ما إن يحل شهر رمضان، حتى تهب جموع المواطنين إلى الأسواق والمحلات والمراكز التجارية لاقتناء كميات كبيرة من السلع والمواد الغذائية، ما يساهم في ارتفاع أسعار هذه المواد من جهة وفي تبذيرها من جهة أخرى، لاسيما بالنسبة للخبز الذي بات يتعرض للإسراف والتبذير بشكل مؤسف. يبدو أن الإحصائيات الصادمة التي سجلت السنة الماضية عن التبذير خلال شهر رمضان، والمتعلقة برمي 60 مليون خبزة في الأسبوع الأول فقط، جعلت الاتحاد الوطني لحماية المستهلك يطلق حملة تحسيسية وتوعوية لصالح المواطنين بغرض مكافحة هذه الظاهرة. * "إن المبذّرين كانوا إخوان الشياطين" أوضح رئيس الاتحاد الوطني لحماية المستهلك، حرزلي محفوظ، في تصريح للحوار، أن ظاهرة التبذير تتفشى كثيرا خلال شهر رمضان الكريم، حيث تتجلى مظاهره في عدة نقاط، أهمها اقتناء السلع والمواد الغذائية بكميات كبيرة جدا وتخزينها في البيت، ما يجعل المواطن ينفق الكثير مقابل السلع التي تشهد ارتفاعا في الثمن بسبب الإقبال الزائد عليها، بالإضافة إلى عدم وجود نظام داخل البيوت بخصوص التسوق، فتجد معظم أفراد الأسرة يقتنون ما يحلو لهم وخصوصا فيما يخص الخبز الذي يتعرض للتبذير بشكل كبير. وأشار المتحدث ذاته، إلى أن تحسيس المواطنين يكون من خلال التواصل المباشر معهم عبر الأسواق والمراكز التجارية الكبرى والأماكن العمومية أيضا، أين تتم مناقشتهم وتوزيع مطويات لصالحهم تنصحهم بالابتعاد عن هدر وتبذير المواد الغذائية خلال الشهر الفضيل، وعدم اقتناء المواد والسلع لأجل تخزينها في البيت، إنما الأفضل هو أن تخزن لدى المحلات حتى لا يرتفع ثمنها، ويكون شهر رمضان كباقي شهور السنة بالنسبة للأسعار، كما نو|ّه المتحدث إلى جهد الدولة المبذول بخصوص إنشاء الأسواق الجوارية وأسواق الرحمة.
* الشيخ بلعيد زرقوني ل"الحوار": الإسلام نهى عن التبذير وأمر بالشكر على النعم
أوضح الشيخ بلعيد زرقوني، في تصريح للحوار، أن ديننا الحنيف قد نهانا عن التبذير والإسراف، لقوله تعالى في كتابه العزيز"وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ۖ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27)"، فقد أحل لنا الله الاستمتاع بالطيبات دون إسراف أو تبذير كما أمرنا بالشكر على النعم، ومن شكر نعمة الله تعالى عدم إتلافها وضياعها، لقوله جل جلاله "يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ"، وقوله أيضا في سورة ابراهيم "وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ"، وبالتالي فقد حذّر الإسلام من التبذير أيّما تحذير، ويكفي أن المبذر أخ الشيطان، وأضاف الشيخ بلعيد، أن المسلم إذا أغناه الله تعالى وشبع فليتصدق وليقتصد في معيشته، فالأكل يكون بالقدر الكاف والمناسب، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما عال من اقتصد"، والمقصود من الحديث أنه ما وقع في الفقر من اقتصد في معيشته، كما أشار ذات المتحدث إلى أن شهوة الجوع تجعل البعض خلال الصوم يشترون الكثير من المأكولات، لكن ينبغي أن يكون الأكل بالميزان وأن لا يأكل الإنسان بعينه، كما ينبغي أن يسود النظام داخل البيت، ولا يذهب كل أفراد الأسرة للتسوق في نفس الوقت ويقتنون المواد الغذائية والمأكولات على هواهم، ما يجعلها تكدس وتتلف، لا سيما الخبز الذي من المعروف أنه يبذر بشكل مؤسف خلال شهر الرحمة وباقي الأشهر أيضا، وأكبر دليل على ذلك هو وجود مهنة جمع الخبز في بلادنا وإعادة بيعه لأصحاب الحيوانات، أي أن الناس يقتنون كميات من الخبز تفوق حاجاتهم ليكون مصيرها الرمي، وهذا يدعونا للتفكر فبينما نحن بلد مسلم نبذر نعمة الخبز يموت إخواننا المسلمين في هذا العصر جوعا لا سيما في الصومال، ونحن المسلمون أمة واحدة، فلا ينبغي أن نتلف النعم ونرميها بينها يموت آخرون بسبب قلتها. آمنة/ ب