مع إعلان الوزير الأول أحمد أويحيي عن فرض ضرائب على أصحاب الثروة الذين يشكلون 10 بالمائة من المواطنين، تظهر للعلن تحديات جمة تواجهها الحكومة في هذا الإطار في ظل غياب الآليات السانحة لتحديد الأشخاص وحجم ثروتهم، وما يزيد من صعوبتها أن طبيعة الاقتصاد الجزائري نصفه موازي ، وقد أبدى بعض الخبراء الاقتصاديين تأييدهم لهذا الإجراء لما يحققه من عدالة ومساواة ضريبية من جهة ومصدر ثالث لتمويل الخزينة العمومية من جهة أخرى، فيما اعتبره آخرون أنه يعتبر بمثابة عقاب ينفر الجزائريين من قطاع الأعمال. في السياق، كشف الخبير الاقتصادي فارس مسدور أن عدد أغنياء الجزائر من الحجم الكبير يفوق 10 ألاف مليار دير جزائري، يصنف بعضهم تصنيفا عالميا، حسب تقرير رسمي نشر منتصف العشرية الأخيرة، لافتا إلى أن العدد مؤهل للارتفاع إذا تم إحصاء الأشخاص الذين يرفضون التصريح بثروتهم، وأكد فارس مسدور في حديثه ل "الحوار"، أن قرار الحكومة الأخيرة بفرض الضريبة يعمل على تنفير الجزائريين من مجال الأعمال ومعاقبة لأثرياء الجزائر، مقترحا التأسيس الإداري المحكم لركن الزكاة التي تعتبر أكثر بركة وتساهم بشكل كبير في ميزانية الدولة بنسبة يصل إلى 30 بالمائة، عكس الطريقة الشعبوية الموجودة حاليا، داعيا أيضا الأثرياء بدفع طوعي للزكاة لإنقاض حجم كبير من الفقراء بزكاة الجزائريين التي تتجاوز 3,5 مليار دولار. وحول الآليات قال الخبير الاقتصادي إن الحكومة ستتجهإعلى الاعتماد على المظاهر أو مؤشرات الثروة من مؤسسات كبرى وعقارات وسيارات ويختات كما كان معمولا بها، ناهيك عن استمارة يملؤها أصحاب الثروة طواعية او عن طريق مفتشين. ونفى ذات المتحدث عن مساهمة كبيرة لهذه الضريبة في انعاش الخزينة العمومية، متسائلا حول قدرة 0,5 بالمائة للتخفيف عن الخزينة، مضيفا بالقول: "منذ التسعينات كانت الضريبة موجودة نسبتها من 0,5 إلى 1,5 في المائة وفق سلم تصاعدي يبدأ بمليون دينار لكنها كانت هامشية لأن فرضها لم يكن مبررا". من جهته، قال الخبير الاقتصادي ناصر سلمان إن الحكومة أمام تحد كبير وصعب ناجم عن صعوبة إيجاد آليات تسمح بمعرفة أصحاب الثروة وحجمها: "الحكومة لجأت إلى هذا الإجراء لفرض الضريبة على الثروة، ولكن تحقيق هذا الأمر صعب، بل تحد حقيقي بالنسبة للحكومة لصعوبة تحديد من هو الغني الذي يخضع للضريبة"، معتبرا أن الصعوبة لا تكمن في استكناز السيولة وسحبها من البنوك فحسب، بل تكمن في التهرب الضريبي في أنواع الثروة الأخرى من عقارات وسكنات وأسهم في الشركات وغيرها من الأنواع، التي يلجأ أصحابها إلى تسميتها على آخرين حتى لا تتمكن الاستعلامات من معرفة حجم الثروة الحقيقي لهم. وأكد ناصر سلمان في حديثه ل "الحوار"، أن المعلومات المسربة أشارت إلى أن السقف الأدنى لمبلغ الضريبة يبدأ من خمسة ملايير سنتيم من حيث الوعاء، ومن حيث النسبة من 1 إلى 3,5 بالمائة من الثروة، مبديا تأييده الكامل لهذا لقرار الذي سبق المطالبة به من طرف الخبراء، مضيف بالقول: "من حيث المبدأ استبشرت خيرا ونؤيد هذا الإجراء، فنحن اقترحناه منذ السنة الماضية على البرلمانيين وتم طرحه للمناقشة في البرلمان مع قانون المالية لسنة 2016، إلا أن وزير المالية وقتها قال إن الأمر صعب ولم يبد أي تحمس تجاه هذا الاقتراح". ودعا إلى ترك الحكومة لفرض هذا القرار في قانون المالية 2018، فيما يبقى معرفة ما له من تداعيات إيجابية وسلبية من خلال التجربة مع تطبيقه في الميدان. في السياق ذاته، اعتبر الخبير الاقتصادي كمال رزيق، أن قرار فرض الضريبة على الثروة ايجابي، كونه يحقق العدالة والمساواة فيها، حيث يتحمل أصحاب الثروة الأعباء المالية على "الزوالية"، إذ يعتبر هذا مصدرا ثالثا لتمويل الخزينة العمومية التي تعاني اليوم من نقص فادح في السيولة المالية. وحول آليات معرفة أصحاب وحجم الثروة، يرى كمال رزيق أن ايجاد قاعدة معلوماتية مالية واقتصادية هي الصيغة الكفيلة بمعرفة حجمها، كاشفا عن أن حجم أصحاب الثروة يصل إلى 300 ألف خاضع للضريبة على الأقل، فيما يبلغ عددها حاليا 50 ألف خاضع. أم الخير حميدي