رواتب متدنية، نقص التكوين و جهل بأخلاقيات المهنة يتخبط أغلب الصحفيين الجزائريين في مشاكل متنوعة ومتعددة الأوجه، مشاكل مادية بالدرجة الأولى، وأخرى اجتماعية مهنية وثالثة أخلاقية مرتبطة بممارسة مهنة الصحافة في حد ذاتها، وكل هذا جعل في نهاية المطاف الصحفي كائنا شبه غريب ينتج مادة غريبة لا تؤثر في الرأي العام، ويتفق أغلب المشتغلين في مهنة المتاعب على أن أبرز ما يعانيه الصحفي عندنا هو غياب نقابة قوية ذات تمثيل حقيقي، فضلا عن تدني الأجور وهشاشة الوضع الاجتماعي الذي يؤدي بدوره إلى فتح الأبواب على مصراعيها أمام الانحراف. تحيي الأسرة الإعلامية الوطنية اليوم 22 أكتوبر "اليوم الوطني للصحافة" الذي أقره رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في ماي من سنة 2013، ووضع أغلب المشتغلين في هذا القطاع ليس على ما يرام، ما يزال الكثير من الصحفيين في مختلف المؤسسات الإعلامية يتخبطون في مشاكل ويواجهون مصاعب تؤثر في نهاية الأمر على مردودهم، وتحد من إمكانية إنتاج مادة إعلامية ترقى إلى المستوى المطلوب، رغم الجهود الفردية التي تبدل هنا وهناك. ويتفق الكثير من الصحفيين الجزائريين على اختلاف مشاربهم ومكوناتهم، وعلى اختلاف المؤسسات التي يشتغلون بها على أن الصحفي يواجه مشاكل حقيقية تأتي في مقدمتها المشاكل ذات الطبيعة المادية المتمثلة أساسا في تدني الرواتب، وغياب الحماية الاجتماعية، والحرمان من السكن وغيرها، ثم تأتي المشاكل ذات الطابع المهني، وأخيرا المشاكل المرتبطة بالتكوين ومستوى التأطير والابتعاد عن أخلاقيات المهنة، و عدم توفر مصادر المعلومة. مشاكل الصحفيين الجزائريين في اليوم الوطني للصحافة يرى الصحفي حسان موالي من يومية "الوطن" الناطقة بالفرنسية أن الصحفي الجزائري يعاني في المقام الأول مشاكل مادية بحتة مقارنة بزملائه في دول الجوار المغاربي، ويضيف قائلا" الصحفي الجزائري غير مستقل ماديا، وهو في وضعية هشة في هذا الجانب، وذلك ما يفسر انحراف البعض من الصحفيين نحو الرشوة والفساد، فالصحفيون الأكفاء النزهاء يعدون على أصابع اليد الواحدة". و يواصل حسان موالي أن من اكبر المشاكل الحقيقية أيضا غياب نقابة تمثيلية قوية للصحفيين، فضلا عن وجود ما اسماه "صحافة نضال" بالمعنى السلبي وهذا في الحقيقة أمر يدخل ضمن خانة أخلاقيات المهنة، وفي هذا الجانب حدث ولا حرج إلى درجة وصل الأمر فيها بالوصاية إلى المبادرة بفرض قانون لأخلاقيات المهنة بعيدا عن الصحفيين. ومن المشاكل الأخرى التي يعددها محدثنا كذلك نقص التأمين الاجتماعي، وتدني الراتب إلى الحد الذي يجعل من الصحفي في بعض الأحيان يستحي من القول أنه صحفي، وهو ما يفسر مغادرة الصحفي لهذه المهنة عند أول فرصة تتاح له في قطاعات أخرى، وفي نفس الإطار يتحدث حسان موالي عن مشاكل مادية أخرى مثل المقرات غير اللائقة للكثير من المؤسسات الإعلامية عندما تساءل" هل يمكن أن تكون شقة من ثلاث أو أربع غرف مقرا لجريدة محترمة، في الوقت الذي تتطلب فيه هذه المهنة التركيز وتوفير أجواء الراحة"، فضلا عن عدم توفر وسائل العمل في بعض المؤسسات مثل التداول على كمبيوتر واحد بين أكثر من صحفي، وغياب الانترنيت من الجيل الثالث مثلا، وعدم توفير وسائل عمل أخرى، وتبقى صعوبة الوصول إلى مصادر المعلومة من المصاعب التي يعاني منها نساء ورجال الإعلام عندنا أيضا حسب ذات المتحدث. من جهته يقول الزبير خلايفية كاتب عمود بيومية "لا نوفال ريبوبليك" الناطقة بالفرنسية حول الموضوع" قبل الحديث عن المشاكل الاجتماعية اعتقد أن المشكل الكبير يتمثل في تكوين الصحفيين، نلاحظ في الوقت الحالي انحطاطا في المستوى بشكل كبير عند صحفيي الجيل الجديد، والسبب لا يعود للصحفيين أنفسهم إنما يرجع للتكوين في الجامعات، وهذا لا يخص قطاع الصحافة وحده بل جميع الميادين، وهو برأيه مشكل عويص تواجهه الصحافة اليوم". صحافيون يدفعون من جيوبهم تكاليف العمل أما ما تعلق بالمشاكل الاجتماعية التي يعاني منها الصحفيون فتتمثل أساسا في تدني الرواتب وهي من مسؤولية الصحفيين والناشرين على السواء، و تبقى من اكبر المشاكل التي تعترض عمل الصحفيين عندنا – يضيف خلايفية- غياب نقابة قوية لا تخضع للضغوط الخارجية كما هي الحال في الوقت، وهنا لابد أن لا يغيب عن أذهاننا أن الناشر تاجر قبل كل شيء وهو لا يريد أن يدفع أكثر للصحفيين. وتحدث زبير خلايفية أيضا عن مشكل كبير وعويص آخر هو صعوبة الوصول إلى المعلومة، وهنا يتذكر انه في سنة 1995 وقع الرئيس السابق اليمين زروال مرسوما يسهل على الصحفيين الوصول إلى المعلومة لكن تطبيقه كان شيئا آخر تماما، وفي الأخير يعتقد محدثنا أن الصحافة اليوم أصبحت سلاحا لتغليط الرأي العام بين يدي البعض، داعيا إلى أن يتكفل الصحفي بنفسه وبمشاكله من خلال المبادرة بإنشاء نقابة قوية. أما صحفية يومية "المساء" الناطقة بالعربية نوال حمليل فتعتقد أن هناك مشاكل عديدة نغصت على الصحفي يومياته، منها على المستوى الاجتماعي عدم تحسن ظروف النقل، عدم الاهتمام بمشاكل السكن، ناهيك عن رفض بعض الناشرين تأمين الصحفيين أو الرفع من أجورهم التي لا تزيد في بعض الأحيان عن 25 ألف دينار. وتتحدث صحفية "المساء" أيضا عن ظاهرة جديدة انتشرت في المدة الأخيرة هي توظيف الصحفيين المسجلين في الوكالة الوطنية للتشغيل ورفض الناشرين دفع الفارق في الراتب لهؤلاء، و يضطر الصحفي في بعض الأحيان إلى دفع بعض التكاليف المرتبطة بعمله من جيبه خاصة ما تعلق منها بخدمة الهاتف والانترنيت والنقل، و عدم توفير خدمات ووسائل عمل ضرورية، حيث يضطر الصحفي في الكثير من الأحيان إلى توفير ذلك من ماله الخاص. وتعتقد نوال حمليل أن المشاكل المهنية معقدة هي الأخرى حسب ما تسميه "الخط الأحمر" لكل جريدة، وتقول أن الجرائد العمومية مثلا ممنوعة من نشر بعض المعلومات لدواع أمنية، أما الخاصة فتزيد في بعض الأحيان الطين بلة عند معالجة بعض الأحداث الأمنية والسياسية الشائكة. مشكلة أو متاعب أخرى أثارتها المتحدثة تتمثل في مطالبة الصحفي في القطاعين الخاص والعام بموضوع أو موضوعين كل يوم، في حين أن المعدل العالمي يتحدث عن ثلاثة مواضيع في الأسبوع، ولم تغفل المتحدثة هي الأخرى صعوبة الوصول إلى مصادر المعلومة، وسط محيط تتوسع فيه الإشاعة بشكل كبير في غياب التأكيد أو النفي من الجهات المخولة بذلك. وتتقاطع آراء اغلب الصحفيين الذين استطلعت النصر آراءهم حول سؤال" ما هي المشاكل الحقيقية للصحفيين الجزائريين" إذ يقول رياض بوخدشة صحفي بموقع "الشروق اليومي" و المتحدث باسم المبادرة الوطنية من اجل كرامة الصحفي أن "مشكلة الصحفيين الجزائريين تكمن بالأساس في غياب شريك اجتماعي(نقابة وطنية تمثيلية وقوية) تتبنى انشغالاتهم وتدافع عنها في إطار حوار متواصل مع الحكومة". صحافيون بصيغة تشغيل الشباب ويواصل قائلا أن "هذا الفراغ انعكس بالكثير من المتاعب المهنية والاجتماعية التي يتحملها الصحفيون أكثر من أي جهة أخرى في القطاع، فإذا كانت المؤسسات الإعلامية منتفعة من ريع الإشهار، فالصحفيون لازالوا يشتغلون بأجور زهيدة جدا، فضلا عن غياب الحماية الاجتماعية الكافية، وتحملهم ثقل الفوضى و غياب المهنية الناجمة عن غياب الهيئات الضابطة المنصوص عليها في القانون العضوي المتعلق بالإعلام، وبالأخص منها سلطة ضبط الصحافة المكتوبة، ومجلس أخلاقيات المهنة وآدابها. ويعدد رياض هويلي رئيس تحرير بقناة "الخبر" جملة من المشاكل التي يعاني منها الصحفي عندنا اليوم مثل تمييع المهنة من طرف الدخلاء الذين لا هم لهم سوى الربح على حساب المهنية، وغياب التكوين و التأطير، غياب هيئات تسيير القطاع، واحتواء الصحافة من قبل بارونات المال، وغلق مصادر الخبر، مما حول الصحافة إلى وسيلة لتصفية الحسابات والدعاية أو توريطها في قضايا القذف. محمد عدنان حلمه عقد عمل و راتب يحفظ كرامته المراسل الصحفي الحلقة الأضعف داخل الجرائد الوطنية يواجه العشرات من المراسلين الصحفيين العاملين بالجرائد الوطنية متاعب بالجملة بحكم بُعدهم عن قاعات التحرير المركزي، إذ يشتكون من تدني رواتبهم و غياب أبسط وسائل العمل، إضافة إلى التعرض للتهميش من مسؤوليهم و حتى السلطات، فبالرغم من الدور الهام الذي تؤديه هذه الفئة، يرى المهنيون أنها تمثل الحلقة الأضعف داخل الجرائد. لم يعد يخفي على مهنيي السلطة الرابعة الظروف الصعبة التي يشتغل فيها مراسلو الجرائد الوطنية باستثناء بعض "المحظوظين"، فقد تحولت مقاهي الأنترنت إلى مكاتب عمل متنقلة لهؤلاء و أصبح كثيرون "يتسولون" جهاز فاكس من زملائهم، و في ظل غياب وسائل العمل الضرورية يجد المراسل نفسه و بعد ساعات من الإنهاك في تغطية ندوة أو احتجاج، غير قادر على كتابة مادته الإعلامية لأن مؤسسته لم تخصص له مكتبا و لم تقتني له جهاز كمبيوتر لا يسمح أجره الزهيد بشرائه، و إن حالفه الحظ و استطاع كتابة الموضوع، يدخل الصحفي في رحلة بحث أخرى عن مكان يرسل منه مادته للتحرير المركزي، باللجوء إلى مكاتب زملائه أو إلى مقهي أنترنت به مكان شاغر و قوة تدفق تسمح له بتحميل الملفات. زيادة على ذلك يشتكي أغلب المراسلين، إن لم نقُل جلهم، من تلقي رواتب زهيدة جدا لا تلامس في كثير من الأحيان الأجر الوطني الأدنى المضمون "السميغ"، بحيث يحلم الكثير منهم بأجر يحفظ كرامتهم و يسمح لهم على الأقل بتغطية تكاليف التنقل و الطعام، أما أرباب العائلات فيضطرون غالبا للاستدانة سيما و أن صب الرواتب قد يتأخر لفترات تفوق 5 أشهر، و فوق كل هذا يجد المراسلون سيما الذين يعملون دون عقود عمل، أنفسهم دون حماية قانونية في حال تعرضوا لاعتداءات لفظية أو جسدية، أما تجديد العقد فيشكل أكبر كابوس للمراسل الذي يحبس أنفاسه نهاية كل سنة خوفا من التخلي عنه. تحدثنا إلى بعض المراسلين الصحفيين عبر الوطن لنقل تجاربهم "المريرة" في عالم مهنة المتاعب، حيث تقول مراسلة صحفية في جريدة وطنية فضلت عدم ذكر اسمها، أن أكثر ما تعاني منه هو عدم نشر موادها الإعلامية المبرمجة و التي تكون قد تعبت في كتابتها، إضافة إلى الحرج الذي تتعرض له لدى تغيير التحرير المركزي بالعاصمة لعناوين المواضيع دون قراءتها بتمعن، أما تغطية زيارات الوزراء و كبار المسؤولين فتمثل أبرز مشكلة، إذ يتسبب غياب التنسيق مع رؤساء التحرير و الأقسام، في نشر مادة وكالة الأنباء الجزائرية و ليس المراسل الجهوي بحجة الوقت، ليضيع جهد الصحفي هباء بعدما كان قد قضى يوما كاملا في التغطية. و ما يشترك فيه عشرات المراسلين الصحفيين بالولايات، حسب مراسلة جريدة خاصة بإحدى ولايات الوسط، هو عدم الاستفادة من التأمينات الاجتماعية بسبب غياب عقد عمل، و يتعلق الأمر بحالات لصحفيين قضوا قرابة 10 سنوات في مهنة المتاعب، ما يجعل الإسراع في استصدار بطاقة المهني المحترف مطلبا ملحا.. و يحدث كثيرا أن يتعذر على مراسل أداء عمله في هيئة رسمية أو أية مؤسسة، لأن جريدته ترفض أو تتماطل في تسيلمه الأمر بالمهمة، رغم أنها تطالبه في المقابل بتغطية يومية للأحداث بولايته. كما يرى مراسل جريدة وطنية بالشرق أن العمل في الولايات الكبيرة من ناحية المساحة هو أيضا من أهم المشاكل التي تواجه المراسل، خاصة و أن التنقل بين بلدية و أخرى يتطلب وسيلة نقل و أموالا يصعُب على الصحفي توفيرها، بسبب أجره الزهيد، ليضطر في أحيان كثيرة لتفويت خبر هام، أما الحصول على المعلومة الرسمية فهو الهاجس الأكبر للمراسل إذ يتحفظ الكثير من المسؤولين، حسب صحفي آخر، عن تقديم المعلومة له بل و "يستصغرونه" خاصة إن كان يعمل بجريدة جديدة أو غير معروفة محليا، كما يعتمد ذلك على مدى متانة علاقة المسؤول بمدير المكتب الجهوي. و يجمع الكثير من المراسلين أن مسؤولي التحرير المركزي يتعاملون معهم "بفوقية" و "يهمشون" عملهم، رغم أهميته و الجهد المبذول في ظل ضعف الإمكانيات، ما يضطرهم في كل مرة للتنقل إلى مقار الجرائد أملا في افتكاك حقوقهم، قبل أن يستسلموا و يخضعوا للأمر الواقع أمام غياب مؤسسة إعلامية بديلة تحفظ له كرامته. ياسمين بوالجدري من مثقف فاعل إلى موظف منهك الصحفي الجزائري.. قصة بريق كاذب لا تزال الوضعية الاجتماعية للصحفي الجزائري تطغى على باقي الجوانب في مهنة المتاعب بالجزائر بعد أن أصبح الصحفيون الحلقة الأضعف في السلم الاجتماعي بسبب حالة اللاإستقرار الناجمة عن غموض في أساليب التوظيف وفراغ قانوني خلق فجوة بين القطاعين العام والخاص. رغم توسع دائرة ممارسي المهنة في الجزائر خلال العشر سنوات الأخيرة إلا أن هناك ما يشبه الإجماع على أن الصحفي تراجع مهنيا و اجتماعيا في حين كان يفترض أن تكون المرحلة الحالية مرحلة استقرار بعد نضوج تجربة التعدد الإعلامي. صحفي اليوم أمامه فرص أكبر للعمل لكنه يجد صعوبات في التوفيق بين متطلبات مهنة تستنزفه كإنسان وبين حياة لها متطلبات وصورة اجتماعية يجب أن يظهر عليها كفاعل في الحياة، بريستيج المهنة يخفي وراءه صورة قاتمة لذلك الصحفي المنهك المستنزف الطاقات، الصحفي الذي نراه في الواجهة يحرج و يسائل أصحاب القرار أو يساهم في التغيير هو إنسان يتدبر قوت يومه بصعوبة وينتظر كغيره من المواطنين دوره في الحصول على سكن وفي منحة يؤمن بها لعبة لابنه أو بدلة مناسبة تساعده على حفظ المظهر اللائق وعلى صون مكانته في المجتمع الذي يراه مفتاحا لمشاكله ويطالبه بالوساطة في قضاياه. تزايد عدد المؤسسات و ارتفع عدد الصحفيين لأكثر من أربعة آلاف صحفي لكن لا أحد يعرف من من الصحفيين يتلقون راتبا محترما، وأين تبدأ حدود الرواتب وأين تنتهي، حالة من التكتم تسود هذا الجانب في القطاع الخاص الذي يشكل 90 بالمائة من المشهد الإعلامي بالجزائر، وإن كانت هناك مؤسسات تحترم الحد الأدنى للأجور وتتعداه إلا أن أغلب المؤسسات تتعامل مع الرواتب بشكل غير مفهوم ويجهله حتى من يشتغلون بها، وهو ما يفسر عدم وجود أرقام عن عدد الممارسين للمهنة ولا حتى لدى وزارتي الإعلام والعمل، وحتى الجرائد ترفض تقديم أرقام صريحة عن عدد الصحفيين لأن نسبة معتبرة منهم غير مؤمنين، وقد سبق لوزارة العمل وأن صرحت أن عدد الصحفيين غير المصرح بهم يمثل ما لا يقل عن 30 بالمائة من الصحفيين بالجزائر، و قد فشلت كل محاولات حصر العدد الفعلي للممارسين خوفا من كشف المستور، لكن تبقى فئة المراسلين الأكثر تضررا بعد أن تم توظيف جيش من الصحفيين في الولايات دون عقود عمل ولا حتى مقابل مادي تحت حجة منح فرص للشباب وبتزايد الجرائد المحلية ازدادت دائرة الذين تم استقطابهم. الوضع الاجتماعي الصعب لفئة معتبرة من الصحفيين خلف حالة من اللاإستقرار المهني وجعل الصحفيين يتنقلون من مؤسسة إلى أخرى بحثا عن العرض الأحسن، وقد يعمل الصحفي الواحد في ثلاثة عناوين وأكثر في نفس الوقت أملا في استجماع حد أدنى يوفر له حق التنقلات وثمن شريحة هاتف وربما يساعده على شراء كومبيوتر محمول يغنيه عن إرسال مادته من مقهى إنترنت، والنتيجة هنا لا تنعكس على الصحفي فقط بل على أدائه لأن التعامل مع أكثر من جريدة يجعله يلجأ إلى العمل السهل ويقدم مادة إعلامية غير مدققة، سيما وأن الجرائد لا تمنح المراسل أو الصحفي ادني حد من الشروط وفي حالات كثيرة لا يجد مكتبا أو جهاز كومبيوتر لتحرير مادته. الصحفي الذي يعد حلقة مهمة في العملية الإعلامية لم يعد ذلك المثقف المرتاح الموقر المنشغل بمهنته فقد أصبح يوبخ ويعنف وفي حالات معينة يستخدم لأنه لا يملك الأدوات التي تجعل الآخرين ينظرون إليه على أنه صحفي فاعل، كون الحماية القانونية من المؤسسة غير متوفرة لأن علاقته المهنية غير مؤسسة بعقد عمل بل بقرار لفظي يصبح لاغيا لأبسط سبب، إلى درجة أن الهواجس الحياتية طغت على النقاش في الوسط الإعلامي على حساب المهنة، و انصهرت الأخلاق المهنية في سياق تسوده الفوضى والعشوائية والعلاقات المبهمة بين المالك والصحفي، كما أن غياب ضوابط للاستثمار في الإعلام أفرز لنا مؤسسات لا تمت للإعلام بصلة تعتمد على ملء المساحات الورقية و إستخدام الغاية الإعلامية كغطاء لغايات تجارية إشهارية تجعل الجرائد تطبع ولا تسوق أو تباع في شكل مرتجعات وهو أمر اعترف به الوزراء المتعاقبون على القطاع والمهنيون أنفسهم. قانونيا الجزائر تتوفر على مرجعيات تضع مقاييس وشروط للمؤسسة الإعلامية كقانون الإعلام وقانون العمل والقانون الأساسي لكن تلك المقاييس غير موجودة ميدانيا إلا في حالات محدودة، كشرط تثبيت نسبة من طاقم التحرير وإلزامية أن يكون المالك صحفيا ممارسا لعشرية كاملة وكذلك تطبيق الحد الوطني الأدنى للأجور، فالصحفيون اليوم ورغم أن القانون يمنع ذلك يظلون تحت التمرين لسنوات ويعملون دون عقد أو بأمر بمهمة ويوهمون أنهم مؤمنون، إلى أن يقع لهم حادث أو وعكة صحية تجعلهم يتفطنون إلى كونهم ضحية رب عمل يتعامل مع الصحفي على أنه عامل موسمي يستخدمه لفترة ثم يتخلص منه ويعوضهم بآخر، وهنا يطرح المختصون إشكالية التكوين ففتح معاهد كثيرة للإعلام بدل مدرسة وطنية مثلما كان الأمر في التسعينات جعل قوافل المتخرجين ضحية ناشرين وأصحاب قنوات تلفزيونية تستغل شغف المتخرج أو حبه لبريستيج المهنة. القانون الأساسي للصحفي قانون الإعلام، قانون السمعي البصري كلها خطوات تعد نظريا تأسيسا لإعلام يحكمه القانون لكن عدم التطبيق وغياب رقابة على التوظيف جعلا الإعلام غارقا في العشوائية ما شجع غير المهنيين على دخول المجال وتشويه صورة الإعلام الجزائري الذي كان سباقا للتفتح وصنع مجد قنوات فضائية عربية بصحفيين لامعين تكونوا في الجامعة الجزائرية و تلقوا أساسيات المهنة في الجزائر قبل أن تتراجع المهنية على يد فئة لا تهتم بالتكوين ولا المستوى ، فأصبح لدينا إعلاما يستخدم لغة الشارع ويعتمد على الإشاعة، ينافس إعلاما مهنيا على سوق الإشهار ويفتك منه القارئ بطرق لا علاقة لها بقواعد المهنية وفنياتها. وفي المقابل نجد قطاعا عاما تحكمه القوانين وحظي صحفيوه برواتب تصون الكرامة لكنه يظل في نظر المتلقي إعلاما نمطيا غير متجدد بسبب ذهنية القطاع العام ليتحول الاستقرار إلى نقمة جمدت نسبة كبيرة من صحفيي هذا القطاع وجعلتهم يكتفون بصفة موظف في مهنة مبنية على المتاعب وتعتمد على الشغف و الاجتهاد، ولا تزال المؤسسات الإعلامية إلى اليوم تخضع للتسيير الكلاسيكي الذي لا يواكب التطورات الحاصلة في الإعلام العمومي في العالم الذي يعد في دول متطورة مرجعية في المهنية و النجاعة. لكن هذا الواقع لا يلغي حقيقة وجود حراك في القطاع العمومي بالجزائر وظهور جيل يطالب ويعمل على كسر تلك الصورة النمطية. نرجس كرميش غالبيتهم يفصلون بين دراسة الصحافة و احتمال ممارسة المهنة طلبة الإعلام لا يقرأون الصحف..لا يتحكمون في اللغة و لا يواكبون الحدث يتميزون بكونهم من بين نخبة خريجي الجامعة الجزائرية ، نظرا لتحكمهم في اللغة وفي الحركية الثقافية و الفكرية و حتى السياسية داخل الجامعة ،فضلا عن كون أغلبيتهم طلبة ممارسون للمهنة حتى قبل التخرج ،هذه هي الصورة النمطية التي ارتبطت بطلبة الإعلام و الإتصال أو صحفيي الغد، لكن الواقع اليوم يقدم صورة مغايرة تماما لطلبة صحافة لا يطالعون الجرائد و لا يرون في دراسة الإعلام أكثر من مقاييس يعجزون عن التحكم فيها كما يعجزون عن التحكم في اللغة. من بين 1600 طالب ليسانس، ماستر و دكتوراه، بكلية الإعلام و الإتصال بجامعة قسنطينة، فئة قليلة فقط هي تلك التي تملك التميز و تعمل فعليا على إعداد نفسها لتدخل عالم الصحافة المكتوبة و الإعلام السمعي البصري، واقع وقفنا عليه خلال احتكاكنا بعدد من الطلبة الذين اتفقوا في مجملهم على أن الإعلام هو موهبة و استعداد شخصي قبل كل شىء. وجدناهم منتشرين بين أروقة المعهد يتمركزون حول محيطه الخارجي و يفضلون السلالم و المدرجات الفارغة للتجمع،غالبية نقاشاتهم تمحورت حول تفاصيل حياتهم اليومية، آخر صيحات الموضة، اخبار الفن و برمجة المحاضرات و الدروس التطبيقية، لكن ما شد انتباهنا عند التواصل معهم هو صورتهم كطلبة إعلام و هنا الحديث عن هيئة الطالب التي تفتقر تماما للجانب العملي و تعكس غياب الإستعداد و الجدية. و الملاحظ هو وجود تفاوت كبير بين طلبة الإعلام قبل خمس سنوات و طلبة الإعلام اليوم، إذ يبرز بوضوح تفاوت في المستوى سواء ما تعلق بالتحكم باللغة العربية و اللغات الأجنبية، أو من ناحية الإلمام بمعطيات الواقع و مواكبة الأحداث و المتغيرات التي تشهدها الساحة الوطنية والإقليمية والعالمية. أزيد من نصف طلبة الإعلام بجامعة قسنطينة لا يطالعون الصحف اليومية، ما عدا نسبة قليلة من الذكور تهتم بالجرائد الرياضية من باب الترفيه و قتل الوقت. أما باقي الطلبة و بالأخص الطالبات فيعتبرن دراسة الإعلام بريستيجا و تميزا أكثر منه توجه للممارسة المهنة فعليا بعد التخرج، و هو نموذج موحد بين طلبة الصحافة المكتوبة، السمعي البصري و العلاقات العامة. معظم الطلبة الذين قابلناهم، اختلفوا حول خلفية اختيارهم لدراسة الإعلام فمنهم من أكد بأنه توجه إليه لتأثره ببعض الوجوه الإعلامية البارزة، خصوصا الأسماء الجزائرية التي لمعت في الخارج، فيما أشار آخرون إلى أن الصحافة كمهنة لها مغريات كثيرة، ناهيك عن أن الإعلام و الإتصال من بين أهم الشعب و أكثرها طلبا. بالمقابل يتفقون على أن اختيارهم للإعلام لا يعني بالضرورة بأنهم سيتخصصون فيه كمجال مهني مستقبلا، لأن واقع التشغيل في الجزائر لا يشجع كثيرا، وهنا نقطة تستدعي التوقف لكون جل طلبة السنة الأولى يجهلون أساسا وجود شرط التربص، أما طلبة التخرج فيؤكدون أن اختيارهم للعناوين المقترحة من قبل الإدارة سينحصر أساسا بين الصحف الناطقة بالعربية بسبب ضعف مستوى لغتهم الثانية. بعض طلبة الماستر أوضحوا بأن اهتمامهم بممارسة الإعلام المكتوب و السمعي البصري توقف، حيث بات هناك ميل أكثر لمواصلة التدرج و التكوين بهدف إفتكاك مناصب أكاديمية. بالنسة لطلبة السنة الأولى فإن المشكل يكمن أساسا في النظام البيداغوجي الذي يفرض التمدرس لمدة سنة كاملة في إطار الجذع المشترك للعلوم الإنسانية، قبل اختيار التخصص في الإعلام و الاتصال الذي يظل مشروطا بتحصيل معدل نجاح يعادل 12/20، ما يقلل من فرصهم في الالتحاق بالتخصص ، ما يجعل الإعلام مجرد صورة ترتبط لديهم بأسماء صحفية حلموا يوما بتقليدها. ولا يختلف اقع التكوين الذاتي و العمل على تعزيز المعارف و القدرات و تطوير الذات كثيرا، فأقلية قليلة فقط من الطلبة تتمتع بحس المبادرة و تحاول صقل الموهبة الصحفية من خلال التكوين خارج المعهد. نور الهدى طابي عميد كلية الإعلام بجامعة قسنطينة إدريس بولكعيبات طلبة الإعلام اليوم ليسوا بالضرورة صحفيي الغد يقر عميد كلية الإعلام و الاتصال بجامعة قسنطينة إدريس بولكعيبات، بوجود فرق حقيقي بين واقع طلبة المعهد سابقا و حاليا، فضلا عن وجود تفاوت كبير في المستوى سواء ما تعلق بتميز الطلبة من حيث امتلاك الموهبة أو تحكمهم في اللغة و بالأخص العربية، فرغم أن نسبة النجاح السنوية لا تقل عن 90 بالمائة، إلا أن مشكل النوعية يظل مطروحا. و يؤكد العميد بان الكلية تعد من بين الأكثر طلبا على المستوى الوطني، حيث تشهد ضغط غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة بمعدل 600طالب سنة أولى، و أزيد من 1000 خريج كل عام، غير أن ذلك لا يعني بالضرورة بأن طلبة اليوم هم صحفيو و إعلاميو الغد. و يوضح بأن الأمر يتوقف على توفر الموهبة و الاستعداد و الرغبة في الممارسة الفعلية للمهنة، خصوصا في ظل بروز توجه كبير نحو التخصص في الوظيفة الأكاديمية و مواصلة الدراسات العليا، إذ ا ما علمنا إن المعهد يسجل سنويا100طالب دكتوراه في النظامين القديم و الجديد. أما بخصوص نوعية الطلبة و نظرتهم لتخصص الإعلام عموما، فيقول بأنها اختلفت كثيرا، نظرا لمجموعة من العوامل الاجتماعية التي ساهمت في تدني مستوى اللغة و الفكر لدى الطالب و افتقاره للجهوزية التي كانت موجودة سابقا، وذلك ناتج، كما قال، عن انهيار المنظومة التعليمية القاعدية، فقليل فقط من حملة البكالوريا يتمتعون بالمستوى النوعي المطلوب. هذا زيادة على أننا نعيش زمن التكنولوجيا بسلبياتها و إيجابيتها، لأن التطور خلق جيل جديد من طلبة الإعلام يهتمون بالوسيلة أكثر من اللغة، كما أن معطيات أخرى على غرار واقع التشغيل في الجزائر، باتت تفرض نموذجا موحدا من الطلبة في شتى التخصصات. و يضيف بأن هذا التحول خلق جيلا من الطلبة لا يقرأ، يملك لغة غير سليمة و يعجز عن التحكم في باقي اللغات، لذا فأن الحديث عن الطالب الصحفي يتطلب إعادة نظر، بالرغم من أن الواقع لا ينفي وجود طلبة متميزين من شأنهم الإلتحاق بمجموع الصحفيين الذي تخرجوا يوما من جامعة قسنطينة. نور الهدى طابي ناشرون في المدن الداخلية يتحدثون للنصر إصدار يومية خارج العاصمة مغامرة صعبة في اليوم الوطني للصحافة اختارت النصر أن تقترب من ناشرين فضلوا إصدار يومياتهم خارج العاصمة في مدن داخلية لا تعرف بعضها تقاليد صحفية، و سألتهم عن ظروف عملهم، و المشاكل التي تعترضهم و هل تم حقيقة التأسيس لصحافة محلية؟الناشرون الأربعة الذين اختارت النصر محاورتهم، زملاء لنا أصدروا يومياتهم باللغتين العربية و الفرنسية في قسنطينة و عنابة و في وادي سوف المدينة الصحراوية، منهم من بدأ خطواته الأولى في عالم النشر لم يكمل سنته الأولى مثل " لوكوتديان دو كونستانتين" و منهم من يدخل عامه الثاني بعد أيام كيومية " لوبروفانسيال" في عنابة و منهم من تحول من أسبوعية إلى يومية كالجديد اليومي في وادي سوف، و ارتأت النصر أيضا أن تقدم تجربة صحيفة عمرها 14 سنة تصدر من عنابة هي " آخرساعة" . سمير بوزيدي " لوكوتيديان دو كونستانتين" (قسنطينة) ظُلمتُ كصحفي فلن أكون ظالما كناشر في رأي سمير بوزيدي صاحب يومية " لوكوتيديان دو كونستانتين" كانت عملية إصدار جريدة يومية خارج العاصمة تجربة جديدة أولى بالنسبة له، أراد من خلالها أن يضع واحدا من مراجع الصحافة المحلية في مدينة قسنطينة التي تمتلك تقاليد صحفية عريقة و تجارب ناجحة في السابق، و طريقته في ذلك حسب ما صرح لنا تقديم صورة عن كل ما يحيط بقسنطينة و ضواحيها من أخبار، و مع ذلك فالجريدة تطمح أن يكون لها صدى وطني. عن الصعوبات قال بوزيدي أن البداية لم تكن سهلة، و قد بدأت " لوكوتيديان دوكونستانتين" يوم 7 نوفمبر 2013 في الصدور معتمدة على التمويل الخاص، و خاضت قبل صدورها معارك و قاومت صعوبات اعترضت طريقها و لا تزال، لكن برأي مديرها صارت تلك العراقيل طبيعية، و هي من جهات مختلفة إدارية و من المحيط، و يتفهم سمير بوزيدي الأمر قائلا أنك عندما تبدأ العمل في مجال الإعلام معتمدا على نفسك و مستندا إلى مهنيتك فمن الطبيعي أن تواجه ضغوطا من المحيط. صعوبة أخرى واجهت الجريدة تتعلق بالتأطير وقال مسؤولها الأول أنه من النادر أن تجد صحفيا محترفا يستطيع من اليوم الأول أن يكون عمليا في الميدان، و لتجاوز ذلك قال أن السياسة التي انتهجتها الجريدة تقوم على إعطاء الفرصة للشباب و منح المبادرة للطاقات الجديدة و مساعدتها على البروز و العمل، و اعتبر بوزيدي أنه حقق ذلك، في مشواره المهني كصحفي فقد أطلق حين عمل بيومية " لوجان أنديباندان" العديد من الأقلام الصحفية التي صارت معروفة في قسنطينة و لها مكانتها، و هو الأسلوب الذي ينوي مواصلته في جريدته الجديدة. و لا يزال المسار بالنسبة لهذه اليومية الشابة طويلا لتحقيق ما يصبو إليه صاحبها خاصة و أن " الميدان متشبع بالجرائد و لكي تنال مكانتك في مشهد إعلامي مكتظ عليك بالصبر و الإيمان بقوة بما تفعل و ما تقوم به من عمل" . و تطمح الجريدة أن تكون " يومية محترمة في قسنطينة تعطي المدينة الثمينة مكانتها المتميزة" . و عن الصحة الاقتصادية للمؤسسة قال بوزيدي أنه تم مؤخرا فقط إبرام اتفاقية مع الوكالة الوطنية للنشر والإشهار، و بفضل تلك " الاتفاقية تستطيع الجريدة أن تضمن مداخيل مالية توفر تكاليف الطبع و أجور الصحفيين و الأعباء الأخرى" و اعترف أن ذلك سمح بإيجاد درجة معينة من التوازن، مؤكدا أن كل العمال مصرح بهم لدى صندوق الضمان الاجتماعي و يتلقون رواتب منتظمة و حتى حين توقفت الجريدة عن الصدور لفترة قصيرة في السابق تواصل دفع أجور العمال. و شدد المتحدث قائلا أنه عاش خلال تجربته المهنية حالات من الظلم و نقص الحقوق و بالتالي فهو لن يسمح لنفسه بأن يكون مسؤولا عن تكرار تلك الوضعيات مع صحفيين آخرين. أحمد رزاق لبزة مدير الجديد اليومي (الوادي) تجربة الجريدة حرضتنا على إنشاء تلفزيون للجنوب خاض رزاق لبزة تجربة أولى بإصدار جريدة في الجنوب سنة 2008 حملت اسم " الجديد" صدرت كأسبوعية طيلة أربع سنوات و بعدها صارت يومية تحمل عنوان " الجديد اليومي" التي تصدر من الوادي منذ أول نوفمبر 2011، و هي تستعد للاحتفال بعيدها الرابع تزامنا مع العيد الستين للثورة التحريرية، في ظل متاعب أكبر للحصول على المعلومة انطلاقا من الجنوب، و قال مديرها أحمد رزاق لبزة للنصر أنه يريد تقديم عمل صحفي جاد لأبناء الجنوب، لكن خصوصية المنطقة و تباعد تجمعاتها السكنية بما يتراوح بين 700 و 800 كيلومتر عن بعضها جعل مهمة توزيع الجريدة في العديد من الولايات صعبا، و في أحيان كثيرة تصل الجريدة إلى تمنراست و أدرار و دوائر الولايتين بعد يوم من صدورها في وادي سوف، و بصعوبات كبيرة يتم التعامل مع تلك الوضعية، لكن قناعة مسؤول الجديد اليومي أن العمل الجواري و الصحافة المحلية هي الأساس جعلته يتعامل مع معطيات البيئة التي يعمل بها بالطريقة المناسبة، و الأهم من ذلك أنه يفكر في إنشاء قناة تلفزيونية تكون الأولى من وادي سوف كما كانت جريدة الجديد و قال أنه بصدد التفاوض مع عدد من الممولين على رأسهم رجل الأعمال المشهور جيلالي مهري، الذي ينتظر منه ردا إيجابيا على المشروع في الأيام المقبلة. لعلمه أن تأطير جريدة ليس مهمة يسيرة قام رزاق لبزة قبل 10 أيام من إصدار الجديد اليومي بتنظيم ورشة تربص و تدريب للصحافيين و التقنيين أشرف عليها أساتذة من المنطقة، معتمدين تجربة الجديد الأسبوعي، ورغم أن كل الطاقم كان من خريجي قسم الإعلام بالجامعات الجزائرية. و لكن لم يكن سهلا الإعتماد عليهم فنتاج الجريدة دون مساعدة من ذوي الخبرة، و بمرور الوقت تمرس شبان الوادي الذي درسوا في كليات علوم الإعلام و خاصة أنهم لا يجدون مكانا آخر غير الجديد اليومي للعمل. عن مسألة الإشهار قال مدير الجديد اليومي أنه يواجه حالات غير مفهومة في وادي سوف حيث لا تتردد بعض المؤسسات و الشركات الخاصة في عرض مساعدتها المالية على الجريدة لكنها ترفض أن يكون ذلك على شكل إشهار و ترويج لمنتجاتها على صفحاتها، و قال رزاق لبزة أنه حاول مرارا أن يقنع هؤلاء أن تكاليف الإشهار يمكن أن تعتبر أعباء في دفاتر حسابات تلك المؤسسات لكن ربما لخوف البعض من متابعة جهاز الضرائب لهم يجعلهم حسب المتحدث يحجمون عن الإشهار على صفحات جريدته، و قال أن 90 بالمئة من الإشهار الذي يحصل عليه مصدره مؤسسة " أناب" العمومية و قد مرت الجريدة بفترات مالية صعبة، بسبب نقص مصادر التمويل، متمنيا أن يكون اليوم الوطني للصحافة الذي اقره رئيس الجمهورية فرصة سنوية لمراجعة واقع الصحافة و النظر في مشاكلها و العمل على تحسين علاقات مختلف المتعاملين في الميدان الإعلامي. شوقي مشاكرة " لوبروفانسيال" (عنابة) لم تنبت أسنان جريدتي بعدُ لكن وجهها مليء بالتجاعيد جريدة " لوبروفانسيال" الصادرة بمدينة عنابة أخذت اسمها من مكان صدورها خارج العاصمة و كل ما هو خارج العاصمة يطلق عليه بالفرنسية لفظ " بروفنسيال" أي الآتي من تلك المناطق غير العاصمية، و قال مديرها شوقي مشاكرة واصفا حالة الجريدة التي تحتفل بعيدها الثاني هذا الأسبوع " جريدتي لم تنبت أسنانها بعد لكن وجهها مليء بالتجاعيد" مختصرا ظروف و متاعب إصدار صحيفة في مدينة داخلية. في خلال سنتين تحسن الوضع نسبيا وفق مسؤول " لوبروفنسيال" التي وجدت مكانها بين كم كبير من الصحف تعددت مواضيعها و خطوطها الافتتاحية. لشوقي رأي في المشهد الإعلامي المنقسم بين البحث عن المصداقية و الغايات التجارية التي تحرك عددا من الناشرين، قائلا أنه " لو كان 5 صحفيين في قاعة التحرير لديهم اتجاه سياسي معين لقضوا على مصداقية جريدة تخاطب جمهورا واسعا و تريده عريضا" ، و أوضح في دردشة مع النصر أنه إذا كان البعض يقول يجب أن تعرف جيدا ما تريد لنجاح مشروع إعلامي فإنه كناشر يعرف جيدا مالا يريد، معتبرا التحزب و التخندق الضيق في صحيفة و لو كانت محلية أو جهوية صادرة خارج العاصمة فعلا انتحاريا. تعتمد " لوبروفنسيال" وفق مديرها على مبدأ عدم التصرف في الدنانير العشرة للقارىء الذي يشتريها، و تفضل بدل ذلك أن تقدم له الأخبار كمادة خام، تاركة له حق التفسير و التأويل و الاستنتاج، و تعطي للرأي ووجهات النظر حيزا خاصا لا يلزمها، و تشير لذلك بوضوح على صفحاتها، و قد تفاعلت الجريدة مع محيطها بالتركيز على الأخبار المحلية و قامت بتأطير من قدامى الصحفيين في عنابة من وكالة الأنباء الجزائرية بتدريب 6 صحفيين مكلفين بتغطية الأخبار المحلية في عنابة و محيطها القريب، و تعتمد في تأطير بقية صفحاتها على متعاونين و متعاطفين من إعلاميين محترفين من شتى أنحاء الوطن قال المسؤول مشاكرة أنه " لا يعرف بعضهم، لكنهم اتصلوا بالجريدة ووجدوا فيها فضاء للتعبير و قدموا مساهماتهم بعضها مجانية و منهم كثيرون من منطقة القبائل لم توفر لهم الصحف الكثيرة الصادرة بالعاصمة مكانا للتعبير عن رأيهم" . كما خصصت " لوبروفنسيال" صفحة كاملة يوميا لتناول الأخبار و الأحداث الجارية في تونس المجاورة من منطلق أهميتها للجزائريين على الشريط الحدودي و للأشقاء التونسيين من الإعلاميين الذين يساهمون بدورهم في تقديم مادة خبرية عما يجري في بلادهم لجيرانهم الجزائريين. وأفصح مسؤول الجريدة أنه لا يريد صنع جريدة سياسية بل يريد يومية مجتمعية تتفاعل مع نبض الشارع و فئات المجتمع، لتنقل و ترصد تطور المجتمع أولا و في مرتبة ثانية تأتي السياسة، و قال أنه يرفض أن يبيع الجريدة بصفحات و أخبار الدم رغم أن الساحة المحلية مليئة بتلك الأخبار و بعض الجرائد تتخذ من الجريمة قاعدة تجارية لدغدغة المشاعر و الأحاسيس. وعن المداخيل الاشهارية للجريدة قال مشاكرة أن لا لمشاكل لمؤسسته مع الوكالة الوطنية للنشر و الإشهار لكنه دعا إلى تحرير تسعيرة الإشهار في الصحف الصغيرة قائلا أن الوكالة التي تأخذ 30 بالمئة من مداخيل الإشهار في جريدته، تطلب منه أن لا يتجاوز سعر الصفحة الواحدة 40 ألف دج. و بلهجة حادة تساءل عن مصير أموال صندوق دعم الصحافة و لماذا لم تستفد منه جرائد ناشئة، و طلب مشاكرة من الوزير حميد قرين و لو كان قد تولى المنصب منذ فترة قريبة معرفة مصير أموال ذلك الصندوق، و من قام بالتصرف فيها. يؤكد شوقي أن كل العمال لديه مصرح بهم و يتقاضون أجورهم بانتظام و قال أنه نادم لكونه فقد صفة الأجير، فهو يضطر أحيانا لدفع رواتب العمال و الصحفيين و يتخلى عن راتبه كمدير للجريدة، بسبب أنه لا يقبل أن يبقى عامل لديه محروما من خبز أولاده، مهما كان المبرر. و قال أن فقدان صحفيين أكفاء في عنابة يجعل من إصدار الجريدة عملا شاقا و مرهقا بصورة يومية، ملخصا الوضع بأن الصحافة الناطقة بالفرنسية في طريق الانقراض، خصوصا و أن الجيل الجديد يقرأ باللغتين العربية و الفرنسية. سعيد بلحجوجة (آخر ساعة) تجربتنا ناجحة رغم أن المسؤولين المحليين لا يحبون وجود جرائد بجوارهم قدم سعيد بلحجوجة مدير يومية آخر ساعة التي تصدر بعنابة منذ 14 سنة خلاصة تجربة أطول في مجال الصحافة المحلية خارج العاصمة قائلا أن المحيط معاد لهذا النوع الإعلامي، و قال أن المسؤولين في مختلف مراتبهم لا يتقبلون وجود الجرائد بالقرب منهم، و قد تم التغلب على ذلك بإصرار مسؤولي الجريدة و شطارة الصحفيين أنفسهم الذين يؤمنون بما يفعلون و يصرون على أخذ مكانهم. و قال أن الصحف الصادرة خارج العاصمة تحصل فقط ما فاض عن إشهار الجرائد العاصمية. و قال بلحجوجة أنه من باب الصراحة يفضل أن يترك المعلنون أحرارا في اختيار الوسيلة الإعلامية التي يريدون نشر إشهارهم عبرها. و ردا على سؤال إن كانت " آخر ساعة" تعرف صعوبات مالية و هل تفكر في مشاريع أخرى قال أنه طيلة 15 سنة استثمر في البشر و ليس لديه أفكار للاستثمار في مجالات أخرى أو فروع أخرى من الإعلام، و أوضح أن آخر ساعة ليست شركة تحقق الأرباح و كل استثماراتها موجهة لتكوين طاقمها الصحفي و هي تعمل من اجل ضمان توفير أجرة شهرية منتظمة لكل عمالها، و هي بالكاد تحقق هذه الغاية. بلحجوجة من خلال حديثه للنصر بدا راضيا عن مسار جريدته بشكل عام قائلا أن 14 عاما الماضية من مسيرتها الصحفية تشهد على نجاحها و هي تعتمد على حوالي 60 صحفيا منهم 20 صحفيا في مقر تحريرها المركزي بعنابة و البقية مراسلون موظفون بشكل رسمي في 17 ولاية بالشرق الجزائري، يؤطرهم مدير و رئيس تحرير، شابان بدآ العمل لأول مرة في الجريدة، التي يقدم مادتها الخبرية من العاصمة صحفيان فقط. حاورهم عمر شابي الأمين العام للنقابة الوطنية للصحفيين كمال عمارني للنصر الصحفي الجزائري غير موجود في نظر القانون يستغرب الأمين العام للنقابة الوطنية للصحفيين الضجة المثارة حول البطاقة المهنية ودعوات المقاطعة ويؤكد بأن الصحفي الجزائري غير موجود قانونيا ولا بد من الانخراط في مسعى التقنين، كما كشف أن هناك ثلاثة مستويات من الأجور حاليا وأن المستوى الأسوأ يتعلق بجرائد صغيرة تشغل صحفيين دون عقود وتمارس عليها تجاوزات خطيرة، معتبرا التوظيف بواسطة عقود «لانام» أمرا خطيرا، و اعترف عمارني أن الصحفي الجزائري يتقاضى الأجور الأدنى في المنطقة مقارنة بدول الجوار. المسؤول الأول بالنقابة يرى أن عدد الصحفيين ببلادنا غير معروف وأن عدد الجرائد غير منطقي مشيرا بأن هناك ما لا يقل عن 70 قضية تعسف في حق صحفيين في العدالة وأن حالات تحرش وإعتداء وضغوطات يقع تحت تأثيرها صحفيون يعملون لدى القطاع الخاص. كيف تقيم النقابة الوطنية للصحفيين وضعية الصحفي الجزائري إجتماعيا ومهنيا؟ عكس السنوات الثلاث الماضية لا يمكن أن نقول أن وضعية الصحفيين كارثية لأنه وبعد الاتفاق الجماعي المبرم مع وزارة الاتصال سنة 2012، والذي شاركت النقابة الوطنية للصحفيين فيه بدور فاعل، وكانت من المبادرين لدى الوزير السابق لإعداد شبكة الأجور الجديدة، أصبحت لدينا مستويات من الصحفيين ، المستوى الأول، هو الصحافة العمومية التي حققت قفزة نوعية في مجال الأجور قياسا بما كان، المستوى الثاني يشمل جزء من الصحافة الخاصة ويخص بعض الجرائد القديمة التي حققت بعض المطالب الاجتماعية المتواضعة، أما المستوى الثالث فأراه كارثيا ومؤسفا ومخجلا، ويخص عدد كبير من الصحف الصغيرة التي لا تطبق حتى الحد الوطني الأدنى للأجور ولا تدفع رواتب الأغلبية من الصحفيين الذين يشكل المتخرجون الجدد نسبة كبيرة منهم، حيث أنها تشغلهم دون أن تصرح بهم لدى صندوق الضمان الاجتماعي، إضافة إلى ممارسات أخرى غير قانونية كالضغوطات والتحرشات. ما السبب في ظهور المستوى الثالث من الجرائد الصغيرة؟ منذ البداية طالبنا بأن يطبق القانون و قلنا كنقابة أنه لا يمكن لأي كان أن ينشئ جريدة، لكن الحاصل هو أن الإعتمادات ظلت تمنح بالمحاباة والعلاقات الخاصة لا بناء على شروط معينة تضمن السير العادي للمؤسسة وحق الصحفيين في كنفها. من لا يحصل على البطاقة يقصى من المهنة هناك وضعية أخرى أكثر سوءا و هي التوظيف عن طريق عقود الإدماج المعروفة ب»لانام» وهي وكالة عمومية يفترض أن تهتم بالبطالين لكنها أصبحت تمنح رواتب للقطاع الخاص، هذه الفئة من الجرائد تدفع لها الدولة أجور صحفييها وهو أمر غير مقبول إطلاقا. لكن كيف وصل الأمر إلى هذا الحد ولم يتم التحرك عند بداية الظاهرة؟ النقابة الوحيدة التي طرحت هذه القضايا على أكثر من وزير و قد عملنا على حلها بوضع إطار قانوني ،عن طريق إعداد القانون الخاص للصحفي سنة 2007 ، لكن للأسف في تلك الفترة لم نجد أي تفهم من الزملاء الذين اعتبروا الخطوة مبادرة ديماغوجية، ولو تم الاحتكام إلى هذا القانون وتطبيق قانون الإعلام وتنفيذ قرارات العدالة بشأن قضايا حركتها النقابة لما وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم. ماذا تقصد بالأحكام القضائية ومن حركها؟ النقابة عينت محام للدفاع عن الصحفيين المسلط عليهم الظلم مجانا وقد صدرت أحكام بإعادة الإدماج والتعويض لصالح صحفيين لكنها ظلت عالقة لأنها لم تنفذ. لدينا ما بين 60 إلى 70 قضية جارية تتعلق بتجاوزات في حق صحفيين كالطرد التعسفي، التحرش، الاعتداءات، التصريح الكاذب وغيرها وتصلنا يوميا شكاوى عديدة حول حالات مخجلة و خروقات كبيرة. أثار الإعلان عن تشكيل لجنة وطنية للبطاقة المهنية ضجة ودعوات للمقاطعة في أوساط الصحفيين قد تفشل العملية بالنسبة للبطاقة المهنية كان مطلبا نقابيا من خلال تصريحات وبيانات وعيا منا بأنه لا يمكن القيام بأية مبادرة دون التعرف على من هو الصحفي ومن يجب أن تنزع عنه الصفة، وقد بدأنا أولى الخطوات والمساعي في عهد الوزير السابق الهاشمي جيار سنة 2006، في تلك الفترة وبعد أن تم إصدار القانون الخاص بالصحفي، طرحنا مسألة إصدار بطاقة وطنية ، وقد تعثر الأمر وفي عهد الوزير الحالي جددنا المطلب وتم ولوج الخطوة دون تردد. هناك ثلاثة مستويات من الأجور وبالنسبة للذين يعارضون إنشاء بطاقة وطنية للصحفي لا أفهم موقفهم بل أراه موقفا غريبا، ففي كل دول العالم توجد بطاقة مهنية وطنية. لكن مشروع البطاقة لا ينجح إن لم ينخرط فيه الصحفيون يفترض أن الصحفي شخص راشد ويعرف حقوقه ويقرر من نفسه إيداع ملف لاستصدار بطاقة الهوية المهنية، قانونيا لا وجود للصحفي الجزائري، المهنة تتطلب بطاقة هوية وقد تعمدنا طلب تعيين ممثل لوزارة العمل داخل اللجنة المشكلة لهذا الغرض حتى نتمكن من اتخاذ الإجراءات القانونية ضد الناشرين الذين لا يصرحون بالصحفي. الأغرب أن هناك من يبررون المقاطعة كون النقابة طرف فيها، و أنا أقول أن كل المبادرات التي تم تحركيها سابقا والجارية صدرت عن النقابة الوطنية للصحفيين وأننا نعمل في صمت دون تهريج أو إشهار. ما هو برنامج عمل النقابة لتطهير المهنة؟ وما هي الأولويات؟ أول خطوة يجب فعلها لتطهير المهنة وإعادة الاعتبار لها هي البطاقة المهنية، لذلك الأمر متوقف على مدى تجاوب الصحفيين مع العملية ومشاركتهم فيها، إلى غاية نهاية شهر سبتمبر تم إيداع 200 ملف، هذا لا يعني أن المقاطعين يمثلون نسبة أكبر لكن هناك عامل نقص المعلومات كون الكثيرين يجهلون طرق الإيداع ، البطاقة قاعدة تمكن من إرساء باقي الخطوات، كانتخاب هيئة الضبط، وتحدد من له الحق في الترشح و الانتخاب. وماذا في حال استمرار المقاطعة هل سيكون للبطاقة جدوى؟ من لا يحصل على البطاقة يقصى من ممارسة المهنة لان البطاقة الوطنية تعوض كل الوثائق المستخدمة حاليا ومن لا يحصل عليها لا يمكنه تغطية الأحداث لأنه غير موجود في نظر القانون، في فرنسا مثلا بطاقة الصحفي يوقعها وزير الداخلية، واللجنة التي تم تشكيلها تعمل وفق شروط قانونية، ومطلب إشراك وزارة العمل ضمنها يخلصنا من 80 بالمائة من المشاكل الاجتماعية. البطاقة تسهل كل الخطوات التي تليها بما فيها العمل النقابي. كون 99 بالمائة من مائات الشكاوى التي تصلنا تتعلق بانعدام عقود عمل، أو أية وثيقة تربط الصحفي بالمؤسسة الإعلامية. توظيف صحفيين بعقود "لانام" أمر غير مقبول الشبكة الجديدة للأجور حركت صحفيي القطاع الخاص لكنها لم تطبق حتى بالجرائد الكبرى، هل لديكم مساع في هذا الشأن؟ لا يمكن فرض الشبكة الجديدة للأجور إلا بتوسيع الاتفاق الجماعي إلى اتفاقية جماعية للقطاع ، لابد أن يجلس الناشرون والطرف الاجتماعي على طاولة واحدة ويعدون شبكة مرجعية للأجور تكون إلزامية. لماذا لا يجتمع الصحفيون حول نقابة واحدة بالجزائر؟ منذ 1962 لم نعرف تنظيما نقابيا كبيرا في الصحافة ، والنقابة الوطنية للصحفيين جاءت بمبادرة من مجموعة من الصحفيين ومشكلتها أنها لا تملك إمكانيات، تعد النقابة الوحيدة المعتمدة والتي لا تحصل على دعم في الجزائر ، وهو أمر يعيق النقابة، النقابة المغربية مثلا تحصل سنويا على 100 ألف يورو إضافة إلى مساعدات تحصل عليها من وزارات عديدة، فيما تفتقر نقابة الصحفيين في الجزائر إلا أبسط الإمكانيات. يقال أن الوضع الاجتماعي للصحفي يعد الأسوأ في المنطقة؟ صحفيون تعرضوا للتحرش و الإعتداء وآخرون يعملون دون عقود اجتماعيا الصحفي الجزائري هو الأدنى من ناحية الأجور مقارنة بدول مجاورة لأنه لا توجد تقاليد نقابية إضافة إلى تأثيرات العشرية السوداء والظهور العشوائي للجرائد الذي أراه تطورا «متوحشا» إضافة إلى ظهور القنوات الجديدة التي تعتبر في نظر القانون قنوات أجنبية. على ذكر الفوضى ألا ترى أن سيطرة المال على الإعلام أخرجه من إطاره الصحيح وهل قانون الإعلام يكفي للتخلص من الفوضى؟ حتى وإن طبقنا القانون توجد طرق كثيرة للمراوغة، علينا أن نعترف أنه لا يمكن الإفلات من المال في الصحافة لكن المطلوب هو تطبيق القانون وفقط ، لدينا جرائد محترمة يمولها رجال أعمال لكنها مؤسسات إعلامية وتصون حقوق الصحفي، المشكلة أن هناك جرائد تمول من أموال الإشهار العمومي وفي المقابل لا تقدم شيئا لصحفييها. يرى مختصون أن الجزائر بها عدد غير منطقي من الجرائد المشكلة أنه وإضافة إلى صعوبة إحصاء الصحفيين تبقى المعلومات الدقيقة بشأن الجرائد غير متوفرة، الجزائر بها 170 يومية وطنية أي أكثر مما هو موجود في فرنسا إضافة إلى جرائد جهوية ومتخصصة ومجلات ودوريات وغيرها، وهنا لابد من الإشارة أن بعض العناوين وجدت لأسباب سياسية ما يجعل السوق عندنا لا تخضع لمنطق القارئ هو السيد، وهو من يحدد البقاء من الزوال ويحدد إن كانت الجريدة كبرى أو غير مقروءة. عدد الجرائد غير معروف عدديا نجد أن المرأة حاضرة في الصحافة الجزائرية لكنها لم تنل حقها من مناصب القرار والمسؤولية ميدانيا عدد الصحفيات أكبر من الصحفيين، وهناك نساء وصلن إلى مناصب مهمة بدليل وجود امرأتين على رأس جريدتين عموميتين وأخريات لديهن مراتب مهمة ، إلا أن عدم تقلد المرأة للمناصب لا يعد خاصية جزائرية وإنما هي ظاهرة عالمية، لكن أؤكد أنه وخلال عشر سنوات ستنقلب الآية وتعوض المرأة الرجل في مناصب المسؤولية.