– مصيطفى: القاعدة يجب أن تسير وفق ثلاثة مستويات..منطقة تطبيق، المنطقة الحمراء والرمادية – سراي: القاعدة 49/51 تحافظ على الثروات الوطنية من العبث – ناصر: قاعدة الاستثمار المعمول بها عرقلت عجلة الاقتصاد الوطني – هارون: تقلل من جاذبية المستثمر الأجنبي وصف مجموعة من المحللين الاقتصاديين القاعدة 51 /49 التي اعتمدتها الجزائر، في مجال الاستثمار الخارجي، والتي تنص على امتلاك الشريك الاقتصادي الجزائري لأغلبية الأسهم، بالمجحفة وحجر عثرة أمام الاستثمار الأجنبي، ومنهم من أكد أنها تدخل ضمن السيادة الوطنية على الثروات العمومية وعليه فالتعامل بها أضحى أمرا حتميا، فما هو أثر هذه القاعدة على الاقتصاد الوطني، وهل يجب تعميمها على جميع القطاعات الاقتصادية؟؟.
وفي هذا الصدد، أكد الخبير الاقتصادي سليمان ناصر أن أكبر معيق لتحريك قاعدة الاستثمار الأجنبي في الجزائر، تكمن في القاعدة 49/51، لأن المستثمر الأجنبي، يقول سليمان يعلم أنه وفق هذه القاعدة ستكون معظم الأسهم في يد الشريك الجزائري، ويعرف أن مشكلة المؤسسات الجزائرية هي سوء التسيير، وبالتالي فإنه في الجمعية العامة للمساهمين لا يستطيع أن يغير من سياسة الشركة لأنه لا يملك أغلبية الأسهم وبالتالي أغلبية الأصوات، ونتيجة لذلك يضيف سليمان فإن حجم الاستثمار الأجنبي في الجزائر في تراجع مستمر، وأصبح في 2016 لا يتجاوز 1.5 مليار دولار معظمه في قطاعين: المحروقات والاتصالات، وأن الدول يقول ناصر التي تطبق هذه القاعدة قد بلغت مستويات متقدمة من النمو مثل دول الخليج مثلاً، لكن الأمر بالنسبة لنا في الجزائر فهو مختلف تماماً، لأننا في حاجة ماسة إلى الاستثمار الأجنبي بعد أن عجز الرأسمال الوطني عن تحريك عجلة الاقتصاد، ويجب أن ننظر إلى الاستثمار الأجنبي من زواياه الإيجابية كرافد لخلق مناصب عمل، نقل التكنولوجيا … إلخ، ولا ننظر له من الجانب السلبي فقط، إلا أن الجزائر وبسبب تلك القاعدة فقد أضاعت استثمارات أجنبية هائلة، فُتح لها المجال في تونس والمغرب ومصر.
* جاذبية السوق الجزائرية للاستثمارات الأجنبية وفي السياق اختلف الدكتور عمر هارون خبير اقتصادي دولي، مع من يرى أن قاعدة 49/51 هي من قللت جاذبية السوق الجزائرية لجذب الاستثمارات الأجنبية، لأن المستثمر يبحث عن مصلحته والامتيازات الجبائية التي تمنحها الجزائر للمستثمرين الأجانب تعتبر الأحسن على المستوى الدولي يضاف إلى ذلك قلة التكاليف التشغيلية خاصة تكلفة الأرض والمواد الطاقوية واليد العاملة تغطي بشكل كبير أي ارتياب من القاعدة، وأضاف عمر يقول رغم ربط الكثيرين لتراجع الاستثمارات أو حتى ندرتها منذ صدور القانون في قانون المالية التكمليلي 2009 إلا أنني أرى أن المشكل الأكبر هو في صعوبة المناخ الاستثماري في المؤشرات العالمية حيث أن البنك الدولي يصنف المناخ الاستثماري الجزائري في المرتبة 163 من 184 حيث نحتل المرتية 145 في سهولة إنشاء المؤسسات والمرتبة 130 في الربط بالكهرباء وال 163 في تحويل ملكية الأراضي و174 في الحصول على القروض وهذا ما يعني أن أبرز المشاكل التي نعانيها مرتبطة بمناخنا الاستثماري الذي لا يزال وفق المؤشرات الدولية متخلف مقارنة بما هو مأمول وهذا راجع بالدرجة الأولى لعدم وجود آليات تنفيذية فعالية لسياسات فخامة رئيس الجمهورية. لكننا لمسنا تحولا معقولا مع قدوم حكومة السيد تبون والخطوات التي يقوم بها اليوم وزير الصناعة والمناجم الدكتور بدة محجوب وتتوجه في إعادة ترتيب البيت بعيدا عن سياسة البروباغندا الإعلامية التي انتهجت من قبل، ومع هذا علينا أن نشير لضرورة استثناء بعض المشاريع التي تندرج ضمن خانة المشاريع غير الاستراتيجية وهذا ما يستدعي إنشاء مدونة وطنية توضح المشاريع والقطاعات الاستراتيجة لاستثنائها وتفتح المجال أمام مشاريع صناعية تجارية أو خدماتية عادية تسمح فيها الحكومة بعدم تطبيق القاعدة الشهيرة. كما أن الانفتاح على إقامة شراكات مع خارج منطقة البحر الأبيض المتوسط تبقى ضرورة حتمية في المرحلة القادمة من حملات إعلامية كبرى تعرف بإمكانيات وامتيازات السوق الجزائرية وتشجع على الاستثمار فيها خاصة في قطاعات الخدمية على غرار المركبات السياحية والفندقة التي لا تحتاج لقاعدة مثل قاعدة 49/51. * الحفاظ على السيادة الوطنية للدولة من جهته قال الخبير الاقتصادي مبارك سراي إن قانون القاعدة 49/51 موقف وطني بحث، ويحافظ على السيادة الوطنية ويعطي للدولة الجزائرية حق الحفاظ على الثروات الوطنية، وتمنع اليد الأجنبية العبث بها، والتعدي عليها، وعليه يقول سراي إن كل ما يتعلق بالمشاريع ذات طابع استراتيجي والتي يجب أن تتحكم فيها الدولة وتخضع لقاعدة 51/ 49 منها قطاع المحروقات والأمن القومي، مع احترام ثقافة المواطن، من جهة أخرى يرى سراي أن المشاريع المتوسطة والصغيرة يجب أن لا تخضع لهذه القاعدة، وهي المشاريع التي يجب أن تبقى مفتوحة ولها مجال المناقشة، وعليه فالقانون الاستثمار الجديد يضيف المتحدث ذاته والذي تفضل بنفسه بتعديله بناء على طلب من الحكومة قد تم حذف هذه القاعدة فيما يتعلق بالاستثمار العام وذلك لتشجيع الاستثمار الأجنبي وهو ما يجسده قانون المالية 2017، وهذا المعطى الجديد مكن من استقطاب الاستثمار الأجنبي بالشكل الذي سيعطي دفعا للاقتصاد الوطني، وتبقى قاعدة 49/51 رؤية وطنية شاملة الغرض منها الحفاظ على الثروات الوطنية. وفي السياق نفسه، انتقد الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحمن مبتول، القاعدة التي اتخذتها الحكومة كمبدأ أكيد لتنظيم الاستثمار، هذه القاعدة التي تم المصادقة عليها سنة 2009 ، معتبرا إياها حجر عثرة أمام المستثمر الأجنبي الذي يريد الاستثمار في الجزائر، كما أن الحكومة يضيف ذات المتحدث لم تحدد قطاعا إستراتيجيا من الاستثمار غير الاستراتيجي، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الاستثمار الأجنبي قد عرف تراجعا رهيبا بسبب هذه القاعدة التي تعد عائقا أمام جلب الاستثمار، والدليل يقول مبتول أن العديد من المقاولين ورجال الأعمال في كل من فرنسا، واليابان وبلدان أخرى متخوفين من هذه القاعدة. * التركيز على القطاعات الإستراتيجية والحساسة فقط من جهته أشار الخبير الاقتصادي الدكتور بشير مصيطفى أن العديد من الدول ومنها دول الخليج التي تفرض قيودا فيما يتعلق بالاستثمار الأجنبي، والمتمثل في نظام الكفيل، ونظام الكفيل عبارة عن مجموعة شاملة من القوانين واللوائح الإدارية والمعايير والممارسات العرفية التي تنظم هجرة اليد العاملة في بلدان عربية وبموجب نظام الكفالة يرتبط العامل المهاجر بكفيله طوال فترة العقد في كل ما يتعلق بشؤون هجرته ووضعه القانوني، بحيث لا يتمكن العامل المهاجر من دخول البلد أو الاستقالة من العمل أو الانتقال إلى عمل آخر أو في بعض الحالات مغادرة البلد دون إذن صريح مسبق من صاحب العمل، وعليه فقاعدة الاستثمار المعمول بها في الجزائر والمحددة ب 49/51 يقول مصيطفى غير مطبقة على جميع القطاعات بل تخص فقط القطاعات الاستراتيجية والحساسة مثل قطاع المحروقات والطاقات المتجددة وتلك المتعلقة بالأمن الغذائي، بينما باقي القطاعات الأخرى مثل مقاولة البناء، لابد أن تبقى حرة لأنها تعد من الروافد الهامة لدر الأموال إلى الخزينة العمومية، في حين هناك مشاريع أخرى لا يجب الحسم فيها، بل تحتاج إلى مفاوضات بعد دراسة المشروع والجدوى، وعليه فنظام العمل بقاعدة 51 /49 يجب أن تسير وفق ثلاثة مستويات وهي منطقة تطبيق، المنطقة الحمراء، والمنطقة الرمادية. استطلاع: نصيرة سيد علي