بصراحته المعهودة أبى اللاعب الدولي السابق خالد لونيسي إلا أن يتحدث عن المنتخب الوطني، وعن القائمة الأولية التي وجه لها سعدان الدعوة لكي تمثل الجزائر في المونديال، وبدا اللاعب السابق ل “الصفراء“ مؤيدا للمدرب سعدان في بعض الخيارات، وأهمها عدم توجيه الدعوة للمحليين، ومعارضا له في خيارات أخرى كتوجيهه الدعوة للاعبين عانوا كثيرا من نقص المنافسة طيلة الفترة الماضية، بالإضافة إلى التخلي عن لاعب كزياية وعدم تكليف أي طرف نفسه للحديث معه وجها لوجه ومعرفة ما يعاني منه، وما هي الأسباب التي جعلته يرفض دعوة المنتخب. يبدو أنك صرت اختصاصيا في تحقيق الصعود، خالد؟ ربما، الحمد لله الأمور تسير معي بشكل إيجابي منذ أن صرت مدربا، حيث حققت صعودا آخر مع أولمبي المدية بعد الصعود الذي حققناه الموسم الماضي، وبعد الصعود الذي حققته مع اتحاد الحراش إلى حظيرة النخبة قبل ذلك بعام. لنعرج الآن للحديث عن المنتخب الوطني، فهل أنت متابع لأخباره وجديده اليومي؟ ومن فينا اليوم لا يتابع أخبار المنتخب الوطني؟ أنا كسائر الجزائريين أتابع يوميا أخباره عبر صفحات الجرائد، كما أطالع حوارات اللاعبين الدوليين، وحوارات الأخصائيين، الفنيين، المدربين واللاعبين القدامى، فالحدث الذي ينتظرنا في جنوب إفريقيا هذه الصائفة هو ما يدفعني إلى متابعة أخباره. ما دمت متابعا لذلك، فهل لنا أن نعرف رأيك حول قائمة 25 التي وجه لها الناخب الوطني رابح سعدان الدعوة لتربص سويسرا؟ أعتقد أن سعدان واجه صعوبات وعراقيل كبيرة قبل أن يعد هذه القائمة، والسبب راجع إلى مشكل نقص المنافسة الذي يعانيه بعض اللاعبين، فضلا عن الإصابات التي اعترضت البعض الآخر طيلة الفترة الماضية، فوجد نفسه مضطرا إلى توجيه الدعوة لمن يوجدون في السوق، سواء القدامى أم الجدد. هل تشاطره الرّأي في جميع الخيارات التي قام بها؟ حتى أكون صريحا معك بخصوص اللاعبين الجدد ليس لدي أي تعليق، بما أني لا أعرف ولا واحدا منهم، لأني لم أشاهدهم وهم يلعبون، حيث اكتفيت بمطالعة أخبارهم وتعرفت عليهم فقط عبر الجرائد، أمام بخصوص اللاعبين القدامى فلدي اعتراض على قرارات سعدان حول أولئك الذين يعانون من نقص المنافسة، يا أخي من غير المعقول أن نوجه الدعوة للاعبين لا يلعبون بانتظام مع أنديتهم، ونقوم بالاعتماد عليهم في منافسة مستواها عال جدا كمنافسة كأس العالم التي تتطلب إشراك لاعبين يتمتعون بلياقة بدنية معتبرة. اللاعب زياني يتواجد على رأس هؤلاء اللاعبين الذين لم يلعبوا سوى نادرا هذا الموسم، لنضع لونيسي مكان سعدان، ونمنحه الحرية في اتخاذ قراره بشأنه، فهل ستوجه له الدعوة إلى المونديال؟ أبدا، لو كنت مكان سعدان لما وجهت الدعوة لزياني، ولا لأي لاعب آخر لم يخض سوى عدد قليل من المباريات مع ناديه، فمهما كانت قيمة هذا اللاعب ومهما كان وزنه داخل التشكيلة، فعلينا أن نغلب مصلحة المنتخب والوطن قبل كل شيء، وبالاستناد إلى معايير علمية، نتأكد من أن زياني لم يلعب سوى نادرا مع ناديه الألماني هذا الموسم، وبالتالي فلياقته البدنية تأثرت سلبا بسبب ذلك، ولا يمكنه مهما فعل في الفترة القادمة أن يسترجع ما فاته، ولا يمكنه أيضا أن يقدم لنا في المونديال ما تعود على تقديمه في الإقصائيات، لذلك كان من الأجدر بسعدان ألا يستدعيه ولا يستدعي أيضا كل العناصر التي عانت من المشكل ذاته مع فرقها. لكنه لاعب أعطى الكثير للمنتخب خلال الإقصائيات بفضل تمريراته الحاسمة وأهدافه أيضا. الفرق بيني وبينك أنك تتحدث بالعاطفة وأنا أتحدث بعقلانية، لا أنكر ولا أحد ينكر بأن زياني لاعب كبير، أعطى الكثير للمنتخب خلال التصفيات المزدوجة لكأسي العالم وإفريقيا 2010، لكن المنطق يرشحه للمكوث على كرسي الاحتياط الآن بعدما تم استدعاؤه، لأنه ناقص بدنيا ولا يمكنه أن يقدم ما تعود على تقديمه في السابق عندما كان أساسيا، وبودي أن أوجه لك سؤالا . تفضل هل تابعت لاعبي المنتخب الإنجليزي؟ نعم. الأخير فيهم لعب 50 أو 40 مباراة هذا الموسم، هم لا يملكون ولا لاعبا لعب بضع دقائق في تعدادهم، كلهم بقوا على صلة بأجواء المنافسة الرسمية منذ انطلاق الموسم، كلهم الآن على أتم الاستعداد لدخول غمار المونديال بقوة، يا أخي المونديال يتطلب تحضيرا بدنيا كبيرا، يتطلب لاعبين أقوياء من هذه الناحية لمسايرة النسق العالي لهذه المنافسة العالمية التي ستعرف مشاركة الأحسن عالميا، وحتى منتخبا الولاياتالمتحدةالأمريكية وسلوفينيا يضمان لاعبين يلعبون بانتظام مع أنديتهم، أما بالنسبة لنا فالأمر سيكون صعبا، لأن الأمر لو تعلق بلاعب واحد هو زياني لهان ذلك، لكن ما يقلق أن 5 أو 6 لاعبين واجهوا المشكل نفسه منذ انطلاق الموسم، أما المشكل الأكبر فهو أنهم كلهم أساسيون، وأضيف لك شيئا. وهو؟ مصلحة الجزائر فوق أي اعتبار، وعلينا أن نضع العواطف جانبا، منتخبنا سيكون في جنوب إفريقيا من أجل تمثيل الوطن والدفاع عن ألوانه، وبالتالي فمن هو قادر فلنوجه له الدعوة، ومن هو غير أهل لذلك فليسامحنا، هذه هي منهجيتي وطريقة تفكيري. المنتخب تدعم بعناصر جديدة على غرار مجاني، قادير، بودبوز، مبولحي، بلعيد، مصباح، فهل ترى أنها العناصر القادرة على إعطاء دفع جديد للمنتخب في “المونديال”؟ ما دمت لم أشاهدهم وهم يلعبون فلا يمكنني أن أصدر أحكامي على قدرتهم على إعطاء دفع جديد، لكن مشاركتهم أساسيين مع أنديتهم في أوروبا، تجعلني أؤكد لك أنهم محضرون جيدا من الناحية البدنية، وهذا أمر ضروري للغاية، أما من الناحية الفنية والتكتيكية فأعتقد بأن التربص المقبل بسويسرا سيجعل المدرب يقف على إمكاناتهم الحقيقية من هذه الناحية. وهل ترى أنها الفترة المناسبة لتوجيه الدعوة لسبعة لاعبين جدد، ونحن على بعد شهر فقط من انطلاق المونديال؟ لدي تحفظ فقط بخصوص استدعائهم في هذه الفترة بالذات، فلو قمنا بجلبهم في الفترة الماضية مباشرة بعد نهائيات كأس إفريقيا أو قبلها، لسمح لهم ذلك بالاندماج بسهولة داخل المجموعة، ولتمكن الطاقم الفني من تكوين مجموعة جديدة تسودها الروح نفسها التي سادت سابقا، لكن أن نغير ما لا يقل عن سبعة لاعبين أياما قليلة قبيل المونديال، فهذا ما أتحفظ بشأنه، لأنهم الآن مجبرون على الاندماج أولا داخل المجموعة، والتأكيد على إمكاناتهم الفنية، وتقديم ما هو منتظر منهم بعدما تم جلبهم، وفضلا على أن أول التحديات التي تنتظرهم مع الجزائر، ستكون في “المونديال”... ستكون في أكبر منافسة كروية عالمية، ما يجعلني أؤكد أنهم سيواجهون بعض الصعوبات التي قد تنعكس سلبا على المنتخب. خلت قائمة سعدان من اللاعبين المحليين، فما عدا العيفاوي وحراس المرمى الثلاثة (شاوشي، زماموش وڤاواوي) اعتمد سعدان على ورقة اللاعب المغترب والمحترف، فما الذي حدث للاعب المحلي؟ علينا ألا نغطي الشمس بالغربال، وأتحدث هنا عن رأيي الشخصي فقط. اللاعبون المحليون بعيدون كل البعد عن تمثيل الجزائر في نهائيات كأس العالم، وصدقني أن الخطأ ليس خطأهم، بل أنهم ذهبوا ضحية البطولة الجزائرية الضعيفة، وضحية سوء التسيير، كرتنا المحلية مريضة وتسير بطريقة عشوائية، والكل يتحمل المسؤولية، سواء الرئيس، المدرب أو اللاعب، وفي النهاية أعتقد أنه من المنطقي اليوم ألا نرى لاعبين محليين يمثلون الجزائر في المونديال. لكن هناك على الأقل لاعبا أو اثنين أو ثلاثة كانوا يستحقون أن يوجه لهم سعدان الدعوة؟ كنت لاعبا محليا ويهمني أن أدافع عن اللاعب المحلي الذي قلت لك بشأنه أن الخطأ لا يتحمله لوحده، لكني ومع كل احترامي لكل المحليين الحاليين، أرى أنه ولا لاعب منهم بإمكانه أن يمثل الجزائر في المونديال، ولا واحد من الذين لم يتم استدعاؤهم قادر على مواجهة إنجلترا بنجومها أو الولاياتالمتحدةالأمريكية أو سلوفينيا التي أزاحت روسيا من طريقها قبل الوصول إلى هناك. ومن من اللاعبين المحترفين مثلا ترى أنه كان قادرا على الذهاب للمونديال؟ من دون أي تردد أو تفكير إنه المهاجم زياية الذي في نظري الشخصي يعد من أحسن المهاجمين الذين أنجبتهم الكرة الجزائرية في الفترة الأخيرة، ومن دون مجاملة زياية لديه مكانته الأساسية في تعداد سعدان، ولعل ما قام به مع وفاق سطيف سابقا ومع اتحاد جدة السعودي حاليا لخير دليل على ما أنا بصدد قوله. لكنه هو من رفض الدعوة، وليس سعدان من تجاهله؟ من الخطأ أن نلومه في كل شيء، وندفنه قبل الأوان، ونحمله مسؤولية ما حدث ولا نعلمه، من يدري؟ فقد يكون تأثر لكلام سمعه، لأمر قد حدث له دون أن نكون على دراية به، من يدري؟ فقد يكون قد تأثر لأنه كان لاعبا ثانويا في أنغولا، يكون قد تأثر للتهميش الذي كان عرضة له هناك حتى في مباراة ترتيبية، سبب من بين هذه الأسباب جعله يرفض الدعوة. لكن لا عذر لمن يرفض الألوان الوطنية مهما كانت الدوافع خالد. هو ليس مجنونا لكي يرفض هكذا دون أن يحدث له شيء ما رفض كشفه حتى الآن، لاسيما أن الأمر يتعلق بالمشاركة في نهائيات كأس العالم التي يتمنى أي لاعب أن يشارك فيها حتى لو يؤخذ إلى هناك من أجل الجلوس في كرسي الاحتياط. لو كنت مكان سعدان، كيف تتعامل مع قضية زياية؟ أتصل به، وأجلس معه على طاولة واحدة، وأسمع منه ويسمع مني، ونصل إلى نتيجة إيجابية تقضي بحضوره في المونديال، لأن مصلحة البلاد تقتضي ذلك، وهنا أتوقف لكي أبدي تحفظا في أمر ما لاحظته في الآونة الأخيرة. ما هو؟ هناك لاعبون محترفون تنقلوا إليهم من الجزائر إلى أوروبا وترجوهم لكي يتقمصوا ألوان الجزائر، وعندما تعلق الأمر بزياية الذي كنت ولا زلت أعتبره منتوجا للكرة المحلية رغم احترافه حديثا في السعودية، لا أحد كلف نفسه عناء التنقل إليه من أجل إقناعه، على سعدان أن يعامل جميع اللاعبين مثلما يعامل أبناءه في المنزل، لا أن نفرق بين هذا وذاك. لنعد للحديث عن اللاعب المحلي، ما هي الوصفة اللازمة التي تجعله يبرز من جديد ويفرض نفسه مثلما فرض جيلك والجيل الذي سبقك للمنتخب نفسه؟ لا بد أن نغير سياسة تسيير الكرة الجزائرية كلية، على الرئيس أن يفكر في مصلحة اللاعب والنادي معا، لا مصلحته الشخصية، على المدرب أن يفكر في الطريقة التي تجعله يكون أجيالا من اللاعبين، لا في مدة العقد وقيمته، ومتى يحصل على الشطر الأول والثاني، على المدرب أيضا أن يعلم اللاعب أبجديات الكرة، ويسدي له النصائح، عليه هو والرئيس أن يفكرا في التكوين، على اللاعب أيضا أن يهتم بتطوير إمكاناته، عوض أن يهتم بالقيمة المادية التي سيمضي بها، والموعد الذي سيحصل فيه على أمواله ومنح المباريات، علينا أن نوفر الاستقرار، علينا أن نوفر الإمكانات التي وجدها المحترفون هناك في أوروبا لما شرعوا في مداعبة الكرة، إذا ما عدنا إلى رشدنا بهذه الطريقة أعتقد أن اللاعب المحلي سوف يستعيد بريقه ويصبح بمثابة الخزان الذي يلجأ إليه المنتخب في كل مرة. في الأخير، كيف تتوقع أن يكون شكل الجزائر في جنوب إفريقيا بهذه التشكيلة التي وجه لها سعدان الدعوة رسميا؟ مثلي مثل أي جزائري، أحب بلادي، أتفاعل لنتائجها، أسعد لفوزها وإنجازاتها وأحزن لخساراتها وإخفاقاتها، لكن لا يوجد أفضل من الصراحة في مثل هذه الأمور، لست لا متفائلا ولا متحمسا لما ينتظرنا في جنوب إفريقيا، وبصريح العبارة لا أنتظر الكثير من منتخبنا في المونديال ولو أنني أتمنى في قرارة نفسي ألا يصدق حدسي وأن يؤدي منتخبنا مشوارا جيدا. لم كل هذا التشاؤم؟ بدنيا منتخبنا ليس جاهزا لخوض هذه المنافسة، عكس منتخبات إنجلترا، الولاياتالمتحدةالأمريكية وسلوفينيا، هم شحنوا البطاريات لهذا الموعد طيلة الموسم، بخوض الأخير فيهم 40 أو50 مباراة مع أنديتهم، أما لاعبونا فقد كانوا عرضة للتهميش مع أنديتهم، وعرضة للإصابات بسبب التعب الذي أنهكهم، لذلك أتوقع أن ينعكس النقص البدني الذي تعانيه الأغلبية سلبا على نتائجنا، كما أتوقع أن تكون هناك مشاكل بين اللاعبين . كيف ذلك؟ هناك لاعبون تعودوا على اللعب في التشكيلة الأساسية طيلة الفترة الماضية، لكن وضعيتهم وحالتهم البدنية لا تسمح لهم بذلك هذه المرة، وفي حال ما إذا لجأ سعدان إلى تعويضهم بعناصر جديدة أفضل منهم من هذه الناحية، سيكون احتجاجهم شديدا وتحدث مشاكل لم نتعود على رؤيتها، وفي الأخير لا يسعني إلاّ أن أتمنى حظا سعيدا لمنتخبنا في جنوب إفريقيا لأن الجزائر عندي فوق أي اعتبار.