تعتبر الدولة ارقى تنظيم اجتماعي عرفه الانسان، وقد جاءت فكرة الدولة من اجل حفظ امن واستمرار حياة هذا الانسان المركب من الشر والخير، فالأمن مطلب الجميع، وضرورة اجتماعية لحفظ كامل المقاصد والكليات سواء ما تعلق منها بالدين، العقل، النفس، المال والاعراض، وكلما كانت الدولة قوية وصارمة في تحقيق متطلبات الامن – بكل ابعاده – تناغم المجتمع وانخرط في تحقيق اهداف الدولة من رفاه وازدهار وسمعة بين الدول… لكن المواطن في الجزائر، هذه الايام، يعيش حالة من الذعر والارتياب بسبب تتالي التهديدات، والشكوك، التي تثيرها بعض المظاهر السلبية التي تمس مصالح المجتمع وتزعجه، سواء ما كان منها مفتعلا في اطار حملات التشكيك الاعلامية والمرتبطة بصراع الاجنحة، او تلك التي تفرض نفسها عليه عبر ممارسات فعلية تمس حياة المواطن وتهدد امنه وأمن ممتلكاته… لقد ارق الجزائريين، ولسنوات طوية، ما فعله الارهاب الاعمى بحياتهم من قتل وتشريد وضياع، افسد عليهم حياتهم وسكينتهم، ولولا جهود ابناء الجزائر من مؤسسة الجيش والأمن لسقطت الجزائر في براثين الفشل والاضمحلال كما تحياه اليوم دول شقيقة وجارة… وإذا كانت الجزائر قد سجلت الانتصارات الباهرة في حربها على الارهاب الاجرامي، فإن تهديدات اخرى ناعمة تحدق بها، وتشكل مداخل وثغرات لإيهان اركان البلد وتركيعه، ونهيب بالدولة الجزائرية وعبر ممثليها، ان تحصن ثغور المجتمع، وتكلف من هو اهل (قوي امين) لحماية ظهورنا كمواطنين نؤمن بجزائر الاستقلال، وندفع لخزينة الدولة ما يكفي للحفاظ على سلامتنا وسلامة ابنائنا… نبدأ برفع اصواتنا ضد حالة الإرباك التي تعرفها وزارة الصحة، ونهيب بالسيد بوضياف ان يضع حدا للتلاعبات التي يعرفها قطاعه، بوصفه المسؤول الاول على صحة المواطنين، فلا يعقل ان ينتج او يستورد دواء او لقاحا او مكملا يوجه لمرضانا وأطفالنا، ولا يكون لمختصي قطاعه ومخابره كلمة الفصل فيه… وإلا ما معنى ان تثير مشكلة اللقاح ضد البوحمرون بلبلة في اوساط المدارس، وبين اولياء التلاميذ بخصوص فعالية وصلاحية اللقاح ضد البوحمرون، ولا نسمع لمخابر المراقبة المنتشرة في ارجاء البلد وتستهلك الميزانيات الضخمة، وجيوش من التقنيين القابعين فيها حسا ولا همسا، ولم نسمع من معهد باستور المسؤول الاول على اللقاحات كلاما لا شافيا ولا كافيا، ام ان حياة ابنائنا لا تعنيكم… وقبلها كان قد انتهك السيد زعبيط امننا ولم نر تحقيقاتكم التي وعدتمونا بها ام ان في الامر ان؟ وكما تتخبط وزارة الصحة في حماية امننا، يتخبط وزير الشؤون الدينية في مواجهة التشيع والاحمدية واستغلال الزوايا لأغراض سياسية، ويسكت عن كثير من القضايا التي تمس امننا الثقافي، وله من الائمة ما يستطيع من خلاله جمع كلمة الجزائريين وتوجيههم لأن نكون امة الوسط والخير… وإذا كانت الهيئات التنفيذية مقصرة في اداء واجب الحماية نحو المواطنين المغلوبين على امرهم، فإننا نوجه رسالتنا الى وزارة العدل المسؤولة عن التحقيق في كل اعتداء يمس بأمننا وينتهك حرماتنا، فكيف لنا نحن المواطنين ان نواجه فساد الاستيراد الموجه للاستهلاك من اكل وشرب ودواء ومركب وقطاع غيار وغيرها من مستلزمات الحياة… والقاضي يجلس بعيدا ينتظر من يبلغه ويرفع اليه الدعاوى.. والمقالات والاصوات من المنظمات والجمعيات المهتمة بشؤون الجزائريين تصرخ في كل وادي، ويمكنها ان تكون مرتكزا لبلاغ تنطلق بسببه عصا القضاء لتردع من يتلاعب بأمننا… ان الحياة موازين، ومتى سكت اهل الحق تمادى اهل الباطل، لقد وعد رئيس الجمهورية بإصلاح الدولة، ولا اصلاح اذا اسند الامر الى غير اهله، ولا اصلاح اذا سكتت جمعيات المجتمع المدني عن المساهمة في ردع الفساد، ولا اصلاح اذا سكتت اقلام الصحافة عن التوجيه والإرشاد بما يخدم امننا القومي واشتغلت بسفاسف الامور… ان مشكلة اللقاح قد ابانت ثغرات لا يمكن السكوت عليها، وليس الامر لأولياء التلاميذ ان يقرروا ان تنطلق الحملة من عدمها، بل الرأي لأهل الاختصاص والخبرة، والمسؤولية كاملة يتحملها وزير الصحة اولا ووزير العدل في المقام الثاني بوصفهما مسؤولين عن صحة وأمن المواطن..