يبدو أن حلقات السّب لكل ما هو علاقة بالشعب الجزائري لن تتوقف، فهذا بن يونس بالأمس تجاوز حدود اللباقة وسب أباء من لا يحبه، وهاهو رجل آخر من طينته، إنه سيدي سعيد تجاوز كل الخطوط الحمراء، بسبّه عقيدة الجزائريين، وسط موجة من الضحك، وبحضور رسمي يتمثل في وزراء الجمهورية. من لا يعرف سيدي سعيد من الجيل الجديد، انه رجل جثم على رأس نقابة ما بقي من العمال، ردحا من الزمن، فهجر من هجر، وانتحر من انتحر، ومات من مات بالقنطة والأمراض النفسية، لأن سيدهم السعيد ضيع حقوقهم وأموالهم. من لا يعرف سيدي سعيد من الجيل الجديد، انه خليفة زعيم عبد الحق بن حمودة، الذي كان رجلا عصيا، حقوق العمال عنده خط أحمر، أما خليفته فخرج علينا ذات شتاء من العام المنقضي، مطالبا بطرد عماله وتعويضهم بآخرين، يوم أضرب الأساتذة مطالبين بحقوقهم المشروعة. من لا يعرف سيدي سعيد من الجيل الجديد، فهو لم يضرب يوما طيلة عقدين من الزمن، وكأن عماله يعيشون بسلام في رخاء وفي رغد من العيش، والكل يعلم كيف هو حال العمال في الجزائر، سيدي سعيد تسبب في موت نقابة كانت فخرا للجزائريين منذ عيسات ايدير إلى عبد الحق بن حمودة، كانت تسبب صداعا للحكومة لأن لم تتزحز قيد أنملة عن مسارها الذي رسمه الرعيل الأول، قبل أن تدخل الكهف لتلبث فيه سنين عددا، و تغط في نوم عميق، تتقلب ذات الشمال وذات اليمين. سيدي سعيد سكت دهرا، وعندما نطق، نطق كفرا، فبدل أن يدافع عن حقوق عماله الذين جلدتهم الزيادات، راح يسب دينهم وعقيدتهم، فكيف لرجل لم يعد يقوى على حمل جسمه، و أضحى لا يقاوم النعاس في الاجتماعات الرسمية، ولم تعد له القدرة على كبح جماح لسانه، أن يحمل أمانة العمال التي شيّبت عيسات ايدير وعبد الحق بن حمودة. سيدي سعيد ضيع حقوقنا وضيع أموالنا، منذ أن ترأس النقابة التي بناها عبد الحق بن حمودة "طوبة طوبة"، بسواعد رجاله الذين لم يتزحزحوا أمام العواصف، لكن بدل أن يعتذر عن كل هذا، راح يسبّ دين الجزائريين، يا ترى ما ذنب الوطن الحزين بفقد عظمائه الذين يرحلون يوما بعد يوم، أن يبتلى بهؤلاء الذين يسبون الآباء تارة والدّين تارة أخرى.