يبدو أن القوى الفاعلة في شؤون قطاع التربية الوطنية غير راضية بما جاءت به وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط من إصلاحات جديدة في الجيل الثاني على الرغم من اعترافها بفشل جل الإصلاحات السابقة التي أطلقتها على المنظومة التربوية، وهو ما قد يزعزع من وتيرة الدخول المدرسي الداخل ويضعها في مأزق حقيقي على الرغم من تزكية رئيس الحكومة لمشروعها، إلا أن احتمال دخول العديد من هذه القوى الحيوية في حركات احتجاجية غير مستبعد، وهذا بدليل ما أكده أعضاء المبادرة الجزائرية لمراجعة المنظومة التربوية، بالإجماع الجازم على أن رد رئيس الحكومة عبد المالك سلال فيما يخص موضوع المساس بمواد الهوية الوطنية في إطار مشروع إصلاحات الجيل الثاني التي أقرتها وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط، أن الرسالة غير واضحة المعالم وهي تنصب لصالح إصلاحات بن غبريط أكثر التي تعدت الخط الأحمر بعد أن تجرأت على المساس بمواد الهوية في إطار إصلاحات امتحانات البكالوريا. وقال أعضاء المبادرة التي حررت شهادة ميلادها أمس بالمقر الوطني لنقابة "الأنبياف" بالجزائر العاصمة والتي تضم نخبة من الناشطين والعاملين في الحقل التربوي الأكاديمي والمعرفي والثقافي ويضاف إليها شخصيات تاريخية ووطنية وممثلين من المجتمع المدني ومنظمات أولياء التلاميذ ونقابات الأئمة، أن ما تقوم به الوزارة الوصية من تغييرات في المنظومة التربوية دون الأخذ بعين الاعتبار إشراك وتشاور كل الفاعلين في الحقل التربوي سيزيد من حدة التوترات لاحقا لاسيما وأن هذه الأخيرة مست المجتمع الجزائري في صميمه، مؤكدين على أن نية الحكومة حذف مواد الهوية أي التربية الإسلامية واللغة العربية والتاريخ والجغرافيا متوفرة بدليل تزكية سلال لمشروع إصلاحات الجيل الثاني.
وهو المشروع الذي يمهد الطريق لمشروع فرنسة المدرسة الجزائرية في المستقبل القريب على حد –قول- جميع أعضاء المبادرة تحت غطاء الإصلاحات وتغير الاتجاهات العامة للمنظومة التربوية التي تصر بن غبريط على تحقيقها على أرض الواقع مهما كان الثمن بحجة أن هذا الطرح غير المعلن عنه بصفة رسمية جاء لإدخال المقاييس والمعايير العالمية في مناهج وكيفيات تنظيم شهادة البكالوريا والمنظومة على وجه العموم بما يضمن تحسين أداء ومردودية المتمدرس الجزائري".
ودعا هؤلاء في سياق حديثهم إلى وجوب إبعاد المدرسة الجزائرية عن الصراعات الإيديولوجية لتفادي إشاعة توترات جديدة الجزائر في غنى عنها، في إشارة منهم إلى تلك المناورات الخارجية التي ترمي إلى زعزعة أمن واستقرار البلاد بكل الطرق وهذا المبتغى سيكون سهل المنال عندما يتم تجريد المجتمع الجزائري من هويته الوطنية ومن ثوابته الدينية والتاريخية.
ونبه أعضاء المبادرة التي جاءت بعد أشواط من التشاور بين كل القوى الحيوية المعنية بالقضية إلى خطورة التراجع عن مكتسبات المنظومة التربوية، ما يتطلب إعادة النظر في هذه الإصلاحات مع ضرورة تثبيت تعزيز عناصر الهوية الوطنية في المنظومة التربوية والامتحانات الرسمية للمحافظة على مكونات المجتمع وتماسكه وعلى السلم الاجتماعي ولتحصينه من الأوبئة المعنوية.
وخرج أعضاء المبادرة الجزائرية لمراجعة المنظومة التربوية التي جاءت لحمايتها بجملة من الاقتراحات التي من شأنها المساهمة بالقدر الأوفر في إحداث تغييرات تعود بالنفع على الجزائر بعيدا عن أي لون سياسي أو إيديولوجي يذكر. ويتصدر في مقدمتها تأجيل بت الحكومة في المشروع المقترح بهيكلة البكالوريا بغية توسيع الاستشارات بشأنه مع استعادة شعبة العلوم الإسلامية وتعزيز اللغات ذات الحضور العالمي النوعي في إشارة منهم إلى اللغة الانجليزية بدل الفرنسية التي هي ضمن اللغات الميتة حسبهم دون تجاهل دعوة العلماء والمراجع الدينية وشيوخ الزوايا وكل مكونات المجتمع إلى تبني المبادرة وتفعيل مساعيها النبيلة التي تهدف إلى حماية المنظومة التربوية من كل المحاولات التي قد تجر بها إلى المجهول. مناس جمال