). ويعد بلماضي، مادوني وكركار أكثر اللاعبين الجزائريين الذين لعبوا في “الخليج” وتحديدا في الدوري القطري، بعد أن دام مشوارهم فيه موسمين كاملين بالنسبة لمادوني وبلماضي و4 مواسم لكركار، الذي يبقى بإمكانه رفع حصيلته هذه مادام أنه لم يضع بعد حدا لمشواره الكروي بعد أن أمضى مؤخرا في “عجمان” بعد أن لعب من قبل في “السيلية” القطري (2003- 2004) ثم نادي “دبي” في 2005 وبعدها “الوحدة” حتى 2007 ثم نادي “دبي” في موسم 2008- 2009 وبعدها نادي “الإمارات” في الموسمين الأخيرين، قبل أن ينضم مؤخرا إلى نادي “عجمان” الإماراتي”. دوليونا لن يكونوا أفضل من “دوسايي”، “روماريو”، “دونادوني” وأكبر نجوم العالم وكانت الدوريات الخليجية محطة نهاية مشوار نجوم عالميين، على غرار مدافعي المنتخب الفرنسي “مارسيل دوسايي” و”فرانك لوبوف”، وكذا الهدّاف الكبير البرازيلي “روماريو” ونجم منتخب غانا “عبيدي بيلي”، وقبلهم اللاعب الإيطالي الشهير “دونادوني”، حيث أن كل هؤلاء لم يتمكنوا من اللعب في المستوى العالي بعد تجربتهم هناك. إذ اعتزل “دوسايي” اللعب مع “عبيد بيلي و”دونادوني” في وقت ذهب “لوبوف” للعب في بطولة الولاياتالمتحدةالأمريكية و”روماريو” إلى البرازيل. وهو الأمر الذي دون شك يتجه إليه دوليونا الذين ينشطون في الدوريات الخليجية الآن في صورة زياني، عنتر يحيى، مغني، بلحاج، زياية وبوڤرة، حيث أنه سيكون من الصعب عليهم جدا العودة للعب في المستوى العالي، وفي دوري أوروبي من الدرجة الأولى، لأنهم ببساطة ليسوا أحسن من النجوم العالميين الذين ذكرناهم سابقا. نهاية جيل كامل من اللاعبين تتأكد و”حليلوزيتش” الأمر جيّدا وإذا كان دوليونا الذين تنقلوا مؤخرا إلى الدوريات الخليجية متفقون على أنهم أحسنوا الاختيار، ولا خوف بشأن تدني مستواهم من خلال اللعب في دوريات أجمع الكل على أنها “مقبرة النجوم”، فإن الجمهور الرياضي الجزائري متفق على أن جيل لاعبين صنعوا أفراحه في السنوات الأخيرة يقترب من نهايته. وهو الأمر الذي يدركه أيضا الناخب الوطني الجديد “وحيد حليلوزيتش”، الذي صرح في مداخلة له على أمواج “الإذاعة الدولية” أنه سيكون له حديث مع اللاعبين الذين انضموا حديثا إلى “الخليج” خاصة الثلاثي يحيى- بوڤرة- زياني (مغني كان مصابا وتنقله إلى أم صلال يبقى مفهوما)، لأن خيار اللعب هناك حسبه لا يمكن أن يسمح لهم بتطوير مستواهم. موسم الإنتقال إلى الخليج قد يتواصل مع حليش، عبدون، غزال ويبدة وإذا كنا قد تحدثنا عن نهاية جيل بأكمله، فإن هذا الأمر يعود لأن 5 كوادر من المنتخب الوطني في السنوات الثلاث الأخيرة أصبحوا يلعبون في “الخليج” وهم مغني، عنتر يحيى، بوڤرة، زياني وبلحاج. ومن الممكن جدا أن يرتفع هذا العدد بعد الكلام الكثير الذي يقال عن إمكانية تنقل البعض الآخر من دوليينا المحترفين في أوروبا إلى “الخليج”، بسبب مشاكلهم مع نواديهم. في صورة حليش الذي لا يلعب تماما مع “فولهام” أو غزال مع “باري” إلى جانب الثنائي عبدون- يبدة الذي يبقى دون فريق إلى حد الآن، رغم أن شقيق يبدة أكد مرارا وتكرارا أن لاعب “نابولي” السابق سيبقى في أوروبا، رغم إن إدارة “بنفيكا” وضعته في قائمة المسرحين. عصاد محق عندما تحدث عن ضرورة التفكير في بناء جيل آخر من اللاعبين وكخلاصة للقول يجب أن نعود إلى تصريحات واحد من أفضل ما أنجبت الكرة الجزائرية على مر تاريخها، وهو عصاد الذي كانت لديه الشجاعة وقال في “الهدّاف” خلال عدد أول أمس، إنه من الضروري التفكير في بناء منتخب وطني جديد، من خلال الاعتماد على لاعبين شبان يقودهم الثنائي بودبوز- عبدون. لأن الأمر حسب عصاد لا يتعلق فقط بضرورة ضخ دم جديد في المنتخب بعد أن حقق اللاعبون أهدافهم من خلال المشاركة في كأس العالم والوصول إلى المربع الذهبي من “الكان”، بل يتعلق بأنه سيستحيل على زياني ورفقائه الذين احترفوا في “الخليج” أن يبقوا في مستوى عال، يسمح لهم بالدفاع بقوة عن المنتخب الوطني.