* حزب الله والتيار الحر قالا إن عون هو الرئيس أو لا أحد * لا خوف على لبنان من تهديد داعش
* انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة وسعد الحريري أعاد ثقة المؤسسات الدولية بلبنان
* الشهيد رفيق الحريري كان رجل لبنان ورجل الاعتدال والحوار
* 154 نائب فرنسي طالبوا الرئيس هولاند بالاعتراف بدولة فلسطي
* من المفيد تفعيل إمكانيات العمل لإعادة الفرنكفونية إلى مجدها في المدارس والجامعات اللبنانية
يبرز عبد الله خلف، المنسق العام لتيار المستقبل اللبناني في فرنسا، في هذا الحوار، الدور الكبير الذي لعبه حزبه من أجل إخراج لبنان من دوامة التعطيل الدستوري الذي عانته طيلة أكثر من عامين ونصف، رغم تعنت حزب الله والتيار الوطني الحر الذي يرأسه الرئيس ميشال عون، كما يعتبر أن سلاح حزب الله غير شرعي وميليشياته غير شرعية، وكل الأعمال العسكرية غير شرعية، وهو فصيل عسكري إيراني يأتمر بأوامر الولي الفقيه ويأتمر بأوامر إيران، ويعمل لمصلحتها وينفذ أجندتها في المنطقة، إذ أن سلاحه أداة ضغط دائم في السياسة الداخلية ومصدر تهديد لأمن المواطن في رزقه وحياته وأمنه. ومسألة تسليم سلاحه للدولة مرهونة بقرار من إيران.
* كيف تقيم الوضع السياسي في لبنان، بعد ترتيب البيت وتنصيب المؤسسات الدستورية؟ ورغم فترة التعطيل التي تجاوزت العامين، تم تدارك الأمر وتحقيق إجماع بين الفرقاء، بانتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية.. كيف حدث ذلك؟
– الوضع السياسي اليوم في لبنان مستقر أمنيا و"سياسيا"، وعادت الحياة إلى المؤسسات بعد انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة برئاسة سعد الحريري، والذي كان هو صاحب المبادرة التاريخية لإنقاذ البلد بعد فترة تعطيل دامت سنتين ونصف، بسبب تعنت حزب الله والتيار الوطني الحر المسيحي التابع للرئيس الحالي بأنه هو الرئيس أو لا أحد!! وهذا لم يكن موقف ديموقراطي ولا يحترم الأصول الدستورية.. ومع ذلك، ولإنقاذ المؤسسات من الانهيار ومن الوصول إلى نظام فاشل ولمحاولة تحريك عجلة الاقتصاد ولمصلحة لبنان واللبنانيين، كانت مبادرة سعد الحريري خطوة في الاتجاه الصحيح لتمكين البلد من الوقوف في هذه الظروف الحرجة التي تمر بها المنطقة وحمايته من تداعياتها… وتعمل الحكومة حاليا على إنجاز العديد من الملفات ومعالجة الكثير من المشاكل في البنية التحتية، كالكهرباء وايجاد حل دائم لموضوع النفايات، كما تهتم الحكومة بالموضوع الانمائي وخاصة للمناطق المحرومة، وآخر قرار كان بإنشاء فرع للجامعة اللبنانية في منطقة عكار في الشمال، هذه المنطقة المحرومة والتي يتكبد أبناؤها الكثير من الجهد للالتحاق بجامعات طرابلس.
* ألا يمكن الابتعاد عن المحاصصة الطائفية في تولي المناصب القيادية في لبنان؟
– دستور لبنان الحالي هو اتفاق الطائف الذي تم توقيعه بعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية، والذي ينص على أن يكون رئيس الجمهورية ماروني ورئيس مجلس النواب شيعي ورئيس الحكومة سني، وكذلك ينص على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في الحكومة ومجلس النواب ووظائف الفئة الأولى كرؤساء الأجهزة العسكرية والأمنية والمدراء العامين والسفراء، كما يحدد حصة كل طائفة ومذهب. أما ما دون ذلك من وظائف في مؤسسات الدولة فليست خاضعة لقانون المناصفة، لكن من الضروري أن لا يتم حصول اختلال كبير في مسألة التوظيفات حتى لا يمثل هذا الاختلال أي إحساس عند أي طائفة بالحرمان من حقها في الدخول إلى كنف الدولة.
* كيف يمكن التعامل مع "سلاح حزب الله" الذي يبقى عقبة كبيرة في سبيل تحقيق توافق داخلي، حسب ما يصرح به يوميا الكثير من سياسيي لبنان؟
– سلاح حزب الله غير شرعي وميليشيا حزب الله غير شرعية، وكل أعمال حزب الله العسكرية ومربعاته الأمنية في لبنان غير شرعية، هو دويلة ضمن الدولة. ولا يمكن أن يستقيم عمل الدولة ومؤسساتها بوجود هذا السلاح، وهو سلاح يحمله فصيل عسكري مذهبي ينتمي للطائفة الشيعية ويأتمر بأوامر دولة خارجية هي إيران، ويعمل لمصلحتها وينفذ أجندتها في المنطقة، ويملك بهذا السلاح قرار الحرب والسلم مع اسرائيل وقد استعمله في الداخل في 7 ايار 2008. كما يشكل وجود هذا السلاح ضغطا دائما في السياسة الداخلية ويهدد أمن المواطن في رزقه وحياته وأمنه، كما أن حزب الله وبواسطة هذا السلاح ولمصالح إيرانية دخل إلى سوريا واحتل قراهم وهجرهم ويتدخل في العراق واليمن والبحرين ويهدد السعودية، ويعتبر حزب الله نفسه فصيلا عسكريا إيرانيا ويأتمر بأوامر الولي الفقيه، وكل حججه بالدخول إلى سوريا مرة لحماية المراقد ومرة لحماية اللبنانيين المقيمين في سوريا ومرة لمحاربة الإرهاب، وكلها حجج واهية للتغطية على تدخله العسكري في سوريا لمصلحة إيران والنظام السوري. حل مشكلة سلاح حزب الله يتم إما ذاتيا وتسليم سلاحه للدولة وفق ما يمكن أن تترجمه طاولة الحوار في لبنان، وهذا صعب لأنه سبق أن تم الاتفاق على أن يتم تسليم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات ولم يحصل، ومن المعروف أن السلاح الفلسطيني خارج المخيمات يملكه الفلسطينيين حلفاء إيران، منهم الجبهة الشعبية القيادة العامة (أحمد جبريل) وفتح الانتفاضة (أبو موسى) وقواعده في "قرية الناعمة" المطل على مطار بيروت الدولي، وفي البقاع في منطقة "كفر زبد" و"قوساية" و"السلطان يعقوب" و"ينطة" ومناطق أخرى، فما بالك بسلاح حزب الله وارتباطه بايران، حيث أنه مرهون بقرار من إيران الممولة له وصاحبة القرار الأعلى، ولا أحد في لبنان يريد حربا أهلية طائفية تدمر لبنان واقتصاده. على المؤيدين لحزب الله أن يعوا أن مصلحة لبنان قبل مصلحة إيران، وعلى إيران أن تعي مصلحة لبنان واللبنانيين هي بدولة ومؤسسات وقوى شرعية عسكرية وأمنية لا بوجود طرف مسلح يعمل بإمرتها ويهدد مصير دولة أخرى.
* أمنيا.. ألا تخشون انتقال نشاط مجموعات "داعش" إلى داخل لبنان؟
– لا خوف على دخول داعش إلى لبنان، والجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية يقومون بعملهم على أكمل وجه ويستطيعون مواجهة أي محاولة لاختراق الساحة اللبنانية أمنيا. كما أن الشعب اللبناني بكافة طوائفه يعي مصلحته وأهمية حماية بلده من الإرهاب والإرهابيين، وليس لداعش أي أرضية شعبية داخل لبنان.
* هل تم تجاوز رهانات التعامل مع العدد الكبير للاجئين السوريين الوافدين إلى لبنان بفعل الحرب الأهلية؟ وما هي أهم انعكاسات ذلك على الداخل اللبناني؟
– لبنان يستقبل أكثر من مليون ونصف لاجئ سوري لدواعي إنسانية، وهذا يشكل عبء كبير على بلد مثل لبنان وخصوصا في المناطق الحدودية كعرسال في البقاع التي استقبلت ثلاثة أضعاف سكانها، أي أكثر من 100 ألف دون وجود أي بنية تحتية. لذلك المطلوب وقبل كل شيء من المجتمع الدولي ومجموعة أصدقاء سوريا، توفير مساعدات ليس فقط للاجئين لكن للمناطق التي تستضيف النازحين. فتخيل أن تستقبل الجزائر 10 أو 15 مليون نازح، ماذا يمكن أن يكون الحال. السوريون في لبنان يعيشون في ظروف صعبة وفي مخيمات لا يتوفر فيها الحد الأدنى من شروط الحياة الإنسانية، ووجود هذا العدد الكبير وبدون أي مراكز استقبال ولا مساعدات ولا بنية تحتية يخلق مشاكل كثيرة أمنية واجتماعية وبيئية وأيضا. في بعض الحالات هناك نزعات عنصرية، لكن في أغلب المناطق يعيش السوري بارتياح مع محيطه، ويجب أن نذكر أنه حتى قبل الأحداث السورية كان عدد العمال السوريين المقيمين بشكل في لبنان يفوق نصف المليون. الاهتمام باللاجئين السوريين وحمايتهم واجب انساني على الدولة ومؤسساتها وعلى المجتمع المدني الذي يقوم بدوره في المخيمات بالتعاون مع جمعيات انسانية أجنبية كأطباء بلا حدود أو غيرها. كما نذكر أنه في بداية الأزمة كان هناك اعتراض من بعض القوى على إقامة مخيمات للسوريين معتمدين على التجربة اللبنانية بمخيمات الفلسطينيين. كما أن إقامة مناطق آمنة على الحدود داخل الأراضي السورية أو انسحاب حزب الله من ريف حمص والقصير والقلمون سيسمح بعودة القسم الأكبر من النازحين. أكثر النازحين وصلوا إلى لبنان بعد دخول حزب الله إلى سوريا عامي 2013 و 2014 واحتلال قراهم ومدنهم وتهجيرهم.
* انتقد تقرير أصدرته الشبكة السورية لحقوق الإنسان الإجراءات التي اتخذتها السلطات اللبنانية، والتي "أفقدَت معظم اللاجئين السوريين صفتهم القانونية في الوجود في لبنان، ما جعلهم عرضةً للتهميش في المجتمع والاستغلال في العمل والإساءة في التعامل، والتحرُّش الجنسي في بعض الأحيان، وعدم قدرتهم على اللجوء إلى أجهزة الشرطة والأمن في حال تعرَّضوا لأي اعتداء".. ما ردك؟
– حصلت هناك اجراءات رسمية لتنظيم إقامة ودخول النازحين، لكن الكلام عن أن هذه الاجراءات أفقدت معظم النازحين صفتهم القانونية غير صحيح إطلاقا، والأكثرية الساحقة تقيم بشكل قانوني بصفة لاجئ وبأوراق من الأممالمتحدة. نعم تحصل تجاوزات على النازحين وهي تحصل أيضا على اللبنانيين في المناطق الحدودية، وهذا يعود إلى الوضع الأمني الاستثنائي وعدد النازحين الكبير. وأنا لا أبرر، لكن يجب ألا يُعطى الأمر أكثر من حجمه، وعند حصول أي تجاوز يجب معالجته قانونيا وهذا يحصل في أكثر الحالات. أما ما يحكى عن تحرش جنسي وما إلى ذلك، يمكن أن يحصل ويحصل في كل المجتمعات مع أو بدون نازحين، وهذا لا يجب السكوت عنه، ولكنها تبقى حالات نادرة، وهناك مؤسسات وجمعيات تعمل دائما على معالجة الموضوع وتقديم أي مجرم للمحاكم، وهذا لا يجب السكوت عنه إطلاقا كائنا ما كانت جنسية الضحية.
* انفراج اقتصادي وتأكيد حكومي على مؤشرات اقتصادية إيجابية هذه السنة.. هل سيبقى ارتباط الاقتصاد اللبناني وثيقا بالدعم الخليجي، والسعودي على وجه الخصوص؟
– انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة وسعد الحريري على رأسها أعطى دفعا اقتصاديا كبيرا للبنان وأعاد ثقة المؤسسات الدولية بلبنان، ونأمل أن يكون هناك تحسن هذه السنة مع أن الحكومة في بداية عهدها. لبنان دائما مدان لإخوانه العرب ومساهماتهم في إعادة بنائه وتقوية اقتصاده، ولبنان تعرض لأزمات كبيرة، وكانت دول الخليج خصوصا إلى جانبه، وعدد كبير من اللبنانيين يعمل في دول الخليج، لذلك يجب أن تكون العلاقات دائما وثيقة بهذه الدول لمصلحة لبنان واقتصاده.
* كرمتم مؤخرا من طرف الرئيس الفلسطيني نظير خدمتكم القضية الفلسطينية.. وفي ظل التطورات الإقليمية وانحسار الاهتمام العربي بها.. كيف ترى راهن قضية فلسطين؟
– لقد كرمني سيادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وهذا التكريم وحمل جواز السفر الفلسطيني شرف أعتز به وأفتخر بحمله، فالقضية الفلسطينية هي قضية كل مواطن عربي وهي القضية الأولى. صحيح أن الأحداث في العالم العربي أخذت حيزا "إعلاميا" واهتماما في السياسة والاعلام، لكن تبقى القضية الفلسطينية هي الأساس. وفقط للتذكير فمنذ أيام فقط وقع 154 نائب وعضو مجلس شيوخ فرنسي عريضة طالبوا فيها الرئيس فرنسوا هولاند بالاعتراف بدولة فلسطين، كما كان في السنة الماضية أكثرية أعضاء الغرفتين البرلمانيتين مع الاعتراف بدولة فلسطين. وأيضا السنة الماضية أصبحت فلسطين عضو في منظمة الأونيسكو. القضية الفلسطينية هي أيضا" قضية انسانية وقضية شعب، والتأييد لحل عادل ومناصرة شعبها يزداد كل سنة، وإن شاء الله قريبا تكون فلسطين دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
* مرت قبل أيام، الذكرى الثانية عشر لاغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري، فما حجم الفراغ الذي تركه الحريري حزبيا ولبنانيا؟
– لم يعرف لبنان شخصية بحجم الرئيس الشهيد رفيق الحريري.. لقد كان رجل لبنان ورجل المرحلة التي أعقبت الحرب الأهلية المدمرة، رجل البناء والعلم والمؤسسات، كان رجل الاعتدال والحوار، كان أكبر من لبنان بدوره، كان رجل العرب في العالم.. رفيق الحريري ترك فراغا " كبيرا"، لكن نحن على ثقة كبيرة بأن الرئيس سعد الحريري سيكمل طريق الرئيس الشهيد في بناء لبنان المتقدم والمتطور والسيد الحر المستقل. ونحن على ثقة بأن المجرمين سينالون عقابهم والمحكمة الدولية مستمرة بعملها حتى كشف كل خيوط الجريمة وهي كانت جريمة العصر التي هزت لبنان والمنطقة.
* تسعى فرنسا لبعث الفرانكفونية، وتراهن على لبنان كإحدى القواعد الأساسية في ذلك.. كيف ترون ذلك؟
– من المؤسف تراجع الفرنكوفونية في لبنان والمنطقة، وأن تسعى فرنسا لبعثها عن طريق لبنان هذا شيء جيد، لأن لبنان كان دائما محطة إشعاع ثقافية في المنطقة، وخصوصا للثقافة الفرنسية. ولكن يلزم الكثير من الجهد والتواصل وأن تقوم السفارة الفرنسية والمراكز الثقافية والتعليمية بدورها، وأن يتم تنشيط العلاقات بين المؤسسات التعليمية بين فرنساولبنان وباقي الدول الفرنكوفونية. فرنسا هي الدولة الأكثر "تأثيرا" في لبنان، وتحمل الملف اللبناني وصداقاتها اللبنانية ليست بحاجة لتعريف، ويمكننا أن نستذكر صداقة الرئيس الشهيد رفيق الحريري بالرئيس جاك شيراك.. فمن المفيد والمطلوب تفعيل إمكانيات العمل لإعادة الفرنكوفونية والثقافة الفرنسية واللغة الفرنسية إلى مجدها في المدارس والجامعات. حيث اليوم لم نعد نجد في بعض مناطق لبنان الكثير من المدارس التي تدرس باللغة الفرنسية وهي في تراجع مخيف كل سنة. واعتقد أن السفير الفرنسي في لبنان ايمانويل بون يعي هذه المشكلة ويقوم بدور فعال لإعادة إحياء الفرنكوفونية التي هي في النهاية مرادفة لدور فرنسا في المنطقة. حاوره فاتح بولعشب