"كنت أول من طبق سياسة الاعتماد على اللاعبين المحترفين مع المدرب سنجاق" فتح عزيز درواز وزير الشباب والرياضة الأسبق قلبه "للهداف الدولي" في هذا الحوار الشيق للحديث عن عدة أمور كروية ورياضية محلية وعالمية، حيث ورغم انشغالاته الكثيرة وضيق الوقت إلى أنه وافق بصدر رحب على إجراء هذه المقابلة الشيقة، والتي اكتشفنا فيها ولع المدرب الوطني السابق بكرة القدم والرياضة بصفة عامة. "الاتحادية الوطنية تسير في كرة اليد خارج إطار الجمهورية الجزائرية" "نحن نعيش جريمة كبيرة ومستمرة في حق كرة اليد الجزائرية بما أنك مختص في رياضة كرة اليد بودي أن أبدأ معك الحديث عن المنتخب الوطني الذي اكتفى بالمرتبة الثانية في كأس أمم إفريقيا الماضية، ما تعليقك ؟ أظن أنها المرة الثانية على التوالي بعد بطولة مصر 2009 التي يفشل فيها المنتخب الوطني في تحقيق اهدف المنشود، حيث أن منتخبنا أظهر أنه قادر على الفوز باللقب خاصة بعد الوجه المشرف في بطولة مصر، إلا أنه وللأسف خسر نهائي أخر أمام تونس في البطولة الأخيرة ولهذا لا يمكننا القول أن المنتخب الوطني تحسن لأن الهدف المسطر والمعلن عنه كان الفوز باللقب. لكن المنتخب تقدم من المرتبة الثالثة في القاهرة إلى الثانية في المغرب ؟ نعم هذا صحيح، لكن بعد دورة القاهرة كان الجميع يقول أن المنتخب الوطني عاد لمستواه سواءً المراقبين أو الرياضيين أو حتى المسؤولين على مستوى الاتحادية الوطنية لكرة اليد، وقالوا أيضا أن الدورة القادمة من المفروض أن تكون من نصيب الجزائر، وبعد سنتين لعبنا كأس إفريقيا مرة أخرى ولم نحقق اللقب وهذا راجع لعدة أسباب. ما هي هذه الأسباب ؟ هل منحنا لهذا المنتخب كل الظروف حتى يفوز باللقب ؟ هل منحنا له كل الإمكانيات ؟ وأنا هنا لا أتحدث فقط عن التحضير الذي قام به المنتخب في المدة الأخيرة، أنا أظن أن السياسة التي انتهجتها الاتحادية والتقنيين في هذه الهيئة كانت فاشلة، وأضرب مثالا واضحا على ذلك وهو أن المنتخب لا يملك حتى مدير تقني وطني والذي كان سيفيد الفريق ويضيف أشياء تجعلنا نتجنب مثلا الثلاث أهداف التي خسرنا بهم النهائي أمام تونس. بغض النظر عن هذه الأمور ألا ترى أن مستوى البطولة الوطنية لا يسمح بتكوين فريق وطني قوي ؟ الجميع يتفق على أن مستوى البطولة الوطنية ضعيف، لكن المنتخب يملك لاعبين في المستوى ولهم إمكانيات تسمح لهم بالمنافسة على اللقب الإفريقي، لا أعتقد أن التتويج بكأس إفريقيا يتمحور على اللاعبين والمدرب فقط، وهنا أريد أن أضيف شيء مهم. ما هو ؟ بحديثك عن ضعف البطولة الوطنية وهي الملاحظة التي يتفق عليها الجميع، كانت الاتحادية قد وضعت إستراتيجية لتقليص عدد النوادي في القسم الأول وهذا حصل منذ سنوات بغرض تحسين المستوى، لكن حين وصل وقت التطبيق قامت الاتحادية الحالية بالعكس تماما ولم تقم بتفعيل النظام المبرمج عن طريق إطار قانوني في كل الاتحادات الدولية لكرة اليد ومنها الاتحادية الجزائرية، حيث من المفروض أن الرأي التقني من يقرر في مثل هذه الحالات والجمعية العامة هي سيدة القرار. هل من توضيح سيدي الوزير ؟ المكتب الفيدرالي لهذه الاتحادية الغير قانوني أصلا أخذ قرار بزيادة الفرق في القسم الوطني الأول ليصل إلى 20 فريقا، وهذا ما جعل كرة اليد الجزائرية تدخل في أزمة كبيرة وخطيرة جدا لم نخرج منها لحد الآن. إذن أنت تساند الفرق التي قاطعت البطولة ؟ طبعا وبنسبة 150 بالمائة، لأني أساند بذلك احترام القوانين وبالتالي الأولوية بالنسبة لي هي المصلحة العليا للوطن. لكن رئيس الاتحادية الحالي صرح بأن ما قمت به هيئته قانوني ؟ هذا الشخص أصلا وصل لمنصبه بطريقة غير قانونية، وهو حاليا يكذب على الجمهور الجزائري حيث قال أنه لم يخرج عن إطار القانون لأنه لم يغير نظام البطولة بل غير الصيغة فقط، أنت كصحفي وضح لي ما الفرق بين نظام وصيغة ؟، هو قال هذا الكلام للرأي العام عن طريق جريدة محلية وبالنسبة لي هذا معناه أنه "يتمسخر بالشعب والناس راهي تبع". حسب رأيك هذه قرارات قد تحطم كرة اليد الجزائرية والجمهور لا يعي ذلك ؟ لا يعي ذلك أو أنه لا يريد أن يحكم في القضية لأن وسائل الإعلام والصحافة الوطنية لا تريد أن تبدي رأيها في الموضوع، أنا أعرف أن مهمتكم كصحفيين هي إعلام الناس بما يجري لكن ما المانع من إبداء رأيكم في القضايا العالقة ؟، بصراحة منذ بداية الأزمة لم أرى صحفي واحد عبر عن رأيه رغم خطورة الأمر، وكأنه لا توجد قوانين في الاتحادية والوزارة ولا توجد قوانين في الجمهورية الجزائرية "رانا هاملين". ما موقف وزارة الشباب والرياضة من كل هذا وهل تدخلت في الأمر ؟ الوزارة تدخلت وقامت بتجميد البطولة فقط، لكن الشيء الغريب أنه بعد عودة المنتخب الوطني من كأس إفريقيا ورغم قرار الوزارة بتوقيف البطولة الوطنية، قامت الاتحادية ببرمجة المقابلات بشكل عادي وهذا هو الواقع. إذن حسب رأيك هي لم تطبق القانون ؟ الاتحادية الوطنية تسير في كرة اليد خارج إطار الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. بصفتك وزيرا سابقا للقطاع ومطلع على معظم القوانين، ما هو الإجراء الذي يمكنه أن يوقف هذا النزيف الذي تتعرض له كرة اليد الجزائرية ؟ هناك قوانين في الجمهورية تنظم الاتحاديات المختلفة عن طريق مرسوم تنفيذي، وهذا الأخير يحتوي على بنود حين لا يتم احترامهم لابد من تدخل الوزارة مهما كان نوعية قرار الاتحادية. لكن هل تدخل الوزارة لا يشكل خطرا من طرف الاتحاد الدولي للعبة ؟ كل من يقول هذا كاذب ويريد تخويف الوزارة بهذه التفاهات، لا يوجد أي قانون يخول للإتحاد الدولي لكرة اليد اتخاذ أي إجراء في حالة تدخل الوزارة لتنظيم الأمور داخل الاتحادية. ماذا تريد أن تضيف حتى نختم هذا الموضوع ونمر للحديث عن كرة القدم ؟ هناك ثلاث أندية تريد أن تحافظ على مستقبل كرة اليد الجزائرية وهناك 17 فريقا يستمعون للكاذبين، والأندية الثلاث الأولى إضافة إلى بعض الإطارات المقصيين والمهمشين من الفيدرالية تطلب الآن من الوزارة التدخل لإنهاء مهام الأمين العام للاتحادية الذي كان السبب الرئيسي في هذه المشكلة من البداية، هم لا يطالبون بإقصاء رئيس الاتحادية وليبقى في منصبه كما يشاء لكن الأمين العام هو من يسير الآن وبسببه لا يوجد مدير تقني في الفيدرالية وهذه جريمة في حق كرة اليد، يجب محاسبة كل من تعدى على القوانين وهذا هو الحل الوحيد. المنتخب الوطني مقبل على الدورة المؤهلة لأولمبياد لندن القادمة، كيف ترى حظوظه للتأهل وهل هو قادر على الفوز بكأس إفريقيا 2014 التي ستنظم بالجزائر ؟ بخصوص الدورة المؤهلة للأولمبياد حظوظنا ضعيفة جدا لأننا سنواجه منتخبات كبيرة وقوية جدا (المنتخب الوطني سيواجه اسبانيا وصربيا وبولونيا)، وإذا كانت هناك حظوظ فإن الاتحادية الحالية قامت بمسحها تماما، أما بخصوص كأس إفريقيا 2014 فإذا بقى نفس الأشخاص الحاليين يسيرون كرة اليد الجزائرية لا أرى أننا سنتوج باللقب القاري ولا أرى مستقبلا حتى لكرة اليد الجزائرية، نحن نعيش جريمة كبيرة ومستمرة في حق هذه اللعبة، وأريد أن أضيف أمر هام للرأي العام. تفضل ؟ كل ما قلته بأدلة وأنا لا أتحدث إلا بالدليل. "علينا تهنئة الفاف على الاحترافية التي وصلت إليها" "حاليلوزيتش مدرب من طراز عالي وسنتأهل معه لكأس العالم" "الليغا أفضل بطولة في العالم وميسي لاعب من كوكب أخر" نمر الآن لكرة القدم، هل يتابع عزيز درواز الكرة الأوروبية ؟ هذا أكيد، أنا رياضي وأتابع كل الرياضات منذ وت طويل جدا وخاصة كرة القدم بعد كرة اليد. ما هي البطولة التي تحب مشاهدة مبارياتها ؟ مثل الأغلبية طبعا أحب مشاهدة مباريات البطولة الاسبانية، لأنها تقدم كرة قدم من مستوى عالي وراقي جدا سواءً من حيث الفرق المحلية أو حتى المنتخب الاسباني بطل العالم وأوروبا والذي أعتبره الأفضل عالميا. ما هو الفريق الذي تناصره في "الليغا" ؟ أنا لا أنصار أي فريق بل أحب كرتهم الجميلة، حين أرى مباراة في البطولة الاسبانية أحب مشاهدتها لأنها تقدم لك طبقا كرويا جميلا. هل تعتقد أن البطولة الاسبانية هي الأقوى في العالم ؟ نعم بالطبع في الأفضل في العالم، صحيح أن التنافس فيها منحصر بين برشلونة وريال مدريد لكن حتى بقية الفرق تقدم في مستوى كبير والمباريات فيها ذات مستوى عالي جدا، والدليل على ذلك أن خمس فرق اسبانية متواجدة الآن في أدوار متقدمة في المنافسات الأوروبية (برشلونة وريال مدريد في ربع نهائي رابطة الأبطال وأتلتيك بيلباو، فالنسيا وأتليتيكو مدريد في ربع نهائي أوروبا ليغ)، والأكثر من هذا أن بيلباو مثلا تأهل على حساب أفضل فريق انجليزي. من هو أفضل فريق في العالم حسب رأيك ؟ أنا لا أحب هذه المقارنات لأن كل فريق يتميز بخصوصيته، لكني أعتقد أن هناك عدد كبير من الفرق تقدم في مستوى عالي وتمتع الجمهور بكرة قدم جميلة. وهل هذا رأيك إذا أردت منك وضع مقارنة بين ميسي وكريستيانو مثلا ؟ نعم نفس الرأي لا أحب المقارنة بهذه الصيغة، أرى أسماء لاعبين رائعين في العالم حاليا وكل واحد فيهم له خصائصه مميزاته حسب مركزه في الملعب، لكني بصراحة حين أسمع ميسي يمكنني القول أنه لاعب من كوكب أخر ولا يجب مقارنته مع البقية. من هو المدرب الذي يعجبك في أوروبا ؟ صعب جدا أن أجيبك لأن المستوى في أوروبا مرتفع جدا وهناك عدة مدربين حققوا انجازات ضخمة مع فرقهم، وحسب رأيي الإمكانيات الموجودة لدى المدربين تختلف وهو ما جعل بعض المدربين يظهرون في الواجهة، لكن دون شك هناك مدربين جيدين لكن الفرصة لم تسنح لهم للظهور في المستوى العالي، أما إذا تحدثنا عن الألقاب فسنرى مورينيو وفيرغسون وأنشلوتي غيرهم من المدربين المحظوظين لكني لا أعتبرها الطريقة الصحيحة للمقارنة بين المدربين، وهنا أريد أن أتحدث عن مدرب أعتبرها من مستوى عالي جدا. من هو ؟ هو مدرب المنتخب الوطني وحيد حاليلوزيتش الذي يملك كفاءة كبيرة ومستوى عالي جدا حسب رأيي، وسبق وأن قلت هذا حتى قبل أن يدرب الفريق الوطني الجزائري، لأنه ببساطة قاد عدة فرق بنجاح كبير وكان دائما يحقق نتائج إيجابية مع الفرق أو المنتخبات التي يدربها رغم أنه يجدهم في أزمة نتائج، وهذه الميزة والقدرات ليست موجودة عند كل المدربين. بحديثك عن المنتخب الوطني، ما رأيك في الإستراتيجية التي تنتهجها "الفاف" بخصوص الاعتماد على اللاعبين المحترفين والمدرب الأجنبي، حيث أن هناك من يقول أنها ستفشل وأن التأهل للمونديال الأخير كان بضربة حظ ؟ لا، لا أبدا ليست ضربة حظ، أولا الاتحادية الجزائرية لكرة القدم وبالتركيبة البشرية الموجودة حاليا أو قبل سنتين منحت نفس جديد لكرة القدم الجزائرية، حيث نظمت نفسها بطريقة احترافية بعدما كانت "الفاف" في السنوات السابقة "هاملة"، ولهذا يجب علينا تهنئة كل الفاعلين في الاتحادية وكلمن لعب دور في وصول "الفاف" لهذه الاحترافية، أما بالنسبة لإستراتيجية الاعتماد على اللاعب المحترف، فأنا كنت من الأوائل الذين طبقوا هذه الطريقة حين وصلت لوزارة الشباب والرياضة رغم أن "الفاف" لم تكن على هذا المستوى من التنظيم، كنت تحدثت مع المدرب الوطني السابق سنجاق لاستدعاء بعض اللاعبين الجزائريين المحترفين أو المغتربين في الخارج وفي مقدمتهم كراوش مثلا. لما توجهتم لهذا الاختيار ؟ لنفس الأسباب التي جعلت الاتحادية الحالية تستنجد بالمحترفين، وهي التنظيم السيء والسلبي في النوادي الجزائرية والنقائص الكبيرة من حيث المنشآت ومراكز التكوين، ولأن الجمهور الجزائري يعشق المنتخب ويطالب بالحضور الدائم في المحافل الدولي أظن أنها الطريقة الوحيدة لتكوين فريق وطني قوي في انتظار تحسن الأوضاع على مستوى الكرة المحلية. إلى متى سيستمر هذا في رأيك ؟ علينا أن ننتظر الجيل الذي يتم تكوينه من طرف أول مركز تكوين من مستوى عالي في الجزائر ويتعلق الأمر بمدرسة نادي بارادو، حين نأمل جميعا أن تكون ثماره إيجابية على المنتخب الوطني في المستقبل ان شاء الله. هل تابعت مباريات المنتخب الوطني الأخيرة، وكيف ترى حظوظه في التأهل لكأس إفريقيا 2013 وكأس العالم 2014 ؟ بطبيعة الحال شاهدت كل اللقاءات، أعتقد أننا نملك حظوظ كبيرة إن شاء الله للتأهل للمنافستين، أنا متفاؤل جدا بتطور المنتخب الوطني مع المدرب حاليلوزيتش. "بإمكان أي رياضي سابق أن يخدم وطنه في المجال السياسي" بما أنك تحولت من مدرب وطني سابق وناجح إلى وزير للرياضة في الجزائر، هل تعتقد أن كل رياضي ناجح سيكون سياسي ناجح ؟ أولا الشيء المشترك بين الرياضي والسياسي هو دوره كمسؤول عليه تشريف الوطن وخدمة مصالحه، وأعتقد أن كل من دافع على القميص الوطني سابقا كلاعب ورياضي، سيتمكن من منح الإضافة في مجال التسيير أو السياسة لو تحلى بنفس العزيمة والروح الوطنية التي شعارها الدفاع على المصلحة العامة للشعب الجزائري. هل نعتبر هذا تشجيع للرياضيين السابقين لاقتحام المجال السياسي ؟ نعم لما لا ؟ كل الرياضيين يمتلكون روح المسؤولية وهذا عامل مهم جدا في الجانب السياسي، وبالمناسبة أتمنى من كل رياضي ينوي الترشح للانتخابات أو دخول البرلمان لتمثيل الشعب الجزائري أن يتحلى بنفس الروح الوطنية التي كان يدافع بها على وطنه سابقا. هناك من يقول أن تجربة الرياضيين في الميادين غير كافية ولا بد من التحصيل الأكاديمي للنجاح في مهام سياسية، ما رأيك ؟ صحيح، التجربة وحدها لن تكفي للنجاح في التحول من الرياضة إلى السياسة، بل على الرياضيين أن ينفتحوا أولا على الثقافة السياسة في المجتمع الجزائري من جهة وما يحط بهم من تجارب دولية من جهة أخرى، لكن حسب رأيي كل رياضي مارس على المستوى العالي بدون شك يكون قد أخذ نظرة على هذه الأمور التي قد تساعد في المجال السياسي. ما هي المصاعب والعراقيل التي واجهتها كوزير حتى يتعرف عليها بعض الرياضيون الذين قد يتولون مهام رسمية في الدولة مستقبلا ؟ بصفتي رياضي سابق وبعد وصولي للوزارة الشيء الغريب الذي واجهته هو أن الرياضيين هم من "طاحو عليا"، لذلك على كل الرياضيين أن يفهموا أنه من مصلحتهم تولي رياضي مثله مناصب عليا في البلاد لأنه حتما سيخدم الرياضة الجزائرية ويحسن تشريفها. شكرا لك سيدي الوزير على رحابة صدرك .. الشكر موصول لك. حاوره : نسيم صديقي ____________