كشف مصطفى فرفارة المدير العام لبورصة الجزائر في لقاء خاص بالحوار أن ضعف مردود البورصة لا يعود بالدرجة الاولى إلى التنظيم القانوني الذي يسيرها بقدر ما هو مرهون بقدرة المؤسسات الوطنية عن إستجاب لشروط النضمام إلى هذه الهيئات داعيا الشركات الاجنبية العاملة في الجزائر على غرار جازي ونجمة إلى المساهمة في التداولات المالية عبر البورصة وطالب فرفارة من الحكومة بضرورة منح المزيد من التحفيزات الجبائية لجلب المستتمرين الوطنية للاكتساب في سوق القيم المنقولة. على الرغم من مرور 11 سنة من ظهور بورصة الجزائر إلا أن مشاركة المؤسسات الوطنية في سوق المال الثانوي تبقى ضعيفة، ما هي في رأيكم أهم الأسباب وراء ذلك؟ - يجب الأخذ بعين الاعتبار أولا أن ضعف تمويل السوق الثانوي بقيم منقولة لا يعود أساسا إلى شركة البورصة أو إلى الإطار القانوني والتشريعي الذي يسيرها بل يعود في الواقع إلى المؤسسات الوطنية التي تعجز عن تحقيق شروط الانضمام إليها، وخاصة فيما يتعلق باحترام شرط الشكل القانوني للمؤسسات المدرجة والذي يتمثل أساسا في شركات ذات أسهم، على اعتبار أن مجمل الشركات الوطنية لديها صفقة قانونية ذات مسؤولية محدودة أو ذات شخص وحيد، يضاف إلى ذلك أن العديد من المؤسسات التابعة للقطاع الخاص لا تلتزم بإصدار التقارير المتعلقة بالبيانات المالية السنوية التي تعد من الشروط الضرورية الواجب توفيرها للانضمام إلى البورصة. كما أن التوجهات التي اختارتها الحكومة في عمليات خوصصة الشركات العمومية من حيث إدراج نظم مبنية على المناقصات أو عمليات الشراكة والتراضي بدلا من التوجه نحو فتح رأسمالها عن طريق البورصة كان له اثر سلبي على نشاطها، حيث اقتصرت العمليات التي أقدمت عليها الحكومة في فتح رأس المال الجزئي للشركات العمومية على فندق الأوراسي وشركة صيدال بنسبة 20 بالمائة، فضلا عن رفع رأسمال شركة رياض سطيف بالاكتتاب العام قبل انسحابها من البورصة، وعلى هذا الأساس لا تشمل البورصة حاليا سوى على مؤسستين عموميتين فيما يتعلق بسوق الأسهم. وبخصوص مشاركة البورصة في الناتج الداخلي الخام، ما هي الحصة السوقية للمؤسسة وما قيمة عمليات التداول؟ - مشاركة البورصة في الاقتصاد الوطني من حيث القيمة السوقية تبقى ضئيلة ولا تتعدى 07ر0 بالمائة بالنظر إلى احتوائها على مؤسستين فقط غير أن انضمام شركات أخرى من شانه أن يحقق قفزة نوعية في القيمة المضافة التي تجلبها للسوق الوطني، في حين حققت مستويات التداول خلال العام الماضي أكبر معدل لها منذ نشأة البورصة العام 1997 ب 2ر1 مليار دينار في 98 ,2008 بالمائة منها خصصت لسوق السندات. لكن من الملاحظ في سوق القيم المنقولة ببلادنا انتعاش واضح لسوق السندات مقابل ركود فعلي لسوق الأسهم، بما يمكن تفسير هذه الوضعية؟ - الانتعاش الواضح الذي عرفته سوق السندات في الآونة الأخيرة راجع إلى كونها أقل مخاطرة من التمويل عن طريق سوق الأسهم لكونها تسدد في اجل معين وتقدم فوائد سنوية معروفة مسبقا، فضلا عن أن القيمة الاسمية للسند أكبر من القيمة السوقية للسهم، وهو ما جعل قيمة التداول بالسندات المدرجة خلال العام الماضي يرتفع إلى 81 مليار دينار، غير أن ركود سوق الأسهم يمكن إرجاعه إلى هشاشة المؤسسات العمومية التي عجزت خلال فترة العشرية عن التفكير في طرق للتمويل عن طريق السوق الثانوي (البورصة) مفضلة الاتجاه نحو السوق الابتدائي (البنوك) لهيكلة نسيجها، علاوة على عجز المستثمرين الخواص عن توفير الشروط الأساسية للانضمام إلى البورصة، دون إغفال لجؤء للحكومة إلى انتهاج سياسات خوصصة بعيدا عن سوق القيم المنقولة. ما هي الإجراءات المتخذة لتدارك وضعية الركود الذي تعرفه البورصة وتحقيق انتعاش في سوق الأوراق المالية؟ - إنعاش سوق القيم المنقولة مرهون بإدراج مؤسسات أو أوراق مالية جديدة من طرف الخواص أساسا، إذ لا بد من التفكير في تنويع طرق تمويل مؤسساتهم بعيدا عن القرض البنكي أو المصرفي، وقد لعبت وزارة المالية دورا كبيرا في إعطاء دفعة قوية للبورصة عن طريق إقدامها على إدراج سندات الخزينة العمومية كأول خطوة هامة لإنعاش السوق الثانوي، ما يعني أن الحكومة منحت مصداقية كبيرة لهذه المؤسسة، يضاف إلى ذلك برامج تطوير وتحديث السوق المالي للعام 2006 أين لجأت الوزارة إلى رفع رأسمال البورصة بأكثر من 396 مليون دينار من أجل السماح لها بتحديث نظام التسعيرة، وتدعيم الموارد البشرية وعصرنة أنظمة الرقمنة، إضافة إلى برنامج صودق عليه من طرف الوصاية في جويلية 2008 لوضع أسس واضحة لنظام سوق المال الوطني من حيث تحسين وضعية المؤسسات المالية التي تلعب دورا في تنشيط سوق المال على غرار البورصة، المؤتمن المركزي، والوسطاء في محاولة لتحفيز المؤسسات الاقتصادية للجوء إلى السوق المالي لتمويل احتياجاتهم عن طريق إصدار سندات أو أسهم، إلى جانب فتح مجال تسيير محافظ هيأت التوظيف الجماعي للأوراق المنقولة وغيرها من الإجراءات المتخذة لتدارك وضعية البورصة. هل هناك توجه من طرف بورصة الجزائر نحو سياسات تنسيق أو تعاون مع بورصات رائدة في المجال لنقل الخبرة ومحاولة الاستفادة من تجاربها؟ - جميع عمليات التنسيق التي تتم مع البورصات الأجنبية تمر عبر وساطة هيئة مراقبة وتنظيم معاملات البورصة ''كوصوب''، ولذا أشرفت هذه الأخيرة على عقد معاهدات بين مؤسسات سوق المال الجزائري ومثيلاتها على غرار معاهدة التنسيق التي أبرمت شهر جوان الماضي مع بورصة القاهرة والإسكندرية، وحاليا نحن في مشاورات مع بورصات عربية وأجنبية عديدة للاستفادة من تجاربها في إطار دورات تكوينية موجهة أساسا للعاملين في سوق المال من وسطاء أو موظفين تسمح برفع المستوى التقني والفني، وتبادل المعلومات الخاصة بالأسواق، بالتركيز على السوق المصرية، السعودية، الإماراتية وحتى الأسواق المغاربية كسوق طنجة وتونس للأوراق المالية. ما هي الاقتراحات والبدائل التي يمكن تقديمها كحلول لرفع مستوى أداء بورصة الجزائر؟ - يجب على الحكومة اتخاذ جملة من الإجراءات للنهوض بالسوق المالية بتقديم تحفيزات جبائية للمستثمرين المكتتبين والمؤسسات المصدرة للأسهم عن طريق اللجوء للإعفاءات الضريبية على العائدات المالية الإجمالية وعلى فوائد المؤسسات، وعدم الاقتصار على الأوراق المالية فحسب حسبما ورد في قانون المالية ل 2009 الذي أدرج بند إعفاء هذه الأوراق ذات الأجل الذي يفوق أو يساوي 5 سنوات دون إعفاء المؤسسات المصدرة للأسهم على أن تمتد فترة سريان الإعفاءات على مدار 5 سنوات استكمالا لما ورد في قانون المالية ل 2003 الذي أعطى تحفيزات للمستثمرين المكتتبين. يضاف إلى ذلك ضرورة إدراج المؤسسات العمومية والخاصة ضمن سوق الأسهم على غرار ''سونلغاز'' والخطوط الجوية الجزائرية وشركتي أوراسكوم تيليكوم ''جازي'' والوطنية للاتصالات ''نجمة'' من دون إجبارها على ذلك نظرا لما يشكله من مخاطر على استقطاب الاستثمارات الأجنبية مقابل حتمية اقتناعها بضرورة إشراك المواطن في تنمية نشاطها التنموي بالاتجاه نحو الاكتتاب العام. وفيما يتعلق بتطوير سوق السندات الإسلامية، ما هي الإجراءات الواجب اتخاذها لتنشيط التعاملات المالية اللاربوية؟ - لا بد أولا من تهيئة الجانب القانوني للسماح بتحقيق عمليات إصدار الصكوك، عن طريق استحداث مجالس وطنية للشريعة بهدف مراعاة تطبيق المبادئ الإسلامية في عمليات تخص إصدار أدوات مالية لا ربوية، كما يستلزم وجود بنوك إسلامية كثيرة العدد لإنعاش السوق وتحقيق تطور نوعي في عمليات التداول، فضلا عن تشكيل مؤسسات انتقالية تصدر لصالح الشركات المكتتبة تتحمل مسؤولية دفع المستحقات والريوع وتشرف على عمليات التسديد في آجال الاستحقاق.