بقلم الدكتور قادة جليد أستاذ جامعي وباحث أكاديمي لا يزال المغرب أسيرا لعقده التاريخية وأحقاده الماضية ضد جيرانه في منطقة المغرب العربي، كما لايزال أسيرا لمخططاته التوسعية والاستعمارية واستهداف كل الدول التي تناهض أجنداته السياسية الخرافية، ولا شك أن التكالب المسعور الأخير لوسائل الإعلام المغربية ضد الجزائر بقيادة حكومة العدالة والتنمية الإسلاموية يدل على التخبط الكبير الذي يعيشه المغرب على المستوى الإقليمي والدولي، إن على الصعيد الدبلوماسي الخارجي أو على الصعيد المحلي الداخلي.
* على الصعيد الدبلوماسي الخارجي: – تحاول وسائل الإعلام المغربية تنفيذا لإرادة القصر الملكي وتوجهات الحكومة أن تسوق للرأي العام المحلي والدولي أن رجوع المغرب للاتحاد الإفريقي هو انتصار تاريخي وفتح دبلوماسي، ولكنه في حقيقة الأمر ومن وجهة نظر قانونية انتصار للقضية الصحراوية والشعب الصحراوي، باعتبار أن الدولة الصحراوية هي عضو مؤسس في الاتحاد الإفريقي، وباتالي يعتبر اعتراف ضمني بالدولة الصحراوية.
– إن نجاح الدبلوماسية الجزائرية في ترتيب البيت الإفريقي وفق مقاربة موضوعية لحل الأزمات مع ميل جميع الأطراف المتنازعة لهذه المقاربة التي تعتمد على الطرائق السلمية ومبدأ الحوار وإشراك الجميع لفض النزاعات سواء في مالي أو في ليبيا أزعج نظام المخزن المغربي الذي يريد من منطلق أحقاده التاريخية ضد الجزائر أن يكون الدولة المحورية في المغرب العربي وشمال إفريقيا. – الإنتصار الدبلوماسي للقضية الصحراوية في المحافل الدولية باعتبارها قضية تصفية إستعمار، وبالتالي حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة مع تأكيد الهيئات القانونية والحقوقية الدولية بأنه لا سيادة قانونية للمغرب على الصحراء الغربية. – إن انحياز فرنسا للمغرب في سياسته الإستعمارية في الصحراء الغربية هو خيانة فرنسا لمبادئ ثورتها التاريخية التي تفتخر بها أمام العالم والقائمة على مبادئ الحرية والعدالة والمساواة، كما أن مواقفها السياسية المخجلة في هذه القضية هو خيانة لمبادئ حقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها والعيش بحرية وكرامة وفق لمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
* على الصعيد المحلي الداخلي: تحاول وسائل الإعلام المغربية وكل الطبقة السياسية في المغرب تصوير الجزائر على أنها العدو الأول للمغرب، ولقد عملت منذ عقود طويلة على ترسيخ هذه الفكرة لدى مواطنيها وترجمتها فعليا على المستوى السياسي والإعلامي، وهذا كله من أجل التغطية على المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المجتمع المغربي، فلا زالت ظروف العيش هناك تشبه طريقة العيش في القرون الوسطى، سواء في قطاع السكن والتعليم والصحة والشغل، وبالتالي فإن كل المؤشرات الاجتماعية في المغرب تدل على درجة كبيرة من الإحتقان والشعور العميق بالتهميش والفوارق الطبقية الرهيبة في مملكة أمير المؤمنين، ومن أجل تلافي الإنتفاضات والثورات والسخط الشعبي، فلابد من تخويف المجتمع بالعدو الخارجي حتى ينسى المغاربة همومهم ومشاكلهم وينساقون وراء الدعاية المغربية للتجند ضد أعداء الوحدة الترابية أو بالأحرى أعداء خرافة الوحدة الترابية، ومن هنا نستنتج أن أحقاد المغرب ضد الجزائر وسياسته العدوانية لا يمكن أن تنتهي اليوم أو غدا، فهذه الأحقاد لها أبعاد تاريخية عميقة قائمة على المنافسة والحقد الدفين والغيرة والحسد، فكل نجاحات الجزائر هي إخفاقات بالنسبة للنظام المخزن المغربي، هكذا يفكر هذا النظام وهذه هي طريقة تفكيره وهو بسلوكاته العدوانية والاستعمارية حليف للكيان الصهيوني الغاشم باعتبارهما دولتان إستعماريتان بإمتياز ويعتمدان نفس المنهج السياسي، أي التهديد بالعدو الخارجي لتهدئة الأوضاع الداخلية ولجم الاحتجاجات وتلقي الدعم المالي والإمتيازات من الخارج وافتعال المشاكل الوهمية مع دول الجوار، ولكن التاريخ يثبت ومن خلال دوراته المتلاحقة أن الشعوب في لحظة الصفاء واليقين تغيير مصيرها، وهو حالة الشعب الصحراوي والفلسطيني الذين يعيشون يقينا راسخا بعدالة قضيتهم وينتظرون فقط إستجابة القدر لأنهم شعب أراد الحياة،وإن غدا لناظره لقريب.