بلقاسم بوشريفي، إعلامي من ولاية أدرار، صاحب تجربة طويلة في الإعلام المكتوب، تعامل مع 11 عنوانا منذ التسعينات، بالإضافة إلى الجرائد الإلكترونية، وهو أيضا أحد مؤسسي الاتحاد الوطني للإعلاميين الجزائريين. تحدث في هذا الحوار بإسهاب عن ظروف المراسل الصحفي، مطالبا وزير الاتصال منح المراسلين المحترفين بطاقة الصحفي وضمان حقوقهم المهنية.
* بلقاسم بوشريفي إعلامي مخضرم، كيف تلخص مشوارك مع مهنة المتاعب؟ نعم بلقاسم بوشريفي مراسل صحفي من ولاية أدرار، وإطار في قطاع الشباب والرياضة ورئيس الجمعية الوطنية لترقية إطارات الشباب، تملكني حب الإعلام الذي طرقت بابه بداية سنة 1998 بمراسلة عدة جرائد وطنية وخاصة ونحو 11 عنوانا بالإضافة إلى الجرائد الالكترونية، ونتيجة ذلك احترفت نقل الخبر بجدية وصدق، ما مكنني من الإسهام، وبشكل واسع، من نقل انشغالات المجتمع إلى المسؤولين، بالرغم من الصعوبات التي نتلقاها في الحصول على المعلومة.
* المراسل الصحفي حلقة ضائعة في عالم الإعلام، هل هذا صحيح؟ بحكم تجربتي الطويلة في الإعلام المكتوب كمراسل صحفي لعدة عناوين إعلامية، أعتقد أن هناك حلقة ضائعة يعيشها المراسل الصحفي، وهذا ناتج عن غياب قانون يحكم عمل المراسل الصحفي الذي صار يتعامل مع الجريدة بأمر بمهمة فقط وبدون سند قانوني مثلا كعقد عمل، كما أنه لا يملك بطاقة الصحفي، ناهيك عن الأجر الزهيد الذي يتقاضاه، كما هناك بعض العناوين لا تعط المراسل حقوقه المادية. صراحة هناك استغلال بالرغم من مجهوده في تزويد الجريدة بالمعلومات، بل أكثر من هذا هو دوما يضحي بإمكانياته الخاصة كونه يحب الإعلام، وهو حلقة هامة في الإعلام الجواري، بل صار منبرا لرفع الانشغالات، وأرى أنه آن الأوان كي يسن وزير الاتصال قانونا للمراسل الصحفي يجبر من خلاله المؤسسات الإعلامية أن تتعامل معه كموظف دائم أو مؤقت وبأجر محترم.
* كيف تتعامل المديريات التنفيذية مع المراسل الصحفي، هل تزوده بالمعلومات الكافية؟ قبل هذا أقول لكم بأن هناك غياب شبه كلي في خلايا الإعلام والاتصال بالمديريات التنفيذية التي لا تتعاطى مع الإعلاميين، وغالبا يبقى مجهود المراسل الصحفي شخصي لجلب المعلومات عن أي قطاع، وهنا أشير بأن بعض المعلومات تقدمها لنا خلية الإعلام بديوان الوالي لا غير ونسجل صعوبة في الحصول على المعلومات لأن المديريات لا تتعاطى بشكل دوري معنا ولا تزودنا بالمعلومات حول نشاطها، كما أؤكد أيضا بأن المجالس المنتخبة تنعدم فيها خلايا الإعلام والاتصال، اللهم إلا خلية الأمن بالولاية وديوان الوالي، أما الأخرى فهي ديكور بلا روح، فيما يبقى المكلفون بالإعلام إذا ما كانوا موجودين بعيدين عن الاحترافية ولا يقومون بالتعاطي مع المراسلين إلا فيما يخص دعوات الاحتفالات، وهنا أشير لابد بتفعيل الخلايا والمكلفين بالإعلام للعب دورها في تزويد الإعلاميين بكل المعلومات حول قطاعهم.
* استقينا معلومات من المقربين لك تفيد بأنك سوف تطلق الإعلام، هل تؤكد هذا الخبر أو تفنده؟ بعد تجربة دامت أكثر من 17 سنة في الحقل الإعلامي خاصة المكتوب منه بمهنة المتاعب أنا أفكر في ترك المجال الإعلامي في حال استمرت الأمور هكذا بدون قانون يحمي المراسل الصحفي ويضمن له حقوقه بعيدا عن الضغوط والمضايقات والفوضى، أكيد سوف أطلّق الإعلام رغم تجربتي الناجحة التي منحتني تكوينا إضافيا هاما، و أشكر من خلالها كل العناوين التي عملت معها، وإذا تحسنت الأمور سوف أواصل مهنة الإعلام لأنني مازلت في عز العطاء.
* كيف ترى واقع الإعلام المكتوب في ظل انتشار الجرائد الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي؟ الإعلام المكتوب بخير ولم يتأثر بانتشار الجرائد الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، لأنه تحكمه أساليب وقواعد في نقل الخبر الصادق بعيدا عن الشك والسؤال، و يعتبر حلقة مهمة في تثقيف وتزويد القراء بالمعلومات القيمة، حيث تجد أي جريدة بها عدة أركان تتناول مواضيع مختلفة، وبالتالي تمكننا من أرشفة المعلومة المكتوبة بالرغم من تنافسية المنابر الأخرى، فالإعلام المكتوب يثمن المقروئية ويعمل على تثقيف المجتمع وله نكهة، كما أنه لم يتأثر كثيرا بالمقروئية الالكترونية.
* بحكم تجربتك في الصحافة المحلية، مارأيك في الإعلام الجواري وتكوينه لرجال الإعلام؟ أنا أرى بأن الإعلام الجواري هو ذلك الإعلام الذي ينقل ويحتك مباشرة بالمجتمع الذي يعيش يومياته ويجيب على تطلعاته، وهو ناقل لرسالة محلية تفاعلية، أما عن التكوين فهو غائب ماعدا بعض المبادرات التي مكنتنا من خوض تجربة تكوين محلي أشرف عليه الأستاذ الإعلامي ساعد ساعد كانت فرصة لرجال الإعلام المحلي، كما توجد عدة مراكز خاصة تشرف على تكوين الإعلاميين، إلا أن المراسل المحلي يعتمد على طريقته الخاصة في تكوين نفسه، إما بالممارسة أوالاطلاع الذاتي، رغم وجود مراكز للتكوين انتشرت مؤخرا، منها مركز عنابة ومعسكر وغيرها، وهنا أطلب من الجرائد أن تشرف على تكوين مراسليها. * ما رأيك في المسؤولين الذين لا يتعاملون مع المراسل الصحفي إلا في الاستحقاقات؟ المراسل الصحفي يجب أن تكون له شخصية مؤثرة ناتجة عن عمله الجاد. فعلا الكثير من المسؤولين لم ولن يتعاملوا مع المراسل الصحفي كناقل للخبر، بل يرون فيه رجل مراقب ومؤثر، لذا يتجنبوه، ولكن -كما قلت- إذا كانوا في حاجة إلى تمرير مصلحة فيبحثون عنه، بل و يجاملونه.
* حدّثنا عن المشكل الذي يواجه المراسل الصحفي الذي يمتلك أمر بمهمة دون بطاقة الصحفي؟ كما قلت هنا إشكال في ظل غياب قانون ل" المراسل الصحفي"، ما زاد من معاناته اليومية في التعاطي مع مختلف الجهاتو ولابد من إصدار قانون إضافي يشترط تسليم بطاقة المراسل الصحفي المعتمد في الولايات، وهنا يحل الإشكال نهائيا، ومن هذا المنبر الإعلامي وعبر هذا الحوار، أناشد وزير الاتصال بالنظر في هذا الأمر مما ينظم أكثر الإعلام لأنه في كل الولايات تجد المراسلين الصحفيين هم من يزودون الجرائد يوميا بالمقالات وفي جميع المجالات رياضة، ثقافة، سياسة، أمنيات، محليات ومجتمع. * كيف تقيمون الجرائد التي لا تعطي المراسل حقه في الجانب المادي؟ الجرائد التي لا تعطي حقوق المراسلين ماديا مقابل المقالات المنشورة، هي جرائد بصراحة تسلب عرقهم وتهضم حقوقهم، ولكن كما قلت من قبل غياب القانون الذي يحكم عمل المراسل هو من جعل بعض الجرائد تتعامل مع المراسل بأمر بمهمة فقط و لا يربطها بالمراسل الصحفي أي عقد أو ضمان يثبت العلاقة المهنية، فيما هناك جرائد تعطي حقوق المراسلين وتشجعهم وتبحث عنهم، بين قوسين أريد قول كلمة …من طرائف الإعلام، قال لي ذات يوم رئيس تحرير جريدة لا أريد مراسلين "غوغل" فيه كل المعلومات.. هنا أدركت بأن مهنة المراسل في بعض الجرائد في طريق الزوال، طبعا هذا في الجرائد التي لا تحترم أخلاقيات المهنة.
* هل عشت متابعات قضائية بسبب كتاباتك؟ قبل هذا على المراسل أن يلتزم بأخلاقيات المهنة، أنا شخصيا لم أتلق طيلة مسيرتي الإعلامية أي تهم أو قضية في العدالة كوني أكتب بكل موضوعية بعيدا عن قذف الأشخاص، لكن هناك زملاء تمت مقاضاتهم، وعليه أقول وجب عدم تجريم الإعلامي لأن هناك مادة في قانون الإعلام تعطي الحق لمن أحس بخطأ أو مقال غير موضوعي حق الرد في الجريدة لتوضيح الأمر وكفى بعيدا عن رفع القضايا.
* ما رأيك في الانفتاح الإعلامي وظهور قنوات جديدة منذ 3 سنوات في الجزائر؟ الانفتاح الإعلامي في الجزائر مكسب مهم يبقى تطبيق القانون وعدم المضايقة على رجل الإعلام لأنهم ينقلون رسالة تنوير المجتمع، أما القنوات الخاصة فهي منبر تحكمه محدودية نقل الأخبار، بل قدمت الكثير للمجتمع الجزائري، وبها تم إطلاق عدة قنوات لبيوت الجزائريين، لذا يبقى تنظيمها وعدم التضييق عليها لأنها في طريق الاحترافية.
* ما رأيك في الاتحاد الوطني للإعلاميين الجزائريين؟ أنا واحد من مؤسسيه وعضو مكتبه الوطني، لكن وبكل أسف خرج عن أهدافه وأصبح لا يستجيب لتطلعات الأسرة الإعلامية، بل تحول إلى تنظيم المهرجانات التي لها أصحابها الأحق بها ولم يقدم أي إضافة للإعلاميين، بل صار يقوم بجولات سياحية لأنه بكل صراحة لم يقدم أي تكوين ولا يدافع عن أي صحفي أو مراسل، وكم من صحفي ومراسل دخل أروقة العدالة، وكم من مراسل هضم حقه ولم يحرك ساكنا، لذا أصبح وجوده من عدمه نفس الشيء، وصراحة هناك حاجة في نفس يعقوب، وهنا الكلام يطول وقد تظهره الأيام القادمة بإذن الله.
* ماهي كلمتك الأخيرة للقراء الكرام؟ أولا أشكر "الحوار" التي أتاحت لنا هذه الفرصة للحديث عن تجربتي المتواضعة في الحقل الإعلامي، كما أشكر القراء الكرام لأننا دوما نسعى إلى تزويدهم بالمعلومات ونرفع انشغالاتهم بكل إخلاص، ويبقى المراسل تلك الشمعة التي تحترق لتنير للآخرين، كما أتمنى تثمين المكسب الإعلامي في الجزائر بالقانون ومراعاة ظروف الإعلاميين والمراسليين الصحفيين.