طُويت أوراق الجزائر “المونديالية” التي نام وقام عليها ملايين الجزائريين طوال أشهر من الزمن، ومن المفترض أن يبدأ التفكير في مرحلة ما بعد 2010 بكل الأحداث التي رافقته، لكن وللأسف الواقع عندنا يقول أن كرة القدم الجزائرية تسير في درب فقدان ما تم تحصيله في السنتين الماضيتين، والحديث يخص التحدي الذي سينطلق بعد شهرين من الآن والمتعلق بإقصائيات كأس أمم إفريقيا 2012، ففي الوقت الذي لازال الجدل قائما حول أمور كثيرة في بلادنا، بداية من الطاقم الفني، حلول القاطرة الأمامية، تلبية المترددين لحمل الألوان الوطنية.. بلغ منافسو “الخضر” في التحدي القادم درجة جد متقدمة في برنامجهم وأيضا في وضع أسس الاستقرار، خاصة عند الجارة المغرب، وحتى تنزانيا التي خطت هي الأخرى خطوات جبارة في سعيها للتأهل التاريخي لكأس إفريقيا 2012”. المغرب ب غيراتس تعرف جيدا خبايا “الخضر” مجموعة “الخضر” التأهيلية لكأس أمم إفريقيا القادمة على غرار تلك الخاصة بتصفيات المونديال الماضية تضم منتخبا عربيا يحتم لعب داربي آخر في طريق الوصول إلى الغابون وغينيا الاستوائية بعد سنة ونصف، فالمملكة المغربية أصبحت العقبة التي سيسعى محاربو الصحراء لتجاوزها كونها الحلقة الأقوى من بين المنافسين، لكن الجارة الغربية أعلنت نيتها في العودة إلى الواجهة سريعا بعد غيابها عن أمم إفريقيا الأخيرة، وهذا باستقدامها للبلجيكي إيريك غيراتس بأجر هو الأعلى في إفريقيا بالنسبة لمدرب وطني، ومعروف غيراتس بخبرته الواسعة في الملاعب الأوربية، أبرزها الفرنسية التي أشرف فيها على مارسيليا لما كان زياني في هذا الفريق، أمر يجعل منه مدربا عارفا بخبايا المحترفين الجزائريين. مدرب عالمي، ملتزم ويحظى بثقة المحترفين المغاربة إشراف غيراتس على أسود الأطلس روفق بترحيب كبير جدا من الأوساط الرياضية الداخلية في المغرب، وحتى المتتبعين في الخارج، فهو بوصفهم مدربا “على المقاس” ملائم كثيرا لأسلوب اللعب المغربي وبإمكانه صناعة منتخب عالمي كون المغرب تملك لاعبين من أعلى مستوى في القارة العجوز، ومعروف غيراتس بحبه للالتزام والصرامة، وهو شديد جدا في تعامله مع من يخرج عن السيطرة، كما قوبل المشرف سابقا على غالاطاراساراي التركي بحفاوة كبيرة من اللاعبين، آخرهم نجم أندرلاخت مبارك بوصوفة الذي صرّح للصحافة البلجيكية يوم أمس قائلا: “فخور جدا بإشراف مدرب من قيمة غيراتس على المنتخب المغربي، أتلهف لليوم الذي ألعب فيه تحت وصايته”. المدرب الدانماركي لتانزانيا يضع الفوز على الجزائر هدفا لفريقه يقف بعد المغرب مباشرة خصم آخر يعّد على الورق ثاني أقوى منافس في المجموعة بات هو الآخر مصدر تهديد للمنتخب الوطني، فتنزانيا التي لا تملك تاريخا في كرة القدم أعدت العدة لصناعة مجدٍ مستقبلي، أولى الخطوات فيه أساسها الإطاحة بالمنتخب الوطني، فقبل أسابيع من الآن عُيّن الدانماركي جون بوغر بولسن على رأس العارضة الفنية للمنتخب التنزاني خلفا للبرازيلي مارسيو ماكسيمو الذي قاد “نجوم تايفا” -كما يلقبون- على مدار أربع سنوات ماضية، ورغم أن جون بولسن لا يملك تاريخا تدريبيا كبيرا، بقيادته لمنتخب أرمينيا وبلاده لأقل من 21 سنة من قبل، إلا أن أمالا كبيرة عُقدت عليه من أجل التألق والتفوق على الجزائر والمغرب بالدرجة الأولى، فضلا عن الحلقة الأضعف في المجموعة جمهورية إفريقيا الوسطى. تألق تانزانيا أمام البرازيل حفزها لمقارعة الجزائر والمغرب خاض المنتخب التنزاني أكبر لقاء في تاريخه الكروي قبل انطلاقة المونديال بأيام قليلة، فعلى أرضية ملعب العاصمة دار السلام واجه التنزانيون المنتخب البرازيلي بكل نجومه في إطار تحضيراته لنهائيات كأس العالم، ورغم نهاية اللقاء بفوز رفقاء كاكا ب(5-1)، إلا أن جميع المتتبعين شهدوا على تألق المنتخب التنزاني الذي قدم حسبهم أفضل لقاء من حيث الجماعية والأداء في تاريخه، ما يجعل الخطوة القادمة مشروعة، وهي السعي إلى المرور إلى دورة الغابون وغينيا الاستوائية سنة 2012، خاصة وأن القيادات في تلك الدولة لم ولن تبخل بالدعم لمنتخب بلاده على حد وصف التقارير الصحفية الواردة من هناك. التصفيات القادمة مفخخة ومخيفة وقد تعيدنا إلى نقطة الصفر في الوقت الذي حُسمت فيه هوية من سيقود أسود الأطلس، وبالمثل في تانزانيا مع تحسين الكفاءات والبحث عن الأفضل للمرحلة القادمة، باتت الوضعية داخل بيت “الخضر” سيئة قياسا بما بلغناه بعد المشاركة في المونديال والوصول إلى نصف نهائي كأس إفريقيا، ففي الأصل ينبغي أن تكون حالة “الخضر” هي الأفضل، نجد أن المُثار حول بقاء الناخب الوطني رابح سعدان على رأس المنتخب، وتضارب الأنباء حول مغادرته أو الأسماء التي قد تضاف إلى طاقمه الفني يدفع بنا إلى الوراء ولا يقودنا إلى الأمام، وقد نجد أنفسنا في لحظة من المنتخب المرشح إلى فاقد الأمل، خاصة أن المرور المباشر يستوجب المرتبة الأولى، وحتى التأهل مع أفضل الثواني مهدد مع وجود تنزانيا القوية على أرضية ميدانها.