ساعات قليلة تفصلنا عن المباراة المهمة التي سيخوضها منتخبنا الوطني مساء اليوم أمام منتخب ليبيا على ملعب محمد الخامس بالمغرب. وإن كان التفاؤل هو سيّد الموقف لدى اللاعبين الذين أجمعوا على أمر واحد... وهو ضرورة العودة بنتيجة إيجابية تضمن لهم اللعب براحة في لقاء العودة بأرض الوطن بعد شهر من الآن، فإنّنا وقفنا على خوف شديد لم نفهمه من المدرب البوسني وحيد حليلوزيتش، والذي على غير عادته غيّر طريقة تعامله مع المباراة مقارنة بالمباريات التي خاضها “الخضر" من قبل، وبدا -كما كشفنا عنه أمس- أكثر حيطة وحذر من المنافس سواء في طريقة حديثه عنه أو من خلال الخطة التي يعتزم تطبيقها ضدّه. لهجته تغيّرت ومن “سنفوز على مالي" إلى... “علينا الحذر من ليبيا" فضلا عن وصفنا تغيّر لهجة البوسني حول اللقاء والمنافس بالحيطة والحذر، فإننا لا نجد حرجا إن وصفناه بالخوف من منافس يكون قد أذهله بعودته إلى الواجهة والساحة القارية في الآونة الأخيرة، إذ أن حليلوزيتش الذي كان ومنذ قدومه يؤكد على ضرورة الفوز بالأداء والنتيجة قبيل أي مباراة يخوضها منتخبنا، صار يطالب بتوخي الحيطة والحذر من منافسيه، وهي لهجة لم نعهدها منه من قبل، فقبيل لقاء مالي مثلا قالها بصوت عال في تصريح من تصريحاته: “أنا ذاهب إلى بوريكينا فاسو من أجل العودة بالزاد كاملا"، مثلما قالها من قبل في خرجتي تانزانيا وغامبيا، لكنه هذه المرة وخلال كل التصريحات التي أدلى بها في أرض الوطن في ندوته الصحفية الخميس الماضي أو هنا في المغرب في المطار ومركز “الرجاء البيضاوي"، غيّر لغته ولهجته وراح يثني على منتخب ليبيا، ويؤكد أنه منتخب قوي للغاية، محذرا من استصغاره وأن المباراة أمامه ستكون معقدة للغاية. صفعة مالي قد تكون السبب في تغيّر لهجته وقد لا يكون الخوف من ليبيا السبب الوحيد الذي جعل المدرب الوطني يتحدث بهذه اللهجة المختلفة عن ما عهدناه منه، فربما قد تكون صفعة مالي في بلد محايد وأمام منافس أنهكته الأوضاع الأمنية المتردية وأثرت في تحضيراته في تلك الفترة هي السبب، لأن البوسني يومها راح يؤكد أنه سيفوز عليهم مهما كلفه الأمر، لكن خطته العرجاء التي اعتمدها وتغييراته التي درست بطريقة خاطئة كلفاه في نهاية المطاف خسارة لم تكن متوقّعة، وقد ندفع ثمنها غاليا في السباق نحو “المونديال"، وهو ما جعله هذه المرة يغيّر لهجته. البوسني غيّر أيضا خطّته ولأول مرة سيلعب بثلاثة لاعبين في الوسط الدفاعي وليت أن حليلوزيتش غيّر لهجته فحسب، بل أن المؤشرات توحي حتى الآن بأنه مقبل على تغيير الخطة التي سيعتمدها اليوم أمام ليبيا، فالرجل وحتى إن لم يستقر على تشكيلة واحدة منذ انطلاق التربص الأخير ل"الخضر" بأرض الوطن، إلا أنه قرّر اللعب بثلاثة مسترجعين في وسط الميدان، والأمر يتعلق بمهدي مصطفى، ڤديورة ولحسن، ناهيك على خلو تشكيلته من صانع ألعاب حقيقي ينشط اللعب خلف المهاجمين الذين ينوي الإعتماد عليهم، وهو ما يؤكد أيضا تخوّف هذا المدرب من المنافس. خطّة حذرة وتؤكد خوفه من المنافس ولا يمكن أن نصف الخطة التي ينوي البوسني الإعتماد عليها بتوظيف أربعة مدافعين وتوظيف ثلاثة مسترجعين للكرات في الوسط، سوى بالخطة الحذرة. خطة مدرب متخوّف من منافس لم يجر تحضيرات في المستوى، منافس أجبر على اللعب خارج قواعده بسبب عدم استقرار الأوضاع الأمنية في ليبيا الشقيقة، ولعل ما يعاب على البوسني بتوظيفه هذه الخطة أنّ المنافس ليس من طينة المنتخبات التي يواجهها منتخبنا القوي هجوميا بثلاثة مسترجعين، ولحسن وڤديورة وحدهما كانا يكفيان مع الإستفادة من وسط هجومي إضافي إلى جانب فغولي لمساعدة ثنائي الهجوم الذي نتوقع أن يكون معزولا في ظل هذه الخطة. مبولحي، كادامورو ومصباح لاعبون دون منافسة نقطة أخرى تعاب على التشكيلة المرشحة للعب اليوم، إذ أن هذه التشكيلة يسيطر عليها لاعبون يعانون من نقص المنافسة، فمنصب حارس المرمى انقلبت فيه الموازين كما أكدنا أمس لصالح مبولحي الذي جرّبه المدرب الوطني في آخر حصة بسيدي موسى ويكون قد اهتدى لوضع الثقة فيه مساء اليوم، وإن كانت ثقته في إمكاناته هي السبب في ذلك بما أنه الحارس الوحيد الذي يمنحه الأمان بحكم خبرته، إلا أن هذا الحارس يعاني من نقص فادح في المنافسة بحكم أنه يتواجد دون فريق ولم يلعب منذ فترة أي مباراة رسمية ولا حتى ودية، وإقحامه يعد مجازفة كبيرة من المسؤول الأول على العارضة الفنية، ولا يعدّ مبولحي الوحيد المتواجد من دون منافسة، لأنّ كادامورو ومصباح مثلا لم يلعبا ولا دقيقة حتى الآن مع ريال سوسييداد وميلان، والأمر نفسه بالنسبة لسليماني الذي اكتفى بلقاءات ودية مع بلوزداد، ويبقى بلكالام الإستثناء لأن محور الدفاع يتطلب إقحامه رغم أنه اكتفى بلقاءات ودية مع الشبيبة القبائلية خلال الفترة التحضيرية. جابو وجبور في لياقة جيدة وتواجد أحدهما كان ضروريا ورغم أن التشكيلة الأساسية سيتم الإعلان عنها رسميا اليوم، إلا أن جابو وجبور خرجا من حسابات البوسني في التشكيلة الأساسية التي حضر بها المباراة، رغم الفترة الزاهية التي يمرا بها، فجابو مثلا جدد الصلة مع أجواء المنافسة الرسمية ودشن دخوله مع النادي الإفريقي ناهيك عن أنه لم يتوقف عن التدريبات قبيل شهر رمضان، وجبور هو الآخر كان حاسما منذ انطلاق الموسم في مباريات فريقه “أولمبياكوس" وما الأهداف الثلاثة التي وقعها في جولتين لخير دليل على ذلك، ومن المؤكد أن تجاهل هذين العنصرين أو على الأقل تجاهل واحد منهما، سيضر بهجومنا كثيرا في لقاء اليوم. من سينشط الهجوم؟ من سيوصل الكرات لسليماني؟ خطة البوسني المتوقعة اليوم مثيرة للتساؤلات ونتمنى فقط أن تنجح ونخطئ في تقدرينا، لأننا نتوقع لها الفشل مسبقا ونتوقع عزلة للمهاجمين دون منشط خلفهما، فسليماني سيكون رأس الحربة الوحيد في اللقاء غير أنه سيعاني العزلة في ظل عدم وجود لاعبين من طينة، قادير، بودبوز وجابو على الأجنحة، رغم تواجد فغولي وسوداني على مقربة منه، وحتى الظهيرين الأيسر والأيمن المرشحان للعب قد لا يكون دورهما فعالا في الهجوم، لأن كادامورو ومصباح لم يلعبا منذ فترة، ناهيك عن أن كادامور لم يلعب مع زملائه منذ مباراة الأولى التي أصيب فيها أمام غامبيا. خطة كي لا ننهزم ونضمن التأهل في أرض الوطن؟ وفي النهاية خلصنا إلى أن البوسني لا يريد الخسارة وفقط في هذه المباراة، لأن تدعيمه للوسط الدفاعي هدفه الحدّ من خطورة المنتخب الليبي الذي قيل عنه في تقرير قريشي إنه خطير في الهجمات المعاكسة، ولا يهم البوسني أن يسجل “الخضر" أهدافا أم لا بقدر ما يهمه ألا يتلقى أهدافا، على أن يتأجل الحسم في لقاء العودة بالجزائر بالدفع بتشكيلة هجومية يرى أنها سيكون من السهل عليها الإطاحة بالمنافس بسهولة والتأهل إلى جنوب إفريقيا دون أي مشكلة.