رسالة مفتوحة.. بقلم: قادة صافي الاختلاف ظاهرة صحية إذا تعلق الأمر بأمهات الأفكار وتحديدا لمّا يتعلق الأمر بالمفكرين أمثال مالك بني وعبد الحميد بن باديس، الطرح أو الفكرة التي أطلقها الأخ معمر بودالي فيما يتعلق بترميم بيتي مالك بن نبي وعبد الحميد بن باديس وما تبعها من نقاش حاد، أنّه لا حاجة لنا لترميم بيتيهما بقدر حاجتنا لأفكارهما، وضرورة تعليمها للأجيال القادمة، والتي نضمن من خلالها بعث الروح في المفكرين من جديد بدل ترميم جدران ستتأثر بمرور الوقت بالعوامل البشرية والطبيعية معا. الأمة التي تحتضر أفكار مفكريها بمجرد احتضارهم، والتي لا تستند إلى أي جدار تاريخي رصين، وهنا أقصد الجدار الفكري، معرضة للزوال حتما، ولذا ضرورة إحياء المعالم وبنات الأفكار ضرورة ملحة في الوقت الراهن، خاصة لدى هذا الجيل المستلب فكريا، والمتأثر بقشور الغرب، كل ما يعرفه عن مفكريه وعن علمائه أنّهم مجرد أسماء في مكتبات أو أحياء ومدارس لا غير. وبالعودة للفكرة المطروحة لما لا يتم فعلا ترميم بيتي الرجلين وتحويلهما إلى معلمين تاريخيين يحويان مؤلفات وأمهات الكتب التي تحيي مآثر الرجلين، ولما لا يتحول البيتان إلى مزار للباحثين والفضوليين، ويبقى هذان المعلمان مفتوحين على مدار السنة وتحت تصرف أيدٍ أمينة. من خلال هذا الطرح نكون قد جسدنا الفكرتين على أرض الواقع بعيدا عن كل تجاذبات قد تذهب ريحها بالفكرة من الأصل، فلا نرمم البيتين، ولا نجسّد الأفكار على الأرض الواقع، حينها نكون قد أطلقنا على الرجلين رصاصتين في آن واحد، فحتى اختفاء المعالم واندثارها مع مرور الوقت، هي مقدمة لاندثار وزوال فكريهما للأبد، فمهما اختلفنا لا بد أن نتفق على شيء واحد هو أن السواد الأعظم من الجزائريين كل ما يعرفونه عن مالك بن نبي، أنّه مجرد مفكر جزائري فحسب، لكن لا أحد يعلم عن بُنات أفكاره شيئا، ولا يعرفون عن بن باديس سوى أنّه مصلح ورائد النهضة الإصلاحية في الجزائر، وليت الأمر بقي حصرا على عوام الشعب بل يمتد الأمر لكثير من المثقفين والمحسوبين على النخبة. فكرة بعث الرجلين من جديد فكريا وتجسيدا على أرض الواقع، والحفاظ على معالمهما من الاندثار ضرورة ملحة ومبادرة تستحق الإشادة والدّعم لأن الأمر يتعلق بإِيلاء الاهتمام بمفكرين جزائريين، فالأمة التي لا تحترم مفكريها لا تستحق الاحترام، ومع مرور الوقت حتما ستصير إلى مهاوي التّخلف والانحدار.