* الشيخ أبو اسماعيل خليفة للأسف.. إن مما يصاحب شهر الله المبارك رمضان ظاهرة مؤلمة تستشري في كثير من البيوت في وقت ربما يشتكي الكثير من الغلاء.. نعم إنها ظاهرة التبذير والإسراف. والإِسْرَافُ هو مجاوزة الحدّ وتعدّي المشروع وكل ما بذل في غير وجهه فهو تبذير وهو مذموم في كل حال ويكفي في ذمه أنه صفة للشيطان وأن المتصف به من حزب الشيطان قال الله عز وجل: وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً * إِنَّ المُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً . [الإسراء:26-27]. نعم للأسف. إن الناظر ليرى صورا مؤلمة تورَّط فيها كثيرٌ من الناسِ : الإسرافُ في المآكل والمشاربِ فترى من الناسِ من يجمعُ على مائدتِه من ألوانِ الطعامِ وصُنوفِ الشرابِ ما يكفي الجماعةَ من النَّاسِ ومع ذلك لا يأكلُ إلا القليلَ من هذا وذاك ثم يلقي باقِيَه في الفضلاتِ والنفاياتِ.. وهذا كفرٌ بالنِّعم وسببٌ في تحوُّلها وزوَالها قال تعالى: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَان فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ . [النحل: 112] فليت شعري!. أنسِيَ هؤلاء المسرفون المبذرون أم تناسَوْا أنَّ من الناسِ أُمماً يموتون جوعاً لا يجدون ما يسدُّون به حرارةَ جوعِهم ولظى عَطَشِهم؟! أم نسِيَ هؤلاء قول الله تعالى: ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذ عَنِ النَّعِيمِ_ . سورة التكاثر.. ألا إنه ليس من شأن المسلم المبالغةُ في التنعُّم والاسترسال في الملذَّات بما يبعده عن الكمال في أمور الدِّين وبما يوقعه في ركونه إلى هذه الدُّنيا الفانية. عباد الله: إن من مقاصد الصيام استفراغ المواد الفاسدة في المعدة بتقليل الطعام. وكيف يتم ذلك لمن أسرف في طعامه وشرابه وبذَّر في مأكله؟! ناهيك عن من أتعب أهله بتكليف صنع كثير من الأطعمة والأشربة ربما بما لاطاقة لهم به.. فاتقوا الله.. وكونوا من عباد الرحمن الذين قال الله فيهم: : وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا . [الفرقان: 67] فالحذر.. الحذر.. فكما تصومون عن الطعام في نهار رمضان صوموا عن التبذير والإسراف. نعوذ بالله تعالى من زوال نعمته وتحول عافيته وفجاءة نقمته وجميع سخطه ونسأله سبحانه العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة.