أخيرا يمكن القول إن كابوس البطالة الذي غيم على الجزائر لسنوات طويلة بدأ يعرف طريقه نحو الانقشاع وربما بشكل جذري، بعد أن استيقظ الشباب الجزائري على استحداث أكثر من 786,363 منصب عمل حسب الإحصاءات الرسمية التي صرحت بها وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، والتي جاءت تدريجيا إلى غاية نهاية ديسمبر ,2008 وذلك في إطار مختلف إجراءات ترقية التشغيل والاندماج الاجتماعي التي اعتمدتها الدولة في السنوات الأربع الماضية. عملت مختلف الأجهزة المتعلقة باستحداث مناصب شغل التي وضعتها الدولة على توفير 3,5 مليون منصب شغل خلال الفترة الممتدة بين 1999 و2008 في الإطار الموحد الذي رسمته الدولة لنفسها في إطار مختلف الأجهزة المكلفة بخلق مناصب شغل والقضاء على البطالة في الأوساط الشبابية بصفة خاصة .هذا وقد تم خلق حوالي 5000 منصب شغل و1799 شركة في الجزائر منذ النصف الثاني من 2004 إلى غاية بداية العام 2006 من قبل الصندوق الوطني للتأمين على البطالة في إطار برنامج إيجاد العمل للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 35 و50 سنة .وينتظر استحداث 3 ملايين منصب شغل جديدة في الفترة الممتدة بين 2009 و2013 وذلك في إطار السياسات المتخذة من طرف الدولة لترقية عالم الشغل. نسبة البطالة تراجعت عن معدل 8,11 خلال سنة 2008 تراجعت نسبة البطالة بالجزائر عن معدل 8,11 خلال سنة 2008 وهي النسبة التي تم تسجيلها خلال سنة .2007 ويرجع ذلك استنادا إلى تصريح سابق لوزير العمل والضمان الاجتماعي إلى الغلاف المالي الذي خصصته الحكومة لتمويل مشاريع البنية التحتية للاقتصاد والمقدر ب 150 مليار دولار، وكذا إلى مختلف السياسيات المتبعة في قطاع العمل والتشغيل وهي تشجيع الاستثمار، التكوين وتشجيع المقاولة وإنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وهذا ما سمح بتراجع نسبة البطالة في الجزائر إلى النصف خلال السنوات الخمس الماضية، إذ سجلت الأرقام الرسمية لسنة 2005 نسبة 3,15 مقابل 5,29 سنة .2000 وكما توقع وزير العمل والضمان الاجتماعي الطيب لوح في تصريح سابق له، فقد تواصل هذا التراجع ليقترب من النسبة التي سبق وأن أعلن عنها أي في حدود ال 10 بحلول سنة .2008 ويرجع ذلك طبعا إلى تضافر الجهود وعدة عوامل أخرى كعودة الاستقرار والأمن إلى البلاد، وإلى الإصلاحات الاقتصادية، والانفتاح الذي شجع الاستثمار الوطني والأجنبي في مختلف النشاطات الاقتصادية والتجارية. ومثل هذه الإحصاءات التي تدعو إلى التفاؤل والتي أعلن عنها رسميا في إطار تدشين رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الصالون الدولي للتشغيل 2009 بقصر المعارض بالصنوبر البحري، كانت متوقعة، حيث إن القاضي الأول للبلاد جعل ملف البطالة على رأس أولوياته خلال عهدته الثانية إذ وعد بتوفير مليوني وظيفة جديدة إثر انتخابه للفترة الثانية. وكانت انشغالات الشباب على رأس أولويات عمله خلال السنوات الأربع الماضية وتم في هذا الإطار تبني إستراتيجية جديدة للتكفل بالشباب لاسيما في مجال التشغيل، ومكنت الإجراءات الملموسة المتخذة لصالحهم من تقليص نسبة البطالة - حسب الأرقام الرسمية - إلى حدود 11,8 %. وخلال هذه السنوات الأربع تحولت الجزائر إلى ورشة مفتوحة لمشاريع كبرى شملت كل مجالات التنمية في إطار برنامج دعم النمو الاقتصادي والبرنامج المكمل له الخاص بتنمية مناطق الهضاب العليا والجنوب، وهما البرنامجان اللذان رصد لهما أكثر من 160 مليار دولار. التضامن... شق آخر من سياسة الدولة في القضاء على الفقر اتبعت الحكومة برنامج نظام الشبكة الاجتماعية لمساعدة المعوزين بمنح شهرية أو نفقات شهر رمضان أو المنح المدرسية والحقائب والأدوات في بداية العام الدراسي، أو منحة البطالة. ويهدف ذلك إلى تخفيف الآثار الظرفية للإصلاحات، إذ تعد قفة رمضان واحدة من أهم المساعدات التي تقدم للعائلات الفقيرة والمعوزة خلال رمضان، بمساهمة العديد من الهيئات كوزارة التضامن الوطني والكشافة الإسلامية والبلديات والجمعيات.. بالإضافة إلى التكفل بالفئات الهشة في المجتمع كالمعاقين والطفولة والمسعفة وغيرها والتي تتحمل الدولة تبعاتها على عاتقها في نفس الإطار، وهو محاصرة الفقر في البلاد والتقليص من معاناة الفئات الهشة.